حرب الصلب.. كيف تعيد قرارات ترامب تشكيل خريطة تجارة الحديد عالميا؟

دخل قرار الرئيس ترامب برفع الرسوم الجمركية المفروضة على الصلب والألمنيوم لـ50% حيز التنفيذ بداية من اليوم الأربعاء.
يأتي ذلك بعد أن سبق ووقّع الرئيس ترامب أوامر لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم، ورغم أن الهدف من ذلك هو حماية المصنّعين الأمريكيين من المنافسة غير العادلة، إلا أن المستهلكين قد يدفعون في نهاية المطاف رسومًا أعلى مقابل بعض المنتجات التي تستخدم هذه المعادن، وفقًا لخبراء اقتصاديين.
وبحسب شبكة "سي بي إس" الامريكية، قال ترامب، إن هذه الرسوم يمكن أن تُسهم في إنعاش الصناعات الأمريكية الرئيسية.
وعلى سبيل المثال، من وجهة نظره، قد تختار بعض الشركات فتح مصانع جديدة في الولايات المتحدة لتجنب الرسوم الجمركية، بينما قد يتجه المشترون إلى المنتجات المصنوعة في الولايات المتحدة بدلًا من الواردات الأغلى ثمنًا.
وتقول الشبكة إن الرسوم الجمركية الجديدة على المعادن ستؤثر بحسب رأي خبراء، على واردات بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 50 مليار دولار.
وتستورد الولايات المتحدة ما يقرب من ربع الفولاذ المستخدم محليًا، ويأتي معظمه من كندا والمكسيك، إلى جانب دول مثل البرازيل وكوريا الجنوبية واليابان، وفقًا لإدارة التجارة الدولية.
ما هو رأي الخبراء؟
وبما أن المستوردين الأمريكيين يدفعون الرسوم الجمركية على البضائع الأجنبية مباشرةً إلى الحكومة الفيدرالية، فإن التكاليف عادةً ما تُحمّل على المستهلكين الأمريكيين، وفقًا لخبراء تجاريين تحدثوا لشبكة سي بي إس.
هذا يعني أن بعض المنتجات التي تعتمد على الفولاذ والألمنيوم، مثل المركبات والأجهزة المنزلية، وكان متوقعا أن ترتفع أسعارها مع فرض الشريحة الأولى من التعريفات، والآن هذا الارتفاع في سبيله للزيادة بعد أن زادت الرسوم للضعف.
وقال دين بيكر، كبير الاقتصاديين في مركز البحوث الاقتصادية والسياسية للشبكة الأمريكية تحدث منذ بداية الأزمة حين فرضت تعريفات بنسبة 25%، "إذا فُرضت ضريبة على واردات الفولاذ والألمنيوم، فسترتفع أسعار كل الصناعات التي تستخدمها، والسيارات في المقام الأول".
وصرح بيكر لبرنامج "موني ووتش" على شبكة سي بي إس بأن السيارة النموذجية تحتوي على حوالي 1000 رطل من الفولاذ بتكلفة تتراوح بين 6000 و7000 دولار أمريكي للسيارة الواحدة.
هذا يعني أن إضافة تعريفة جمركية بنسبة 25% قد تزيد تكلفة السيارة بمقدار 1000 إلى 1500 دولار أمريكي مع مضاعفة هذا الرقم الآن بعد أن وصلت التعريفات لـ 50%، حسب تقديره.
وأضاف أنه على الرغم من أن بعض شركات صناعة السيارات قد تتجه إلى شراء المزيد من الفولاذ المصنوع في الولايات المتحدة، إلا أن الشركات المصنعة الأمريكية من المرجح أن ترفع أسعارها أيضًا، مستغلةً ارتفاع تكاليف الفولاذ المصنوع في الخارج.
وفي غضون ذلك، قد ترتفع أسعار السيارات الأمريكية بشكل حاد.
كيف استجابت الدول لأزمة تعريفات الصلب؟
ومنذ بداية الأزمة، حين فرض دونالد ترامب تعريفات بقيمة 25% على واردات الصلب والألمنيوم، كانت هناك حالة استنفار شديدة من جانب البلدان الأكثر تضررا من هذا القرار.
وتُعدّ كندا والبرازيل والمكسيك أكبر ثلاث دول مُورّدة للصلب إلى الولايات المتحدة، حيث تُمثّل مجتمعةً حوالي 49% من وارداتها بين مارس/آذار 2024 ويناير/كانون الثاني 2025، وفقًا لإدارة التجارة الدولية.
