زكاة الفطر في تونس.. رسائل قصيرة على الهواتف (خاص)
مع اقتراب انتهاء شهر رمضان المبارك، يتسارع التونسيون لتقديم زكاة الفطر قبل انقضاء الشهر الكريم، نظراً لوجوبها على كل مسلم.
ولئن كانت في السابق، تقدم الزكاة من يد رب العائلة إلى الشخص المحتاج، أصبحت تقدم في شكل رسائل قصيرة عبر الهواتف.
وفي تونس لا توجد مصارف زكاة مثل باقي الدول العربية، حيث إن من يقدم الزكاة يقدمها مباشرة ليد مستحقيها.
ومنذ سنة 2019، أفتى مفتي الديار التونسية بجواز استفادة الجمعية التونسية لقرى الأطفال من زكاة الفطر، ما أثار استغراب التونسيين في تلك الفترة فيما تقبلها الكثيرون.
لكن المفتي برر ذلك بأن الأطفال من فاقدي السند والمحتاجين في قرى الأطفال "إس أو إس" هم من الجهات المستفيدة من الزكاة لأنهم أطفال فاقدو سند ومحتاجون إلى الإحاطة والعناية المادية والأدبية لمساعدتهم على مواصلة دراستهم.
والإثنين، فتحت السلطات التونسية خطا لجمع أموال عن طريق الرسائل القصيرة وتوجيهها لقرى الأطفال "إس أو إس".
ودعا نشطاء في تونس إلى الانخراط في حملة دعم قرى الأطفال، التي توفر مأوى للقاصرين الذين ليس لديهم سند عائلي، من خلال توجيه زكاة الفطر إلى حساباتها المالية وذلك بعد حصول جمعية القرى على التراخيص الضرورية لهذه العملية.
وتواجه قرى الأطفال "إس أو إس" الأربع للأطفال فاقدي السند في تونس صعوبات هيكلية، ويتربص بها شبح الإغلاق بسبب وضعها المالي المتردي.
وازداد الوضع تعقيداً بعد قرار الفيدرالية العالمية لقرى "إس أو إس" وقف الدعم عن قرى تونس، وإعطائها مهلة حتى نهاية 2019 للتعويل على ذاتها وإعداد خطة للتصرف المستقل، ما جعل شبح الإغلاق يخيم على قرى الأطفال، وبات مئات الأطفال من فاقدي السند، الذين تؤويهم هذه القرى منذ عقود، يواجهون مصيراً مجهولاً.
وحددت دار الإفتاء التونسية قيمة زكاة الفطر لهذا العام 1440 هجري، بدينار و980 مليم، أي ما يناهز تقريباً 0.570 دولار عن الشخص الواحد.
وقد أعلن رئيس الجمعية التونسية لقرى أطفال إس أو إس محمد مقديش، لـ"العين الإخبارية" أن الجمعية ستشرع بداية من الإثنين 10 أبريل/نيسان الجاري في جمع التبرعات وزكاة الفطر عن طريق الرسائل القصيرة.
وأكد أن الجمعية حصلت على ترخيص جديد من رئاسة الحكومة يخوّل لها جمع التبرعات عن طريق الرسائل القصيرة، كما أجازت دار الإفتاء صرف أموال الزكاة وبالخصوص زكاة الفطر لأبناء الجمعية التونسية لقرى أطفال إس أو إس.
وأوضح محمد مقديش أن الموارد المالية التي سيتم جمعها من طرف الجمعية بواسطة الرسائل القصيرة ستخصص لدعم الموارد المالية للقرى الأربعة وتغطية الحاجيات اليومية للأطفال.
زكاة الفطر لفاقدي السند
وأكد الأكاديمي والأستاذ بكلية الشريعة حسن الوصايفي أن مفتي الديار التونسية أفتى بالتبرع بزكاة عيد الفطر للجمعية التونسية لقرى الأطفال إس أو إس، ليرد على الاعتقادات الكثيرة التي ترفض إيتاء الزكاة لهؤلاء الأطفال واعتبارهم "أطفالا غير شرعيين".
وقال في تصريحات لـ"العين الإخبارية "إن هؤلاء الأطفال يحتاجون لكل مليم من أجل إعانة الجمعية التي تعد الوحيدة في تونس التي ترعى الأطفال من فاقدي السند".
