بوكالتشوك وزيلينسكي.. رقصة وداع فوق جثمان "الحقيقة" في أوكرانيا
في خضم المعارك تبدو الحقائق آخر هموم أطراف النزاع، وربما أكثر الأشياء التي لا يرغبون في لقائها.
وتفند الحقائق على نحو ما "الروايات" التي يسعى كل طرف لفرضها من أجل نيل التعاطف على الساحة الدولية، وبالنسبة لكثير من سكان المعمورة خارج حدود الدول الكبرى لا جديد في "مسألة الكيل بمكيالين"، لكن تفجر القضية في قلب أوروبا وعلى هامش أزمة صورت وكأن خيطها الأبيض ناصع الوضوح يثير الكثير من علامات الاستفهام.
وتبدأ القصة حينما أعلنت منظمة العفو الدولية في 4 أغسطس/آب الجاري تقريرها بشأن مسؤولية الجيش الأوكراني عن تعريض المدنيين للخطر ما يمثل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.
وأكدت منظمة العفو الدولية، الجمعة الماضية أنها تتحمل بالكامل مسؤولية تقريرها الذي يتهم الجيش الأوكراني بتعريض المدنيين للخطر في مقاومته للعملية العسكرية الروسية، عبر نشر بنى تحتية عسكرية في مناطق مأهولة بالسكان، وهو تكتيك يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي على حد تعبيرها.
وبعد تحقيق استمرّ أربعة أشهر، اتهمت المنظمة في تقريرها الجيش الأوكراني بنشر قواعد عسكرية في مدارس ومستشفيات وشن هجمات من مناطق مأهولة بالسكان.
لكن المنظمة غير الحكومية أشارت في الوقت نفسه إلى أن التكتيكات الأوكرانية لا "تبرر بأي حال من الأحوال الهجمات الروسية العشوائية"، التي تصيب السكان المدنيين، مؤكدة أن "روسيا تتحمل وحدها المسؤولية عن الانتهاكات التي ارتكبتها".
وتابعت المنظمة أن "قوانين الحرب موجودة لحماية المدنيين، ولهذا السبب تحث منظمة العفو الدولية الحكومات على احترامها".
زيلينسكي غاضب.. ما العمل؟
ومنذ بدء العملية الروسية في أوكرانيا في فبراير/ شباط الماضي، كان الإعلام الغربي في طليعة الصفوف على جبهات المعارك، فيما شحذ القادة السياسيون نصال العقوبات في مواجهة روسيا وأمد كييف بالعتاد.
وبدا أن الحقائق واضحة في معركة جلس فيها الأوكرانيون على مقعد الضحية.
لذلك كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكثر الغاضبين من تقرير منظمة العفو الدولية التي أحاطت "تضحيات" مقاتليه بالشكوك، بحسب الرواية الغربية الرائجة.
وذهب الرئيس زيلينسكي إلى حد اتهام المنظمة غير الحكومية "بمحاولة تبرئة الدولة الإرهابية" الروسية عبر "المساواة بشكل ما بين الضحية والمعتدي".
استقالة بوكالتشوك
وعقب إعلان التقرير، أعلنت رئيسة فرع منظمة العفو الدولية في أوكرانيا أوكسانا بوكالتشوك استقالتها من المنظمة.
وقالت بوكالتشوك في بيان على صفحتها على فيسبوك ليل الجمعة السبت "أعلن استقالتي من منظمة العفو الدولية في أوكرانيا"، معتبرة أن التقرير الذي نُشر خدم عن غير قصد "الدعاية الإعلامية الروسية.
وكان روسيا قد أعلنت في وقت سابق أن عمليتها العسكرية في أوكرانيا تهدف لحماية الأقليات الناطقة بالروسية في أوكرانيا من الاضطهاد.
وسعت بوكالتشوك لتبرير موقفها قائلة إن "من لا يعيش في بلد غزاه محتلون يقسمونه، قد لا يفهم معنى إدانة جيش من المدافعين".
ورأت بوكالتشوك أن منظمة العفو "أعطت وقتا قصيرا جدا" لوزارة الدفاع "للرد". وأضافت "نتيجة لذلك، أصدرت المنظمة عن غير قصد تقريرا بدا أنه يدعم عن غير قصد الرواية الروسية"، معتبرة أنه "بدافع حماية المدنيين، تحول هذا التقرير أداة دعاية روسية".
وكانت بوكالتشوك كتبت في منشور على فيسبوك أن منظمة العفو تجاهلت طلبات من فريقها بعدم نشر التقرير.
وأضافت "أمس، كان لدي أمل ساذج في أنه يمكن أن يتم إصلاح كل شيء واستبدال النص بآخر، لكنني أدركت اليوم أن ذلك لن يحدث".
العفو الدولية تعلق
وأعربت منظمة العفو الدولية الأحد عن "أسفها العميق للألم والغضب" اللذين تسببت بهما بعد نشرها تقريرا عن انتهاكات مفترضة للقانون الدولي ارتكبتها القوات الأوكرانية.
وأعلنت المنظمة في بيان "ندافع بشكل كامل عن النتائج التي خلصنا إليها ونأسف على الألم الذي تسببت به".
وأشارت إلى أن أولويتها "في هذا النزاع كما في أي نزاع آخر، ضمان حماية المدنيين"، مؤكدة أن "هذا هو هدفنا الوحيد عندما أصدرنا هذا التقرير".
وأكدت منظمة العفو الدولية الجمعة أنها تتحمل بالكامل مسؤولية تقريرها، وأكدت الأمينة العامة للمنظمة أنييس كالامار أن استنتاجات التقرير "تستند إلى أدلة تم الحصول عليها خلال تحقيقات واسعة النطاق تخضع لمعايير صارمة وإجراءات تحقيق واحدة في جميع أعمال" المنظمة غير الحكومية.
وأعربت كالامار عن "أسفها" لاستقالة بوكالتشوك، لكنها قالت إنها "تحترم قرارها".
وتابعت "أوكسانا كانت عضوا يلقى تقديرا من فريق منظمة العفو الدولية وترأست مكتب أوكرانيا لسبع سنوات، وسجّلت العديد من النجاحات في مجال حقوق الإنسان".
aXA6IDE4LjIxOS4xNzYuMjE1IA==
جزيرة ام اند امز