ترامب بولايته الثانية.. خسارة «أسلوب الصدمة» يعوضه عالم أكثر طواعية
فجر فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية قبل 8 سنوات صدمة بالداخل والخارج، لكن رد الفعل على عودته للبيت الأبيض كان مختلفا.
ورغم تباين المشاعر بين الفرح والقلق فإنه لم يشعر أحد بالصدمة هذه المرة فالعالم لديه خبرة حول سياسات الرئيس السابق كما أن طريقة فوز ترامب واكتساحه للولايات المتأرجحة والتصويت الشعبي، إضافة إلى الأغلبية الجمهورية في الكونغرس توضح أن الرئيس المنتخب سيقود حزبا موحدا.
وعلى النقيض من 2016 فلا توجد أي علامة على الاستقطاب داخل الولايات المتحدة فترامب لديه تفويض واسع كما أنه أقوى الآن مما كان عليه قبل 8 سنوات عندما كان البيروقراطيون الجمهوريون لا يثقون به، والديمقراطيون يحتقرونه لفوزه بالبيت الأبيض رغم خسارته التصويت الشعبي بثلاثة ملايين صوت.
وبفضل قوته في الداخل فإن ترامب أقوى في الخارج كما أن هذه العودة السياسية تمنحه المصداقية والحرية على المسرح العالمي الذي لم يكن له في عام 2017 وهو ما يعني أنه ستكون لديه القدرة على تشكيل العالم وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
ويؤكد المؤرخ الاقتصادي والكاتب البريطاني نيل فيرجسون في صحيفة "فري برس"، إمكانية أن يكون لترامب حضور قوي على المسرح العالمي، ويرى "خطًا من الاستمرارية" من الرئيس الأسبق رونالد ريغان وصولا إلى ترامب الذي يمكنه الآن قيادة الأحرار إلى النصر في "الحرب الباردة الثانية".
لكن العالم اليوم أكثر تعقيدا وخطورة من العالم الذي تركه ترامب خلفه كرئيس عام 2021 ففي الحرب الباردة الثانية تواجه الولايات المتحدة محورا قويا يضم الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.
وبالتالي يتطلع حلفاء أمريكا في آسيا وأوروبا إلى الولايات المتحدة من أجل الزعامة إلا أن سلوك ترامب يعتمد على ما إذا كان شعار "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" يدور حول "أمريكا أولا" بمعنى انعزالي أم يدور حول مفهوم "السلام من خلال القوة".
ومن خلال 3 اختبارات مبكرة قد يكون من الممكن توقع توجهات ترامب يتعلق الاختبار الأول بتعيينات الإدارة الجديدة ويدور الثاني حول قراراته بشأن أوكرانيا والأخير حول المدى الذي سيذهب إليه لتقييد التجارة العالمية.
وتتنوع خيارات ترامب لتشكيل إدارته وفي حين يرغب ذوو الخبرة مثل مستشار مجلس الأمن القومي السابق روبرت أوبراين وسيناتور فلوريدا ماركو روبيو وبرايان هوك الذي تم تعيينه لإدارة عملية الانتقال في وزارة الخارجية أن تكون أمريكا منخرطة في العالم، فإن السفير السابق لدى ألمانيا ريك جرينيل المرشح لمنصب رفيع المستوى فضلا عن نائب الرئيس المنتخب جي دي فانس فيمثلان الجناح الانعزالي.
وبالنسبة لأوكرانيا فإنها ستكون بمثابة اختبار حاسم للقوة العسكرية والدبلوماسية الأمريكية وفي حين يشعر الحلفاء في أوروبا بالقلق تجاه قرارات ترامب المرتقبة والتي ستعكس مدى التزام واشنطن بحلف شمال الأطلسي (ناتو) فإن الحلفاء في آسيا يتابعون توجهات الإدارة الجديدة من منظور ما قد تفعله واشنطن لردع الصين بشأن تايوان.
وخلال حملته، ألقى ترامب باللوم على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في بدء الحرب وقال إنه يريد إنهاء الحرب فورا وينبغي أن يكون واضحا بالنسبة لإدارة الرئيس المنتخب أن أي شيء يمنح نصرا لروسيا سيمنح الصين أيضا الفوز وهو ما يضعف أوروبا والولايات المتحدة وبالتأكيد هذه ليست طريقة لتحقيق العظمة أو القوة.
وحاول القادة الأوروبيون الإشارة إلى الرئيس الراحل رونالد ريغان خلال تهنئتهم لترامب مثل زيلينسكي الذي تحدث عن "السلام من خلال القوة" في تغريدته لتهنئة ترامب وهي العبارة التي استخدمها رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون خلال الاحتفال بفوز الرئيس المنتخب في مارالاغو.
وأشاد الأمين العام الجديد للناتو مارك روته بقيادة ترامب "القوية" في الولاية الأولى في حين أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتصرفه الرجولي الشجاع عند محاولة اغتياله في بنسلفانيا.
أما فيما يتعلق بالاختبار الأخير حول القيادة الاقتصادية العالمية لأمريكا، فقد صعّد ترامب من وعوده بفرض تعريفات جمركية "جميلة" تبلغ "20.. 50.. 100%" ولكنه رجل عقارات سيحاول بيع شقة بقيمة مليون دولار بعرضها للبيع مقابل 10 ملايين دولار فهل يخاطر بإلقاء الاقتصاد العالمي في حالة ركود وتأجيج التضخم من خلال فرض هذه التعريفات؟
وبالنظر إلى ولايته الأولى فقد تفاخر ترامب آنذاك بفرض التعريفات لكنه أعاد التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة بين كندا والمكسيك والولايات المتحدة.
وقد يكون السيناريو الأصعب تصوره هو انسحاب ترامب وأمريكا من العالم فما نعرفه عن الرجل هو أنه يريد أن يكون دوما في مركز الصدارة.
aXA6IDE4LjExOS4xNjMuOTUg جزيرة ام اند امز