السل في 2025.. جينوم البكتيريا يروي قصة مقاومة سرية
يعد عام 2025 محطة هامة في دراسة مرض السل، بعد أن كشف فريق من العلماء عن تغييرات جينية مخفية داخل بكتيريا السل.
وتساعد هذه التغييرات على تفسير صعوبة علاج بعض الحالات المقاومة للأدوية، ما يجعل هذا الاكتشاف أحد أبرز الإنجازات العلمية في مكافحة الأمراض المعدية هذا العام.

والسل، أحد أقدم وأخطر الأمراض المعدية في العالم، عادة ما يصيب الرئتين لكنه يمكن أن يؤثر على أجزاء أخرى من الجسم مثل العمود الفقري والدماغ والكلى. ورغم تطوير مضادات حيوية لعلاجه منذ الأربعينيات، ظهرت سلالات مقاومة جعلت العلاج أكثر صعوبة، بما في ذلك سلالات مقاومة متعددة للأدوية.
وفي هذه الدراسة، التي نُشرت في مجلة "نيتشر كومينيكيشنز"، استخدم الباحثون من جامعة ملبورن بإستراليا، تقنيات تسلسل الحمض النووي طويل القراءة مع تحليل كامل للجينوم، ما سمح لهم برصد تغييرات كبيرة كانت مخفية عن طرق التحليل التقليدية.
وأظهرت النتائج أن بعض هذه التغييرات الجينية، المعروفة باسم إعادة ترتيب الجينوم، تمنح البكتيريا القدرة على مقاومة المضادات الحيوية بطرق لم يكن بالإمكان رصدها سابقا عبر الطفرات الصغيرة المعروفة.
وأشار الباحثون إلى أن هذه التغييرات تشمل حذف أو تكرار أو إدخال أو قلب أجزاء من الجينوم، وتساهم في تعديل قدرة البكتيريا على التكيف والبقاء في وجود المضادات الحيوية.
وبعض هذه التغييرات تؤثر في عدد نسخ الجينات، أو تعطل عناصر التحكم الجينية، مما يمنح السل طرقا جديدة للبقاء على قيد الحياة رغم العلاج.

ويقول العلماء إن فهم هذه التغييرات الجينية المخفية سيمكن من تحسين تشخيص المرض واختيار أفضل تركيبة علاجية لكل مريض، تطوير نماذج تنبؤية أكثر دقة لمقاومة المضادات الحيوية وانتشار العدوى، وتعزيز برامج المراقبة العالمية للسل، ما يمنح الجهات الصحية صورة أوضح عن تطور البكتيريا في الوقت الحقيقي.
ويضيف الباحثون أن هذا الإنجاز العلمي يعد نقلة نوعية في مكافحة السل عام 2025، إذ يتيح للعلماء رؤية جينوم البكتيريا بالكامل وفهم كيفية تطور المقاومة، وهو ما قد يفتح الباب لعلاجات أكثر فعالية في المستقبل ويقلل من المخاطر الصحية المرتبطة بالأشكال المقاومة للأدوية.