رسوم ترامب تُهدد مكانة «صُنع في فرنسا» بالأسواق الأمريكية

في خضم عودة التصعيد في الحرب التجارية، يلوّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيف الرسوم الجمركية مجدداً، مستهدفاً هذه المرة قلب الأناقة الفرنسية: قطاع الرفاهية.
من الشمبانيا الفاخرة إلى الحقائب الجلدية المصقولة، تواجه علامات مثل لوي فويتون وديور ومويت وشاندون تهديدًا مباشرًا قد يُربك استراتيجياتها ويقلّص حضورها في السوق الأمريكية، ثاني أكبر أسواقها عالميًا.
فهل ينجح ترامب في دفع هذه العلامات إلى التنازل عن هويتها الأوروبية؟ أم أن الفخامة الفرنسية ستقاوم الضغط الأمريكي؟ إليك تفاصيل المواجهة التي قد تعيد رسم خريطة الرفاهية في العالم.
وبينما يُصعّد دونالد ترامب تهديداته بفرض رسوم جمركية تصل إلى 20% على الواردات الأوروبية، بل وحتى 31% على المنتجات السويسرية، يجد عمالقة الرفاهية الفرنسيون أنفسهم على حافة أزمة قد تُصيب أرباحهم في مقتل -خاصة في قطاع المشروبات الروحية، ولكن ليس فقط.
من حقيبة يد من الجلد الطبيعي إلى زجاجة عطر نادر أو نبيذ فاخر معتق، هذه الرموز الرفيعة للترف قد تصبح الهدف الجديد لحرب تجارية تتسع رقعتها. فمع تشديد السياسات الحمائية، يواجه قطاع الرفاهية واقعًا غير مسبوق: ضرائب جمركية تهدد هوامش الربح وقاعدة الزبائن العالمية، بحسب محطة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية.
الشركات الفرنسية الكبرى في هذا المجال حذّرت المستثمرين هذا الأسبوع من اتخاذ قرارات "جذرية" إذا ما نفذ ترامب تهديداته في يوليو/تموز بعد تعليق مؤقت في 9 أبريل/نيسان الجاري.
وأعلنت دار Hermès عن زيادات في الأسعار لعملائها في الولايات المتحدة، في حين ألمحت LVMH إلى إمكانية نقل جزء من إنتاجها إلى أمريكا لتفادي هذه الرسوم.
ما هي المنتجات الفاخرة الأكثر تضررًا؟
السلع الجلدية الفاخرة مثل الحقائب والأمتعة والإكسسوارات الصغيرة، التي قد تصل الرسوم المفروضة عليها إلى 20%. وتشمل هذه فئات أساسية من علامات مثل Louis Vuitton، Dior، Fendi وCeline، وهي ركائز مجموعة LVMH.
- في مواجهة خيارات أفضلها سيئ.. الشركات تبحث عن النجاة من فوضى تعريفات ترامب
- بعد رحيل البابا فرنسيس.. ما هي صافي ثروته وراتبه وأصوله؟
الساعات السويسرية
رسوم محتملة قد تصل إلى 31%، ما يعني ضربة مباشرة لعلامات مثل TAG Heuer، Hublot وZenith، المملوكة جميعًا لـ LVMH.
المشروبات الروحية
هذا القطاع وحده يمثل 34% من مبيعات LVMH في أمريكا، مع علامات مثل Moët & Chandon، Dom Pérignon، Veuve Clicquot وHennessy. حاليًا تخضع هذه المنتجات لرسوم بنسبة 10%، وقد ترتفع إلى 20%. (يُذكر أن ترامب هدد سابقًا برفعها إلى 200%).
رئيس مجموعة LVMH، برنارد أرنو، دعا صراحة الأوروبيين إلى التوصل لاتفاق سريع مع الولايات المتحدة، محذرًا من "عواقب اجتماعية وخيمة، خصوصًا على قطاع النبيذ".
هل ترامب يحمي الشمبانيا الأمريكية؟
الهدف المعلن للرئيس الأمريكي هو حماية إنتاج المشروبات الكحولية المحلية، وخصوصًا الشمبانيا. إذ تباع في السوق الأمريكية زجاجات تُعرف بـ"الشمبانيا الكاليفورنية"، بأسعار تتراوح بين 10 و20 دولارًا، وهي أقرب إلى النبيذ الفوّار الإيطالي منها إلى الشمبانيا الفرنسية الأصيلة.
ويُذكر أن السوق الأمريكية تمثل قرابة 25% من مداخيل مجموعة LVMH، أي ما يقارب 21.5 مليار يورو (24.7 مليار دولار) في 2024، مما يجعلها سوقًا استراتيجية إلى جانب الصين.
كيف يتأثر قطاع الرفاهية بالرسوم الجمركية؟
بعكس الموضة السريعة التي تتكيف بسرعة مع التقلبات، يقوم نموذج الرفاهية على إنتاج محدود بهوامش ربح مرتفعة، غالبًا في أوروبا (فرنسا، إيطاليا، سويسرا)، مع قيمة مضافة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأصل الجغرافي — "صُنع في فرنسا"، "صُنع في إيطاليا"، أو "صُنع في سويسرا".
أي زيادة بنسبة 20 أو حتى 31% في الرسوم الجمركية تُجبر العلامات إما على رفع أسعارها -كما ستفعل Hermès بزيادة 10% — أو على تقليص هوامش أرباحها.
صحيح أن عملاء الرفاهية أقل حساسية لتغيّرات الأسعار، لكن هذا لا ينطبق على الجميع. الزبائن "الطامحين"، أي الذين يشترون الرفاهية بشكل استثنائي، قد ينصرفون عنها في حال ارتفعت الأسعار بسرعة كبيرة.
هل "صُنع في أمريكا" بديل واقعي للترف الأوروبي؟
برنارد أرنو أعلن عزمه زيادة الإنتاج في أمريكا لتفادي الرسوم. لكنه يواجه سؤالًا شائكًا: هل يمكن لـ"صُنع في أمريكا" أن يجسد الفخامة الفرنسية؟
LVMH سبق وافتتحت مصنعًا لحقائب Louis Vuitton في تكساس عام 2019، بحضور أرنو وترامب. إلا أن المشروع لم ينطلق فعليًا، إذ لم يكن عدد العاملين يتجاوز 300 شخص مطلع 2025، رغم وعود بـ1000 وظيفة.
هل سيشعر المستهلك فعليًا بالتأثير؟
وفقًا لمصرف UBS، على العلامات الأوروبية رفع أسعارها بنحو 6% في السوق الأمريكية لتعويض الرسوم. بينما تتحدث Deutsche Bank عن زيادة بـ7% في الولايات المتحدة و2% عالميًا.
بعض العلامات، مثل Hermès، أعلنت الزيادة فعليًا. لكن رغم أن الأثرياء قد لا يتأثرون، إلا أن الطبقة الطامحة للترف -الذين يرونه حلمًا أو مكافأة- قد تُحبط من الارتفاع المفاجئ.