ترامب يناور بمادة عمرها 63 عاما لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي

يري خبراء اقتصاد فرنسيون أن خطوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بإعادة تفعيل المادة 232 من قانون التوسع التجاري الأمريكي لعام 1962، ليست مجرد إجراء جمركي، بل محاولة متقدمة لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي عبر بوابة الأمن القومي.
من جانبه، يرى الباحث جان-ميشيل نودان، الخبير في الشؤون الاقتصادية الدولية في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS) لـ"العين الإخبارية"، أن "ترامب لا يستخدم الرسوم الجمركية لأغراض اقتصادية فحسب، بل يتعامل معها كأداة ضغط جيوسياسية، تسمح له باستعادة السيطرة على مفاصل الاقتصاد الاستراتيجي الأمريكي من خلال تبريرات أمنية".
وأضاف: "هذه العودة إلى المادة 232 هي وسيلة لفرض إرادته خارج إطار الكونغرس، وهو ما يفتح الباب لتغيير عميق في مفهوم السيادة الاقتصادية داخل الولايات المتحدة".
أما كلير دولابورتري، الباحثة في مركز دراسات المستقبل الاقتصادي في باريس، فتعتبر في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن "ترامب يلعب بورقة القوة في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية حول المواد الخام النادرة، موضحة أن المادة 232 تتيح له التقدم كمدافع عن المصالح القومية، لكنها تضع في الوقت نفسه النظام التجاري الدولي على حافة أزمة طويلة الأمد".
كما رأت أنه لزيادة الرسوم الجمركية على بعض المنتجات المستوردة من دون الحاجة للحصول على موافقة الكونغرس، لجأ ترامب إلى المادة 232، موضحة أنها تدبير طارئ قد يمنحه صلاحيات استثنائية كانت حتى الآن من اختصاص السلطة التشريعية.
وأشارت دولابروتري إلي أن هذه ليست المرة الأولى التي يستند فيها ترامب إلى نص قانوني يُعدّ الوحيد تقريبًا الذي يستغله.
وفي يوم الثلاثاء، أعلن البيت الأبيض أن ترامب يستند إلى "المادة 232" بشأن واردات المعادن الاستراتيجية ومنتجاتها المشتقة. وكان قد فعل الشيء نفسه في اليوم السابق، مستهدفًا المنتجات الصيدلانية وأشباه الموصلات.
وتنص هذه الفقرة من قانون التوسع التجاري لعام 1962 على أن للرئيس الأمريكي صلاحية فرض رسوم جمركية على منتج مستورد دون الرجوع إلى الكونغرس، في حال خلصت وزارة التجارة، بعد تحقيق، إلى أن تلك الواردات تتم "بكميات أو في ظروف تهدد أو تضرّ بالأمن القومي للولايات المتحدة".
هذه العملية تستند إلى قانون 1962، الذي لم يكن يُستخدم تقريبًا حتى جاء ترامب، والذي لجأ إليه في ولايته الأولى لتبرير فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم. وقد عاد مؤخرًا لاستخدامه منتصف مارس لفرض رسوم بنسبة 25% على الفولاذ والألمنيوم وكذلك قطاع السيارات.
جعل دونالد ترامب من الرسوم الجمركية حجر الزاوية في سياسته الاقتصادية، مستخدمًا إياها كأداة دبلوماسية للحصول على تنازلات من الدول الأخرى.
وكان ترامب قد أطلق تحقيقًا حول "تأثير واردات المعادن الحيوية على الأمن القومي"، بما في ذلك "المنتجات المشتقة" منها، مثل الهواتف الذكية والمركبات الكهربائية.
ويمثل هذا التحقيق خطوة أولى من شأنها تمهيد الطريق أمام ترامب لإصدار مرسوم رئاسي بفرض رسوم جمركية جديدة على هذه المنتجات، في حال ثبت أن حجم الواردات يشكل تهديدًا على الأمن القومي الأمريكي.
المعادن المستهدفة
تشمل الواردات قيد التحقيق المعادن المصنفة على أنها "حيوية"، مثل الكوبالت، الليثيوم، النيكل، والعناصر الأرضية النادرة، بالإضافة إلى المنتجات التي تتطلب استخدامها في عمليات التصنيع، كالبطاريات، الهواتف، السيارات الكهربائية، ومولدات طاقة الرياح.
ووفقًا لمرسوم نُشر يوم الثلاثاء عن البيت الأبيض، فإن الصناعة الأمريكية "تعتمد بشكل كبير على مصادر أجنبية"، وهي "عرضة لاضطرابات خطيرة ودائمة" في سلاسل التوريد الخاصة بالمعادن.
aXA6IDMuMTM1LjY0LjkyIA==
جزيرة ام اند امز