ترامب وصراع الغرائز والنصائح.. من يقود السياسة الخارجية؟
قبل بدء ولاية دونالد ترامب الثانية، في يناير/كانون الثاني المقبل، اشتعلت الملفات الخارجية، مما طرح تساؤلات حول النهج الذي سيسلكه الرئيس الأمريكي المنتخب، وما إذا كان سيختلف عن ولايته الأولى أم لا؟
فبينما يشعر أصحاب التوجهات التقليدية بالارتياح لوجود مرشحين متشددين، مثل السيناتور ماركو روبيو كوزير للخارجية والنائب مايك والتز كمستشار للأمن القومي، معتقدين أنهم سيقدمون نصائح حكيمة عند مواجهة روسيا والصين.
في المقابل، يجد دعاة الانعزالية وأنصار شعار «اجعلوا أمريكا عظيمة مجددا» واليساريون بعض الطمأنينة في ترشيح شخصيات مثل النائبة السابقة تولسي غابارد، التي اختارها ترامب لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية، إذ يُتوقع أن تسهم في تشكيل سياسة تدفع الرئيس إلى سحب الموارد من المناطق التي لا تمثل مصالح حيوية للولايات المتحدة.
دروس من الماضي
إلا أنه بالنظر إلى الماضي -حيث ولاية ترامب الأولى- يمكن معرفة مؤشر ترمومتر الرئيس الأمريكي المنتخب، بحسب ديفيد ميلن أستاذ التاريخ الحديث في جامعة إيست أنجليا، الذي قال في مقال بمجلة فورين بوليسي الأمريكية، إنه لم يكن هناك تأثير كبير للمستشارين في فترة رئاسة ترامب الأولى، ومن غير المرجح أن تختلف ولايته الثانية.
وأوضح أستاذ التاريخ أنه في بعض الأحيان كانت تتقاطع غريزته مع نصائح مستشاريه، مثل تيلرسون في تحسين العلاقات مع السعودية أو جون بولتون في الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الذي تفاوضت عليه إدارة أوباما.
وأشار إلى أنه إذا كان هناك خيط مشترك في مذكرات فريق عمل ترامب خلال ولايته الأولى، فهو الإحباط من رئيس لم يكن يصغي ببساطة.
واستمر تيلرسون 13 شهرا فقط كوزير للخارجية قبل أن يُقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد تصادم ترامب وتيلرسون بشأن ملفات كوريا الشمالية، وروسيا، والصين، وإيران، واتفاقية باريس للمناخ.
وبعد الإقالة وصف ترامب تيلرسون بأنه «غبي كالصخرة»، قائلا إنه لم يكن كفؤا ولم يتمكن من التخلص منه بسرعة كافية، ورد تيلرسون بوصف ترامب بأنه «أحمق تماما».
أما إتش آر مكماستر فلم يسامحه ترامب على تصريحاته بأن روسيا تدخلت في انتخابات 2016، وعلق مكماستر على اجتماعات المكتب البيضاوي بأنها «تمارين على التملق التنافسي»، تعبيرا عن خيبة أمله.
أما جون بولتون، في كتابه لعام 2020، فوصف ترامب بأنه «لم يكن يتبع أي استراتيجية دولية كبرى، بل كانت قراراته كأرخبيل من النقاط المنفصلة، يترك للآخرين محاولة تشكيل السياسة».
ماذا عن فريق ترامب 2025؟
هل سيتمكن روبيو ووالتز وغابارد من تحقيق ما عجز عنه الآخرون؟ من الصعب تخيل توافق بين ترامب وروبيو، الذي يتبنى سياسة تدخلية تعارض بشكل جوهري رؤية ترامب الانعزالية.
أما غابارد فتميل إلى نهج «أمريكا أولا»، مع آراء تعارض التدخلات الخارجية بشكل واضح، لكن هذه الشخصيات البارزة قد تتسبب في جذب الانتباه بعيدا عن ترامب، وهو ما لا يتسامح معه بسهولة.
وبحسب أستاذ التاريخ فإنه بغض النظر عمن يشغل المناصب، يظل ترامب هو صانع القرار الوحيد في السياسة الخارجية، وتشير تجربته في ولايته الأولى إلى أنه لن يكون هناك مرشد حكيم مثل دين آتشسون أو هنري كيسنغر.
هل يتقاطع أي من الرؤساء السابقين مع ترامب؟
مثل رؤساء سابقين، كان لترامب دور مركزي في تحديد السياسة الخارجية، لكنه يختلف جذريا عن شخصيات مثل جون كينيدي أو رونالد ريغان أو باراك أوباما، الذين أظهروا قيادة متزنة واعتمدوا على فريقهم بشكل أفضل.
في النهاية، فإن أسلوب ترامب القائم على الصفقات والاهتمام بالمكاسب قصيرة الأجل يجعل من الصعب تصور استراتيجيات طويلة الأمد، ورغم ذلك فإنه يجب التركيز على ترامب نفسه أكثر من التركيز على فريقه المقترح، كما أشار جون بولتون حين قال إن ترامب يطالب بـ"الولاء المطلق"، وليس التعاون الحقيقي.
aXA6IDE4LjExNy4xNTguMTI0IA== جزيرة ام اند امز