حكومة تراس.. هل تلعب بريطانيا دورا أكبر في ليبيا؟
تشير تقارير إلى استمرارية حكومة رئيسة وزراء بريطانيا ليز تراس على نفس مسار السياسة الحالي، لكن مع بعض التغيرات في ملفات بعينها.
هذا التحليل والملفات التي تنتظر تغييرا، تفتح باب التساؤلات حول أنماط التحرك في ظل الحكومة الجديدة، ونصيب منطقة الشرق الأوسط من التحول الجزئي المنتظر في السياسة الخارجية البريطانية.
وقبل أيام قليلة، دخلت ليز تراس، رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة، "داونينج ستريت"، في وقت تواجه فيه بلادها تحديات سياسية واقتصادية جمة، بالداخل والخارج، وسط تساؤلات عن سياستها الخارجية في الشرق الأوسط.
ورغم أن تحديات داخلية مثل أزمتي الطاقة وارتفاع تكلفة المعيشة تحتل قمة سلم أولويات رئيسة الوزراء الجديدة، إلا أنها سرعان ما ستكتشف مدى ارتباط قدرتها على مواجهة هذه التحديات المحلية، بالوضع الدولي.
والقاعدة الأساسية الحاكمة في السياسة الخارجية بعصر تراس، هي ترجيح استمرارية رئيسة الوزراء الجديدة على نهج سلفها بوريس جونسون في الملفات الخارجية، انطلاقا من أنها كانت وزيرة خارجيته ومقربة منه، لكن الأمر لن يخلو من بعض التغييرات، وفق مقال للكاتب البريطاني توباس جرين
وفي وقت سابق، قال الخبير في مؤسسة كلية الدفاع التابعة لحلف "الناتو"، أومبرتو بروفازيو، لـ"العين الإخبارية"، إنه "من المرجح أن تسود الاستمرارية على التغيير خلال فترة ليز تراس في داونينج ستريت".
لكن ملف مثل الملف الليبي، وما يرتبط به من تعقيدات وتجاذبات دولية مختلفة، يمكن أن يشهد أحد التغيرات في السياسة الخارجية البريطانية في ظل حكومة ليز تراس، وفق الخبير الإيطالي في الشأن الليبي، دانييلي روفينيتي.
وقال روفينيتي في حديث لـ"العين الإخبارية"، "من المحتمل أنه مع وصول ليز تراس إلى داونينج ستريت، سيزداد اهتمام المملكة المتحدة، بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، استنادا إلى التصور الأمني والجيوسياسي الجديد للندن تحت شعار (بريطانيا العالمية)، مع التركيز بشكل خاص على ليبيا":
وأوضح "حتى الآن، كان الاهتمام البريطاني بليبيا مرتبطًا بشكل أساسي بالقطاع الاقتصادي والمالي، فوجود شركات مثل BP (شركة نفط وغاز بريطانية)، على سبيل المثال، كان من ضمن استراتيجية بريطانيا الاقتصادية في الأراضي الليبية".
وبموجب اتفاق في 2018، اتفقت شركة النفط الوطنية الليبية وشركة BP وشركة النفط والغاز الإيطالية متعددة الجنسيات (Eni)، على تسريع التنقيب في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، ما وصف في حينه بأنه حقبة جديدة من النمو في ليبيا، وفق الخبير ذاته.
الخبير الإيطالي، قال أيضا "الآن، قد يتغير شيء ما، مع اتخاذ لندن إجراءات أكثر نشاطا لدعم العملية السياسية في ليبيا"، مضيفا "قد يكون ذلك جيدًا، نظرًا للوضع الحساس للغاية الذي تجد ليبيا نفسها فيه، وخطر انهيار عملية دفع الاستقرار البلاد التي تحظى بدعم أممي ودولي".
ومضى قائلا :"حتى الآن، عملت جهات فاعلة مختلفة مع شركاء محليين مختلفين، لتحقيق مصالح متنافسة في ليبيا، وحان الوقت لزيادة التعاون متعدد الأطراف، خاصة بين الدول الأوروبية، ويمكن أن تلعب لندن دورًا في ذلك" في ضوء سياستها الجديدة.
وفي أمر غير معتاد في السياسة البريطانية، وصلت تراس إلى المنصب الأعلى في الحكومة البريطانية، عبر الوزارات الرئيسية في السياسة الخارجية، إذ قضت عاما كاملا على رأس الدبلوماسية، بعد عامين كوزيرة للتجارة الخارجية، ما منحها خبرة كبيرة في هذه الملفات.
ووفق مراقبين، فإن قدوم رئيسة وزراء بريطانيا مباشرة من دولاب العمل الدبلوماسي، سيجعل القضايا الخارجية تحتل مكانة مهمة على أجندتها، ويمكن أن يحفز تطبيق استراتيجية "بريطانيا العالمية"، بما فيه توسيع نفوذ لندن في حوض المتوسط.
وفي 3 فبراير/شباط 2020، اختار رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، بعد الانتهاء المظفر من انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الكلية البحرية الملكية القديمة في غرينتش، ليعلن عن رؤية "بريطانيا العالمية" التي تعيد صياغة دور بريطانيا في العالم.
وتهدف الرؤية الجديدة التي عملت تراس كوزيرة خارجية على وضعها قيد التنفيذ، إلى استعادة القوة البريطانية كدولة تجارية بحرية. لكن هذه الرؤية لا تعكس الحقائق الجيوستراتيجية في عالم اليوم، بما في ذلك الأهمية المستمرة للاتحاد الأوروبي، وفق المراقبين.