بخطة بلا تفاصيل في أوكرانيا.. ترامب يعبد طريق العودة
في محاولة من الرئيس الأمريكي السابق لتعزيز فرصه في الفوز برئاسة الولايات المتحدة مجددًا، دخل دونالد ترامب على خطط الأزمات الدولية التي اندلعت في فترة رئاسة جو بايدن، بخطط يراها حلولا ناجعة لتبريد تلك الحروب.
إحدى تلك الأزمات كانت الحرب الأوكرانية، التي قال عنها دونالد ترامب، إن لديه «خطة سرية» لإيقاف المدافع على أراضي كييف، فيما تشير تقارير إلى أن ترامب استمر في التواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد مغادرته المنصب، ما قد يضفي أهمية على ما يروج له.
وتمضي الحرب الروسية-الأوكرانية إلى عامها الثالث وسط تصاعد القتال بين طرفي الصراع، دون بوادر في الأفق حول تسوية الصراع. وتطورت مراحل الحرب مع استخدام تقنيات جديدة، مثل الطائرات المسيرة والأسلحة الحديثة، ما أسهم في تفاقم الأوضاع الإنسانية في مناطق الصراع.
وبحسب «ذا ناشيونال إنترست»، فإن أي خطة يقدم عليها ترامب لن تنجح، إلا إذا أُجبرت الولايات المتحدة كييف، على تقديم تنازلات أحادية الجانب إلى روسيا، إلا أن ذلك يتجاهل سؤالًا مهمًا: هل ستقبل موسكو صفقة ترامب؟
ووفق الموقع الأمريكي، فإن ترامب عندما تولى رئاسة أمريكا في 2017، سعى لإثبات قدرته على مواجهة تهديدات الصين وإيران وكوريا الشمالية، والخروج من هذه المواجهات منتصرا.
ويشير إلى أن ترامب استخدم في سبيل تحقيق ذلك مزيجا متنوعا من المدح والتهديد، لإعادة توصيف العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا، وإعادة التوازن في العلاقة التجارية مع الصين، وإقناع قادة إيران بالتخلي عن برنامجهم النووي، وتقليص تطوير الأسلحة النووية في كوريا الشمالية، بالإضافة لاتفاق السلام مع حكومة طالبان، والذي أنهى الحرب الأمريكية بشكل كبير في أفغانستان، حسب الموقع الأمريكي.
مقاربة ترامب
وفيما يتعلق بمن ينتقدون ادعاءات ترامب بشأن قدرته على تسوية الحرب، فإن هؤلاء بحسب الموقع الأمريكي، يركزون على احتمال أن تكون استراتيجيته في التفاوض مشابهة لمفاوضات إدارته من قبل مع طالبان «نفوذ أمريكي ضعيف، تنازلات كبيرة، نتيجة سيئة»، أو مع الصين (شريك غير موثوق يوقع اتفاقًا ثم يتراجع عن التزاماته).
لكن ماذا لو كانت مقاربة ترامب تتبع بدلاً من ذلك مسار جهوده السابقة في إبرام الصفقات مع موسكو، أو على العكس، منهجه تجاه طهران أو بيونغ يانغ؟
في جهوده السابقة للتواصل مع فلاديمير بوتين، بدا أن ترامب لم يفهم ما يريده من يقفون بجانبه (منظمات محلية وحلفاء الولايات المتحدة) أو ما يريده بوتين، مما أدى إلى محاولات داخلية لتقويض نهجه، بما في ذلك تدخلات من الكونغرس، وتسريبات، وتحقيقات، فضلاً عن مقاومة من حلفاء الولايات المتحدة.
في الوقت نفسه، لم يحقق ترامب أي تقدم مع بوتين، الذي رأى أن موسكو لن تستفيد كثيرًا من التواصل معه، حسب «ناشيونال إنترست».
