خبراء عرب يرسمون طريق خلاص تونس من الإخوان
دعا محللون سياسيون عرب الرئيس التونسي قيس سعيد إلى الإسراع بوضع "خارطة طريق" للمرحلة القادمة تستكمل قراراته الإصلاحية.
وحذروا، في قراءات منفصلة لـ"العين الإخبارية"، من أن استمرار غموض المرحلة الحالية سيساهم في إعادة ترتيب الإخوان صفوفهم من جديد للانقضاض على القرارات، وقد تصل الأمور حد المواجهة المسلحة.
ولم يستبعد المحللون - في الوقت ذاته- أن يكون لإخوان ليبيا دور في دعم ومساندة "النهضة" الإخوانية بتونس في الفترة المقبلة، ما لم يتحرك سعيد بخطوات وإجراءات سريعة ضد الحركة.
والأحد الماضي، قرر الرئيس التونسي تجميد عمل البرلمان وتعليق حصانة نوابه، وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه.
كما قرر سعيّد بموجب الفصل 80 من الدستور، تولي رئاسة النيابة العمومية للوقوف على كل الملفات والجرائم التي ترتكب بحق تونس، وتولي السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة برئاسة شخصية يعينها.
وخلال لقائه برئيس "اتحاد التجارة الصناعة والصناعات التقليدية" (منظمة الأعراف)، سمير ماجول، قال سعيد إن 460 شخصا متهمون بنهب أموال الشعب، بما قدره نحو 13 مليار دينار تونسي.
نفق مظلم
وفي قراءته لتطورات الأحداث بتونس، قال المحلل السياسي الليبي عبد الحكيم المعتوق إن الرئيس قيس سعيد قفز قفزة كبيرة لكن من غير المعروف أين سيقف بعدها، بعد أن تحدث عن حزمة من الإجراءات لم يتم استكمالها.
وحذر "المعتوق" أنه ما لم تستكمل تحركات الرئيس فى فترة زمنية معينة بخطوات عملية أخرى، سيكون هناك فرصة للفريق الآخر الإخواني للملمة صفوفه وترتيب أوراقه وربما تصل الأمور حد المواجهة المسلحة.
ومشيرا إلى أن قرارات "سعيد" جاءت نزولا رغبة الشارع التونسي الذى تضرر من الإخوان، شدد "المعتوق" على أنه ما لم يطرح الرئيس خارطة طريق سريعا فستدخل البلاد نفقا مظلما.
وأوضح: "يجب أن يستوعب الشارع والقوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني ما يحدث، والتأكيد على أن القرارات جاءت لإنقاذ البلاد والإصلاح ووضع حد للفساد".
دور لإخوان ليبيا
وفي هذا الصدد، حذر الخبير من أنه "كلما طال أمد هذا الغموض كلما رتب الإخوان فى تونس صفوفهم"، دون أن يستبعد لجوءهم للإعتصام والتخريب في فترة من الفترات، مع احتمال تسلل بعض الإرهابيين عبر المعابر، وسيكون لإخوان ليبيا لاحقا رأي في ما يحدث ".
ووفقا لرأيه، قال "المعتوق" إنه ربما يتحرك إخوان ليبيا لدعم نظيرهم في تونس، "منذ عام 2011 وعلاقة الإخوان في تونس بإخوان ليبيا وطيدة وبينهما تعاون فى قضايا عديدة.
وتابع: "كان هناك تدريبات لمسلحين جاؤوا من تونس، وشاركوا فى عمليات داخل ليبيا فى درنه وبنغازي، علاوة على استشارات ودعم مالي قدمها إخوان تونس لنظرائهم في ليبيا".
الفساد
"المعتوق" دعا أيضا إلى ضرورة الإسراع في القبض على من أفسدوا الحياة السياسية في تونس، وأن يتحرك القضاء بخصوص قضايا الفساد.
ونوه إلى أن الخطوة التي أقدم عليها الرئيس التونسي كانت صادمة لحركة النهضة الممثلة في الجسم السياسي للدولة، بعد أن قوضته كثيرا وفقا للمادة 80 من الدستور.
وكان الناطق الرسمي باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي في تونس، محسن الدالي، أعلن أمس الأربعاء، فتح تحقيق بشأن 3 أحزاب، بينها حركة النهضة، بشأن تلقيها تمويلات أجنبية أثناء الانتخابات.
وأوضح محسن الدالي، أن التحقيق سيشمل كلا من حركة النهضة، وحليفها "قلب تونس"، وجمعية "عيش تونسي"، وسيتولى قضاة التحقيق القيام بـ"إجراءات تحفظية" ضد المشتبه بتلقيهم تمويلات أجنبية.
وفي وقت سابق الخميس، أعلن المتحدث الرسمي باسم محكمة الاستئناف بتونس التحقيق مع النائب الإخواني سيف الدين مخلوف على خلفية محاولته، قبل أشهر، تهريب امرأة متهمة في قضايا إرهاب عبر مطار قرطاج الدولي.
