«الألغام البحرية».. «وحش» ألقته حرب أوكرانيا في البحر الأسود
يظل التهديد الصامت حاليا في البحر الأسود هو العدد الكبير غير المعروف من الألغام البحرية التي زرعتها كل من أوكرانيا وروسيا.
وأصبحت مواقع الألغام التي ستبقى مصدرا للتهديد حتى بعد انتهاء حرب أوكرانيا، سؤالا مفتوحا حيث تشير عدة حوادث إلى انجراف بعض الألغام، وذلك وفقا لما ذكره موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي.
وعززت التدريبات المشتركة الأخيرة بين الولايات المتحدة وشركاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" قبالة سواحل بلغاريا هذه القضية، إذ رصدت طائرات استطلاعات أكثر من 100 لغم في البحر الأسود، وقال قائد الأسطول السادس الأمريكي نائب الأدميرال توماس إيشي إن 5 سفن على الأقل تأثرت بتلك الألغام.
ويعد إبقاء الممرات البحرية خالية من الألغام أمرا بالغ الأهمية بالنسبة لقدرة أوكرانيا على تصدير الحبوب، ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قالت كييف إن سفينة شحن ترفع علم بنما ضربت بلغم، مما أدى إلى إصابة شخصين.
وفي 13 أغسطس/آب الماضي، انجرفت الألغام إلى شواطئ البحر الأسود بعيدًا عن المياه الإقليمية لأوكرانيا حيث أجرت السلطات الرومانية تفجيرًا متحكمًا للغم في منطقة محمية على نهر الدانوب.
وتشكل الألغام تهديدًا لسكان السواحل والبحارة في البحر الأسود، كما تهدد اقتصادات المنطقة وشحنات الحبوب، ولا يزال من غير الواضح عدد الألغام المتبقية هناك، ولا أحد يعرف المدة التي ستستغرقها عملية التطهير.
وفي تصريحات لـ"بيزنس إنسايدر"، قال أرلو أبراهامسون، رئيس الشؤون العامة في القيادة البحرية لحلف شمال الأطلسي إنه "لا يزال خطر الألغام في البحر الأسود قائما".
وقال ستيف هوريل، وهو ضابط استخبارات البحرية السابق وزميل الدفاع البارز في مركز تحليل السياسات الأوروبية، إن أعمال إزالة الألغام الأرضية بطيئة، أما إزالة الألغام البحرية فأبطأ.
وأوضح أن تعبير "إزالة الألغام غير دقيق عند الحديث عن الألغام البحرية"، والأدق هو تعبير "تدابير مكافحة الألغام" الذي يعد شهادة على مدى صعوبة ضمان عدم وجود متفجرات لا تزال كامنة في مكان ما.
وبينما تركز جهود إزالة الألغام الأرضية على مستوى واحد غير عميق، يمتد البحث لعمق كبير ونطاق واسع تحت الماء.
وتميل الألغام الأرضية للبقاء في مكانها و"بمجرد انفجارها" يتم التأكد من تمشيط منطقة ما، لكن الأمر مختلف في البحر وفقا لهوريل، الذي قال يمكن أن ينجرف لغم جديد إلى المكان نفسه في اليوم التالي.
وبشكل عام، تعمل الألغام البحرية الحديثة بطريقتين هما مشغل مغناطيسي، أو مشغل حساس للضغط وفي الحالتين، لا يمكنك التحرك بسرعة لإزالتها.
ويعد البحث عن الألغام أمرا منهجيا وتقنيا وخطيرا، ويمكن للسفن أيضًا البحث عن الألغام البحرية باستخدام السونار أو الكشف المغناطيسي، ويمكن للمروحيات والمركبات عن بعد البحث عنها.
وفي حين كانت أوكرانيا تعاني من نقص في السفن، كان لديها مخزون كبير من الألغام البحرية من الحقبة السوفياتية.
وكانت روسيا أيضًا لديها الكثير من الألغام الاحتياطية، ومع تزايد الحوادث على طول السواحل الغربية للبحر الأسود في عام 2022، سرعان ما اتُهمت بزرعها.
ومن غير الواضح بالضبط عدد الألغام المزروعة، ففي البداية كانت التقديرات بالمئات، لكن أوكرانيا تتهم روسيا بإسقاط المزيد من الألغام جواً.
وفي مايو/أيار 2022، أرسلت المنظمة البحرية الدولية تحذيرًا بشأن "تهديد خطير وفوري لسلامة" السفن العاملة في البحر الأسود بسبب الألغام العائمة الحرة.
وفي عام 2023، أدى تدمير سد كاخوفكا وعاصفة شتوية عنيفة إلى إثارة المخاوف من أن الألغام الثابتة قد تنزاح بسبب الفيضانات، فيما اتهم هوريل روسيا بإضافة المزيد من الألغام للمياه في تلك الفترة.