أما الدول الأخرى المُورّدة الرئيسية فهي كوريا الجنوبية وفيتنام واليابان وألمانيا وتايوان وهولندا والصين، والتي تُشكّل مجتمعةً 30% من واردات الولايات المتحدة من الصلب.
وبالنسبة لكندا، التي تعتبر أكبر مورد للصلب والألمنيوم للولايات المتحدة بنسبة 16%، فقد اتخذت منذ بداية الازمة موقفًا حازمًا ضد الرسوم الجمركية.
ووصف رئيس الوزراء الكندي السابق جاستن ترودو هذه الرسوم بأنها "غير مبررة" و"تصرف أحمق".
وأعلنت كندا عن رسوم جمركية انتقامية بنسبة 25% على سلع أمريكية بقيمة 20.6 مليار دولار، منها 8.8 مليار دولار على واردات الصلب وملياري دولار على واردات الألمنيوم، من المتوقع الآن زيادتها كرد على مضاعفة ترامب للرسوم الأساسية.
كما فرضت رسومًا جمركية إضافية تقارب 10 مليارات دولار على سلع أمريكية مثل أجهزة الكمبيوتر والخوادم، وشاشات العرض، وسخانات المياه، والمعدات الرياضية، وغيرها.
وكانت بوادر حرب الصلب التجارية واضحة، من خلال تصريحات ترودو قبل مغادرته لمنصبه، ردا على شريحة التعريفات الأساسية، حيث قال وقتها "سندافع عن عمالنا، وسنحرص على أن يفهم الشعب الأمريكي أن قرارات قيادته لها عواقب".
كما تعهد رئيس الوزراء الكندي الحالي، مارك كارني، بالإبقاء على الرسوم الجمركية حتى تلتزم الولايات المتحدة بممارسات تجارية عادلة، وأعرب عن استعداده لاتباع "نهج أكثر شمولية للتجارة" أصبح الآن أقرب للتنفيذ من أي وقت بعد مضاعفة ترامب للتعريفات.
أيضا، أعلن الاتحاد الأوروبي عن إجراءات انتقامية تستهدف سلعًا أمريكية تزيد قيمتها عن 28 مليار دولار، مثل الدراجات النارية وزبدة الفول السوداني والجينز وغيرها، ونفذت هذه الإجراءات على مرحلتين، المرحلة الأولى كان مفترض أن تنطلق بتاريخ ١ أبريل/نيسان - بإعادة فرض الرسوم الجمركية المعلقة سابقًا على منتجات أمريكية بقيمة ٨.٧ مليار دولار، بما في ذلك الصلب والألمنيوم والبوربون والدراجات النارية.
وكانت هذه الرسوم المضادة، التي فُرضت بين عامي ٢٠١٨ و٢٠٢٠ خلال ولاية ترامب الأولى، قد عُلقت في عهد إدارة بايدن.
والمرحلة الثانية كان من المفترض أن تنطلق بتاريخ 14 أبريل/نيسان - بفرض رسوم جمركية جديدة على صادرات أمريكية إضافية بقيمة ١٩.٦ مليار دولار، مثل الدواجن ومنتجات الألبان والفواكه والحبوب.
لكن هذه الإجراءات المضادة توقفت وقال الاتحاد الأوروبي، إنه أوقف إجراءاته المضادة ضد الولايات المتحدة في 14 أبريل "لإتاحة الوقت والمساحة" للمفاوضات.
ولكن بعد مضاعفة ترامب للتعريفات على الصلب، قام الاتحاد الأوروبي بانتقاد هذه الخطوة، وقال ، إنه مستعد لتطبيق تلك الإجراءات التي تم تعطيلها "إذا لم يتم التوصل إلى حل مقبول للطرفين"، محذرًا من أن التعريفات الإضافية "تقوض" الجهود المبذولة للتوصل إلى "حل تفاوضي" في الحرب التجارية الدائرة.
وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي في بيان لشبكة إن بي سي نيوز، "نأسف بشدة لزيادة الرسوم الجمركية الأمريكية المعلنة على واردات الصلب من 25% إلى 50%".
وأضاف المتحدث، "هذا القرار يزيد من حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي ويزيد التكاليف على المستهلكين والشركات على جانبي المحيط الأطلسي".
وأضاف المتحدث أن الاتحاد الأوروبي "مستعد لفرض تدابير مضادة، بما في ذلك ردا على الزيادة الأخيرة في الرسوم الجمركية الأمريكية".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNDUg
جزيرة ام اند امز