مشكلة ترامب
ويحدد الموقع الأمريكي جوهر مشكلة ترامب، في كون التفاوض على الاتفاقات الدولية الكبرى، يختلف عن تجربته في إبرام صفقات في أعماله الخاصة، فالأخير يعد أقل تطبيقًا في الدبلوماسية مما يعتقد، خاصة أن المفاوضات الدولية الكبرى تتضمن زوايا ومصالح أكبر بكثير، وانهيارها يترتب عليه تكاليف أعلى بكثير.
كما أن هذه الصفقات الكبرى نادرة جدًا، وإذا لم تنجح في المرة الأولى قد لا تتوفر الظروف اللازمة مرة أخرى، حسب «ناشيونال إنترست»، مما يطرح أسئلة مركزية لم يسألها الكثيرون: ما هي صفقة ترامب؟ بشكل أدق، بما أن الرئيس السابق يبدو غير مهتم باستقلال أوكرانيا أو سلامتها الإقليمية، فما الذي يتوقعه من بوتين في مقابل ذلك، لماذا يعتقد أن بوتين سيوافق؟
ويقول «ذا ناشيونال إنترست»، إن ترامب لن يفوز بجائزة نوبل للسلام أو يحصل على مدح من أي شخص بخلاف داعميه الأكثر ولاءً إذا سلم أوكرانيا لروسيا دون الحصول على شيء في المقابل.
ووفق الموقع الأمريكي، فإن خطط ترامب لإيقاف الحرب الروسية-الأوكرانية غير واضحة، ومع ذلك كشفت جهوده خلال ولايته الأولى شيئًا عن أولوياته، التي تتمثل في التنافس مع الصين ومعالجة المخاطر النووية التي تشكلها كوريا الشمالية، وإيران على أمريكا وحلفائها.
الخطاب الانتخابي
واعتبر الموقع الأمريكي أن استعداد بوتين للمساعدة في ذلك "أقل وضوحا"، مشيرًا إلى أنه إذا كان ترامب قد ناقش هذا مع بوتين، وهو ادعاء يفتقد للدليل، فإن ذلك يعني أن لديه أسبابا منطقية للاعتقاد بأن الرئيس الروسي مستعد للتفاوض.
وتساءل الموقع الأمريكي: وإذا لم يفعل؟ فلماذا يعتقد أن بوتين يمكن أن يوافق؟ خاصة أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية «صبّت الماء البارد» على فكرة صفقة سلام سريعة خلال الصيف الماضي، حينما قالت إنه «من الضروري فصل الخطاب الانتخابي عن تصريحات المسؤولين الحكوميين المخولين (..) لنكن واقعيين».
لكن إذا اعتبر ترامب أن نجاح هذه الصفقة جائز، فما هي الآليات التي سيضعها لضمان عدم تغيير موسكو مسارها لاحقًا؟ هل سيوافق بوتين على صفقة دون أن ترفع الكونغرس العقوبات؟ هل يمكن لترامب الحصول على دعم مجلس الشيوخ والنواب لذلك؟ وأخيرا ماذا ستفعل أوكرانيا وحلفاء أمريكا في الناتو أثناء ذلك؟ تساءل الموقع الأمريكي.
تفاصيل غائبة
وتابع: «بينما وضع مسؤولو ترامب استراتيجية محتملة، تظل التفاصيل الحاسمة غير موجودة».
واختتم الموقع الأمريكي تقريره، قائلا: «إذا كانت هذه التفاصيل موجودة في ذهن ترامب، أو في عقول مستشاريه الرئيسيين، وإذا كان لديهم أسباب قوية للاعتقاد بأن بوتين سيوافق، فقد يتمكن ترامب من توقيع اتفاق مع نظيره الروسي بنجاح».
لكن إذا لم يكن الأمر كذلك -وهو ما يبدو أكثر احتمالًا-، فقد تشهد واشنطن محاولة فاشلة للتواصل مع بوتين، خاصة في ظل التهديدات بمنح أوكرانيا «أكثر مما حصلت عليه» في السابق.