وأضاف أن الزكاة في أصلها توجه للمساكين والمحتاجين ليجدوا قوتهم وقوت عيالهم في يوم العيد الذي هو يوم الفرح والحبور، يوم يفرح الصائم بفطره، فلا يبقى بين الناس من هو في كآبة في ذلك اليوم.
وتابع: "كما يمكن دفعها لفقير واحد أو توزيعها على فقراء متعددين مثل هؤلاء الأطفال، كما يجوز دفعها للأقارب من الفقراء والمحتاجين غير الأبوين أو الإخوة أو الأولاد".
مسؤولية مجتمعية مشتركة
من جهته، قال الباحث في علم الاجتماع التونسي عادل المهذبي إن رعاية الأطفال فاقدي السند مسؤولية مجتمعية مشتركة، لا تتوقف عند واجب الدولة والسلطات في التمويل والدعم والمساندة، بل تستوجب مساهمة جميع الأطراف من مجتمع مدني وإعلام ومواطنين وجميع القوى الحية.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الجمعية التونسية لقرى الأطفال "إس أو إس" تتكفل بمصاريف ومساعدة 1500 طفل يعيشون مع عائلاتهم، لكنهم تحت حماية الجمعية، إلى جانب 400 طفل يعيشون داخل قرى الأطفال وعددها 4، إضافة إلى 100 شاب تجاوزت أعمارهم 18 سنة عادوا إلى عائلاتهم، لكنهم لا يزالون تحت حماية جمعية قرى الأطفال حتى سن 24 عاما.
وأوضح أن التبرعات يجب أن تستمر من أجل أن تستطيع هذه الجمعية تلبية طلبات هؤلاء الأطفال الذين يستحقون ليس فقط الأكل والدواء بل الشعور بالإحاطة الاجتماعية والأسرية في الوقت نفسه.
ودعا التونسيين إلى الانخراط في هذه الحملة ذات الأبعاد الإنسانية وإنجاحها.
ما هي جمعية قرى الأطفال؟
والجمعية التونسية لقرى الأطفال “إس أو إس" (SOS) هي جمعية خيرية واجتماعية وإنسانية لدعم الأطفال فاقدي السند العائلي من الأيتام أو المهجرين أو المهددين بالخطر.
وأنشئت جمعية (SOS) في تونس منذ 1981، بموجب الاتفاقية الإطارية المؤرخة بتاريخ 26 مارس (آذار) 1981، بين الحكومة التونسية ومؤسس قرى "إس أو إس" الألماني هيرمان جومينر وقد تمت المصادقة على هذه الاتفاقية الإطارية بموجب القانون رقم 83 و84 المؤرخ في 2 أبريل/ نيسان 1983.
وتضم الجمعية التونسية لقرى الأطفال "إس أو إس"، 4 قرى موجودة في مدينة أكودة التابعة لولاية سوسة شرق تونس، تأسست في 2010 وقرية أخرى في مدينة المحرس التابعة لولاية صفاقس جنوب تونس، تأسست في 2001 إضافة إلى أخرى في مدينة سليانة، بالشمال الغربي للبلاد والتي تأسست عام 1984، أما القرية الأخيرة فتقع في مدينة قمرت التابعة للعاصمة التونسية وتأسست عام 1983.
نسبة الفقر في تونس
وسبق أن أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية التونسية أن نسبة الفقر في تونس تقدّر بـ15.2%.
ويعدّ المعهد الوطني للإحصاء"حكومي" عدد التونسيين القابعين تحت عتبة الفقر بمليون و700 ألف تونسي من جملة أحد عشر مليون شخص، فيما يقدر البنك الدولي نسبة التونسيين المصنفين في خانة الفقر المدقع بـ3.5%، إلى جانب 700 ألف من الفقراء لتكون النسبة 11.5% أي قرابة مليون وربع مليون من الفقراء.
وتحتل محافظة القيروان، وسط البلاد، بحسب نتائج الإحصاء، المرتبة الأولى في نسبة الفقر بـ34.9% ونسبة الفقر المدقع بـ10.3%، فيما تأتي محافظة القصرين في المرتبة الثانية بنسبة الفقر بـ32.8% وبـ10.2% نسبة الفقر المدقع.
aXA6IDE4LjE4OC45Ni4xNyA=
جزيرة ام اند امز