فوضى في سلسلة التوريد.. «رسوم ترامب» تهدد مستهلكي أمريكا

يعتقد عدد من الخبراء أن الوضع الاقتصادي بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين قد يزداد سوءاً.
قال تقرير نشره موقع "بيزنس انسايدر" إن رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمركية بدأت بالفعل تُحدث فوضى في سلسلة التوريد، ويعتقد عدد من الخبراء أن الوضع قد يزداد سوءًا.
ونقل التقرير عن 9 من الباحثين في سلاسل التوريد، والمطلعين على صناعة الشحن، والمتخصصين في مجال اللوجستيات حول الإطار الزمني الذي قد يبدأ فيه المستهلكون بملاحظة التأثيرات الأبرز لسياسة ترامب التجارية "الانتقامية"، في حال استمر في استراتيجيته الحالية. واتفقوا على أنه، خلال الأسابيع المقبلة، يمكن للأمريكيين توقع اضطرابات كبيرة في أسعار وتوفر السلع -من المحتمل أن تكون رفوف المتاجر أكثر فراغًا، وسترتفع الأسعار، وقد تنفد بعض المنتجات أسرع من غيرها.
وإذا استمر الوضع على المسار الحالي، قال 4 من الخبراء إن تلك التأثيرات قد تتضاعف بحلول نهاية العام، مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة داخل الولايات المتحدة، وزعزعة الاستقرار في الأسواق العالمية، وزيادة التوترات الجيوسياسية.
انخفاض حجوزات الشحن البحري
وانخفضت حجوزات الشحن البحري بشكل كبير خلال الأسابيع التي تلت دخول رسوم ترامب الجمركية الواسعة النطاق حيز التنفيذ. وعلى الرغم من أن الرئيس أوقف، في 9 أبريل/نيسان، تطبيق الرسوم الأعلى على السلع القادمة من العديد من الدول لمدة 90 يومًا، إلا أن رسمه الجمركي الأساسي البالغ 10% على جميع الدول لا يزال ساريًا، وكذلك رسمه الجمركي البالغ 145% على السلع الصينية المستوردة. وخلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري، شهدت حجوزات حاويات الشحن البحري انخفاضًا حادًا عالميًا بنسبة تقارب 50%، وفقًا لبيانات من شركة "فيزيون" الرقمية للوجستيات. وتحديدًا، انخفضت الواردات إلى الولايات المتحدة بنسبة 64% مقارنة بالأسبوع السابق، بما في ذلك الواردات من الصين إلى الولايات المتحدة، التي تراجعت بنسبة 36%. كما انخفضت الصادرات من الولايات المتحدة بنسبة 30%، وفقًا لبيانات "فيزيون".
وقبل أن يتولى ترامب منصبه، ناهيك عن إعلانه أو تنفيذه لخطة الرسوم الجمركية، قامت العديد من الشركات الكبرى بجلب كميات إضافية من المخزون إلى الولايات المتحدة في محاولة للتخفيف من تأثير الرسوم الجمركية المحتملة، لكن هذا المخزون الاحتياطي سينفد -وقريبًا جدًا بحسب الخبراء.
موسم الواردات
وقال العديد من محللي سلاسل التوريد لـ "بيزنس إنسايدر" إن الفترة ما بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب تُعتبر، في الدورة التجارية المعتادة، موسمًا لوصول واردات نهاية العام إلى الموانئ الأمريكية -مثل مستلزمات العودة إلى المدارس، ومنتجات الخريف، وبضائع العطلات. لكن حجم الشحنات المتناقص، وزيادة إلغاء الحجوزات، يشير إلى أن هذه الدورة المعتادة قد تتعرض لاضطراب كبير. وقال رايان بيترسن، مؤسس ومدير شركة "فلكسبورت"، إنه إذا توصل ترامب إلى اتفاق لخفض الرسوم الجمركية في الوقت المناسب لاستعادة حجوزات الشحن قبل نفاد المخزون تمامًا، فإن تأثير ذلك على المستهلكين سيكون محدودًا. وحذر: "لكن إذا لم يكن هناك اتفاق، نعم، سيكون هناك نقص كبير.. وربما أسوأ من أي شيء شهدناه في حياتنا".
وقبل أيام، قال ترامب لمجلة "تايم" إنه يعتقد أن وصول الرسوم الجمركية إلى 50% خلال العام المقبل سيكون "نصرًا كاملًا".
