خسائر بـ37% من الغذاء العالمي.. هل ينهار قطاع الزراعة أمام الاحترار؟

يحدّ التغير المناخي من قدرة المحاصيل الزراعية على توفير الغذاء، إذ أن إنتاجية السعرات الحرارية لستة منها، بينها القمح والأرزّ، ستنخفض عالمياً بما بين 11 و24% بحلول 2100، حتى لو تكيّفت الممارسات الزراعية مع الاحترار، وفقاً لدراسة نُشرت الأربعاء.
وأفاد معدّو الدراسة التي نُشرت في مجلة "نيتشر" أن كل درجة مئوية إضافية من الاحترار المناخي ستُقلّل من قدرة العالم على إنتاج الغذاء بمقدار 120 سعرة حرارية للفرد يوميا، أي ما يعادل 4,4% من الاستهلاك اليومي الحالي، بدءا من الحقبة المرجعية التي اختار الباحثون الانطلاق منها، وهي مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وأوضح أستاذ العلوم الاجتماعية البيئية في كلية ستانفورد دوير للاستدامة سولومون هسيانغ الذي شارك في إعداد الدراسة أن "ارتفاع حرارة المناخ بمقدار ثلاث درجات مئوية (بحلول نهاية القرن)، سيكون بمنزلة تخلّي كل شخص على وجه الأرض عن وجبة الإفطار".
وأُجريت هذه الدراسة الواسعة على مدى ثماني سنوات في 55 دولة وشارك فيها باحثون من نحو 15 جامعة، في إطار "كلايمت إمباكت لاب" Climate Impact Lab (أي "مختبر تأثير المناخ")، وهو اتحاد بحثي في جامعة شيكاغو.
ووثقت الأبحاث السابقة خسائر في المحاصيل الزراعية مرتبطة بالاحترار المناخي، لكنها المرة الأولى يتم على السواء تحليل كل من آثار المناخ وتكيف الممارسات (اختيار الأصناف واستخدام الأسمدة والري، وما إلى ذلك).
وأجرى الباحثون تحليلا لوضع ستة محاصيل أساسية هي القمح والذرة والأرزّ وفول الصويا والذرة الرفيعة والكسافا، في ظل سيناريوهات مختلفة لانبعاثات غازات الدفيئة.
إلاّ أن الدراسة لا تأخذ في الاعتبار التغيرات أو التأخير في زراعة هذه الأنواع. وتستند إلى الممارسات المتبعة، مع أن المزارعين بدأوا يلمسون آثار ارتفاع درجة الحرارة بأكثر من 1,5 درجة مئوية في حقولهم مقارنةً بعصر ما قبل الصناعة.
- جنائز على «روح» الأنهار الجليدية.. أحزان تطول الغذاء والطاقة والسياحة
- الإمارات تتخذ خطوة رائدة في مكافحة هدر الغذاء.. إطلاق أول دراسة وطنية
اختفاء حزام الذرة
إذا استمرت انبعاثات غازات الدفيئة في الارتفاع، فإن إنتاجية السعرات الحرارية ستكون "أقل من 24%" في عام 2100 مقارنةً بعالم من دون تغير مناخي. وإذا لم يحصل مزيد من التكيف، قد تصل الخسارة إلى نحو 37% عالميا.
مع ذلك، ستقتصر خسائر غلة السعرات الحرارية على 11 في المئة إذا انخفضت الانبعاثات بسرعة.
بحلول سنة 2050، وايّا كانت الجهود المبذولة لخفض الانبعاثات، سيبلغ انخفاض إنتاجية السعرات الحرارية 8 في المئة.
وسيُعيد حجم الاحترار المناخي تشكيل وجه العالم الزراعي، إذ يتوقع أن تشهد السهول الكبرى في ما يعرف بـ"حزام الذرة" الأمريكي أو الغرب الأوسط، انخفاضا حادا في إنتاجيتها.
وقد تصل الخسائر إلى 41% بحلول سنة 2100 في أغنى المناطق، وهي الأكثر إنتاجية راهنا. كذلك ستتأثر بشدة المجتمعات الريفية التي تزرع المحاصيل الغذائية، وخصوصا تلك التي تعتمد على الكسافا في إفريقيا، إذ ستنخفض إنتاجيتها بنسبة 28% في أفقر المناطق.
وتتأثر المحاصيل نفسها بشكل غير متساوٍ بهذا التهديد.
وسيشهد القمح الذي يُستخدم في صناعة الخبز، انخفاضا في إنتاج السعرات الحرارية بنسبة تتراوح بين 30% و40% في الصين وروسيا والولايات المتحدة وكندا، وهي من بين أكبر خمس دول منتجة للقمح في العالم. وستكون الخسائر أقل (من 15% إلى 25%) في أوروبا الغربية والشرقية، وهما من أكبر المناطق المنتجة. و"من الممكن" أن تسجل زيادات في شرق الصين.
وستشهد الذرة التي تستهلكها الماشية بشكل رئيسي، انخفاضا في إنتاجها بنسبة 40% في سيناريو الانبعاثات العالية في حزام الحبوب الأمريكي، وكذلك في آسيا الوسطى وجنوب أفريقيا. وستكون الخسائر أكثر اعتدالا في أمريكا اللاتينية وإفريقيا الوسطى (نحو -15%)، حيث تُخففها الأمطار الغزيرة.
وستنخفض إنتاجية فول الصويا، وهو علف شائع للماشية ووقود حيوي، إلى النصف في الولايات المتحدة، لكنها ستزداد بنسبة 20% في البرازيل التي تُعدّ أصلا أكبر مُنتج عالمي.
وتختلف الآثار على الأرزّ، وهو محصول أساسي في آسيا، باختلاف منطقة الإنتاج، مع توقع خسائر كبيرة في آسيا الوسطى.
ومن المتوقع أن تفقد الكسافا، وهي درنة تُستهلك على نطاق واسع في إفريقيا، 40% من إنتاجها من السعرات الحرارية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وختامًا، تُقر الدراسة بأن التكيف جارٍ بالفعل في الحقول، لا سيما في المناطق الحارة ذات الدخل المنخفض. في المقابل، تُظهر "سلال الخبز" العالمية في المناطق المعتدلة "قدرة محدودة على التكيف". وسيؤثر ذلك سلبا على فاتورة الغذاء العالمية.