دعم عابر للحدود
وتوافقت نسبيا رؤية الكاتبة الصحفية والإعلامية التونسية صوفيا الهمامي للأحداث وتداعياتها مع ما طرحه المحلل السياسي الليبي.
وقالت الهمامي: "بعد أن خرجت جماعة الإخوان من المشهد السياسي الليبي، سيحاولون دعم حركة النهضة التونسية في محاولة لاستعادة الهيمنة المفقودة".
وأوضحت: "يملك إخوان ليبيا السلاح والمال والمرتزقة من المقاتلين، وهناك معلومات تشير إلى تحركات وتخطيط من أحد قادة الجماعة الليبية المقاتلة للنيل من تونس".
وتقول في توصفيها للمشهد التونسي الحالي إن "البلاد على منعطف جديد وخطير وما يحدث أشبه بالزلزال، وهو ما يستدعي من الشعب اليقظة والانتباه".
وردا على سؤال حول رد فعل النهضة وإن كانت ستستسلم للأمر الواقع، توقعت "الهمامي" أن "تتفتت الحركة من الداخل لاحقا" وهو ما برهنت عليه بـ"خطابها الضعيف الحالي، إضافة إلى انسحاب أنصار (زعيمهم راشد) الغنوشي من أمام البرلمان، فضلا عن تورط عناصر في الحركة بقضايا فساد مالي، ويريدون النجاة والهروب بأخف الاضرار".
وتابعت: "في تونس بلد الحريات وقبول الآخر واحترام الأحزاب، تواجد الإخوان في الحكم لمدة عشر سنوات وأثبتوا أنهم فاشلون وغير صالحين لإدارة البلاد"، داعية حركة النهضة وباقي الأحزاب إلى القبول بقرارات سعيد التي جاءت وفقا للفصل 80 من الدستور التونسي الذي يخول للرئيس الاجتهاد في ظل غياب المحكمة الدستورية".
مخاطر
الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حذر من جانبه، من أن "المشهد الحالي في تونس محفوف بالمخاطر، لاسيما مع اختراق حركة النهضة مفاصل الدولة، علاوة على الوضع الاقتصادي المأزوم".
وقال: "الإشكالية الكبيرة هي عدم وضوح رؤية الرئيس التونسي بشكل شامل، رغم كل ما يقوم به من إجراءات الآن"، معتبرا أن "القرارات تحتاج إلى ظهير شعبي وتأييد النخب، ودعم المؤسسة العسكرية، وحشد المواقف الإقليمية والدولية للاستمرار في قراراته، والدعم الأمريكي الفرنسي له هو الأهم فى هذا التوقيت".
ووفق الخبير، فإن الرئيس التونسي لازال يتكشف خطواته حتى هذه اللحظة، والمطلوب وضع خارطة طريق كاملة واتجاهات واضحة تحمل تركيزا على الجانب السياسي أكثر من القانوني، لاسيما وأنه احتكم إلى نصوص دستورية ربما تحتاج إلى تفسيرات خاصة والبرلمان والقوى السياسية انقسموا حول هذه الخطوات.
وشدد على أنه "لا يتوقع أن تستسلم النهضة بسهولة لقرارات الرئيس، ويجب التعامل مع الحركة بذكاء وتكتيك سياسي".
ولم يختلف فهمي مع سابقيه حول سيناريو دعم إخوان ليبيا، قائلا: "من الوارد استعانة إخوان تونس بالتنظيم في ليبيا، وتبني خيار العنف يظل أمرا واردا لكن ليس فى هذا التوقيت".
وكانت "النهضة" قد دعت رئيس الدولة إلى التراجع عن قراراته ومعالجة التحديات والصعوبات التي تعاني منها البلاد ضمن الإطار الدستوري والقانوني الذي يتماشى والخيار الديمقراطي، مع ضرورة استئناف عمل البرلمان كسلطة أصلية منتخبة ديمقراطيا.
وعقد الرئيس التونسي قيس سعيد، الأربعاء، مجددا اجتماعا بأعضاء المجلس الأعلى للجيوش والقيادات الأمنية بالبلاد.
وللمرة الثانية في أقل من أسبوع يستدعي الرئيس التونسي المجلس الأعلى للجيوش والقيادات الأمنية الكبرى، حسب ما أفادت الرئاسة التونسية في بيان الأربعاء
وضم الاجتماع، حسب مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية"، الجنرالات الكبرى للجيش التونسي والقيادات العليا في مكافحة الإرهاب لبلورة الخطوات اللاحقة بعد تجميد عمل البرلمان وتعليق الحصانة على نوابه.
وأوضحت ذات المصادر أن سعيد سيدرس مع المجلس الأعلى للجيوش مسألة وضع شخصيات سياسية متهمة بالفساد قيد الإقامة الجبرية، ووضع الترتيبات لحماية الحدود الجنوبية لتونس بعد ورود معلومات عن محاولة بعض المليشيات الإرهابية التسلل من غرب ليبيا إلى تونس .
aXA6IDMuMTQyLjQzLjI0NCA= جزيرة ام اند امز