وقال محللو سلاسل التوريد لـ"بيزنس إنسايدر" أن التأخير في التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين من شأنه أن يزيد الأمور سوءًا بالنسبة للمواطنين الأمريكيين. وقالت مارغريت كيد، الأستاذة المساعدة في تقنية سلاسل التوريد واللوجستيات بجامعة هيوستن، إن تقلبات سياسة ترامب الجمركية تتفاقم وفي النهاية يتحمل المستهلك الأمريكي العبء ويصبح الضحية الحقيقية لسياسات ترامب الجمركية"، مضيفة: "وقد يُعرف قريبًا بلقب ’الرئيس الذي ألغى عيد الميلاد.‘"
ثقة المستهلكين ومؤشرات التضخم
وتراجعت ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة للشهر الرابع على التوالي في أبريل/نيسان، وسط مخاوف متزايدة بشأن التأثير الاقتصادي للرسوم الجمركية. ونقل تقرير لوكالة رويترز عن استطلاعات جامعة ميشيغان للمستهلكين أمس الجمعة أن مؤشر ثقة المستهلك بلغ 52.2 نقطة هذا الشهر. وعلى الرغم من أن هذا يُعد تحسنًا مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 50.8 قبل أسبوعين، إلا أن المؤشر انخفض بشكل حاد مقارنة بـ57.0 في مارس/آذار. وقالت جوان هسو، مديرة استطلاعات جامعة ميشيغان للمستهلكين أن المستهلكين يرون مخاطر تطال جوانب متعددة من الاقتصاد، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية، واحتمال عودة التضخم بقوة في الفترة المقبلة.
وبالنسبة لتوقعات التضخم على مدى 12 شهرًا، فقد بلغت 6.5%، منخفضة من 6.7% في وقت سابق من هذا الشهر، لكنها لا تزال مرتفعة عن 5.0% المسجلة في مارس/آذار .
ورغم التراجع الطفيف، فإن توقعات التضخم لا تزال عند أعلى مستوياتها منذ عام 1981، كما أن شهر أبريل/نيسان يمثل الشهر الرابع على التوالي الذي ترتفع فيه التوقعات بمقدار 0.5 نقطة مئوية أو أكثر -وهو نمط غير معتاد ويعكس قلقًا متزايدًا.
وقالت هسو إن "تغيرت توقعات التضخم تماشيًا مع الإعلانات الكبرى المتعلقة بالسياسة التجارية هذا الشهر. فبعد التوقف الجزئي في زيادات الرسوم الجمركية في 9 أبريل/نيسان، تراجعت توقعات التضخم قليلًا، لكنها بقيت مرتفعة بشكل ملحوظ مقارنة بشهر مارس." وأضافت أن توقعات التضخم على المدى الطويل ارتفعت إلى 4.4% -وهي نفس النسبة التي سُجلت قبل أسبوعين، لكنها ارتفعت من 4.1% في مارس/آذار.
وقد تباطأ التضخم في أمريكا بأكثر من التوقعات في مارس/آذار، في وقت تأزمت فيه التوترات التجارية، واشتعلت المخاوف من زيادة الأسعار.
ووفقاً للبيانات الصادرة في 10 أبريل/نيسان الجاري، عن مكتب الإحصاءات الوطنية، تباطأ مؤشر أسعار المستهلكين في أمريكا إلى 2.4% الشهر الماضي على أساس سنوي، مقارنة بمعدل 2.8% في فبراير/شباط، ومقابل توقعات بـ2.5%.
وعلى أساس شهري، انكمش التضخم في أمريكا 0.1%، بعكس التوقعات بأن يرتفع 0.1%.
أما التضخم الأساسي، فقد ارتفع 2.8% على أساس سنوي في مارس/آذار، وهي أيضاً وتيرة أقل من التي توقعها المحللون بأن يرتفع 3%، ومقارنة بـ3.1% في الشهر السابق له.
ويعد نمو التضخم الأساسي في أمريكا الشهر الماضي، هو أقل وتيرة مسجلة منذ مارس/آذار 2021. فيما ارتفع التضخم الأساسي 0.1% على أساس شهري بأقل بنحو 0.1% من مستويات الشهر السابق له.
وساعد تراجع أسعار الطاقة في كبح التضخم، وسط تراجع أسعار الجازولين 6.3%، مما أدى إلى انخفاض مؤشر أسعار الطاقة الأوسع نطاقاً بنحو 2.4%.
على الجانب الآخر، قفزت أسعار الغذاء 0.4% على أساس شهري، وارتفعت أسعار البيض بنحو 5.9%، وبنحو 60.4% عن المستويات المسجلة قبل عام.
aXA6IDMuMTQzLjIxNC4xMDAg جزيرة ام اند امز