"بن علي".. سنوات الحكم والغياب عن تونس
ولد بن علي في 3 سبتمبر 1936 بمدينة حمام سوسة الساحلية، والتحق في 1958 بصفوف الجيش التونسي، وتدرج في خدمته العسكرية، حيث بدأ مرافقا برتبة جندي في بيت الجنرال علي الكافي.
واقع متقلب وأحداث مفصلية شكلت معادلة تروي فصولا متشابكة في علاقة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي بالسلطة منذ شبابه، فهو ذلك الرجل الذي تقاطعت عنده مزاجات العصر الحديث لتونس، بحقباتها المتسارعة وأحداثها المتواترة، بأفراحها ومآتمها.
زين العابدين بن علي، الرئيس التونسي، الذي أعلن محاميه منير بن صالحه، الخميس، وفاته يعد أشهر رؤساء تونس، ربما لتزامن نهاية حكمه بعواصف اجتاحت العالم العربي، أو ربما لأن الاحتجاجات التي أطاحت به أعادت تشكيل الوعي المجتمعي والسياسي، وقدمت رؤى مختلفة.
لكن الثابت هو أن الاعتبارية الذاتية والسياسية لـ"بن علي" ستظل متماهية مع محطات كثيرة من تاريخ تونس، بغض النظر عن الانطباعات الشخصية حول فترة حكمه أو ظروف تخليه عن السلطة، أو ما بينهما.
فمن هو هذا الرجل الذي حمله الحلم إلى أعلى المناصب ببلاده، قبل أن تلقي به العواصف إلى شواطئ المنفى، هناك حيث دوّن لنفسه آخر فصوله، واحتفظ بين دفاتره بأسرار يومه الأخير في الحكم، ذلك السر الكبير الذي لا يزال يؤرق التونسيين ويقتلهم فضولا لمعرفته بعد سنوات من الأحداث، ونحو عقد من العاصفة، وعقب تلاشي نشوة الحماس، وسقوط الأقنعة.
الحياة المبكرة
ولد بن علي في 3 سبتمبر/أيلول 1936 بمدينة حمام سوسة الساحلية، وبعد فشله في الحصول على شهادة مهنية بأحد معاهد المحافظة، التحق في 1958، بصفوف الجيش التونسي حديث العهد حينها.. تدرج في خدمته العسكرية، حيث بدأ مرافقا برتبة جندي في بيت الجنرال علي الكافي بالجيش التونسي، وأبدى إخلاصا أثار انتباه الجنرال فقربه منه، وزوجه ابنته نعيمة.
تقارب فتح أمام الشاب بن علي أبواب النجاح على مصراعيها، فالمكانة المميزة التي كان يحظى بها الكافي في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة، مكنته من إرسال صهره الذي أصبح ضابطا في بعثة عسكرية إلى كلية سان سير الراقية في فرنسا، للحصول على تدريب عسكري عصري قبل أن يتابع دروسا في فنون المدفعية في بلدية شالون سور مارن.
وتواصل دعم والد زوجته له بعد عودته من فرنسا، ليدخل إثر ذلك الاستخبارات العسكرية، ثم التحق بدورة عسكرية في المدرسة العسكرية العليا للاستخبارات والأمن في بلتيمور بالولايات المتحدة، وتسلم بعد انتهائها الأمن العسكري التونسي.
من السرية إلى العلن
لم يكن بن علي شخصية تحب الأضواء، أو قد يكون لتكوينه العسكري دور في ذلك، حيث اقتصرت "شعبيته" على الدوائر الحزبية والمعارضين، قبل أن يدوي اسمه حين طلب العقيد الليبي معمر القذافي تعيينه وزيرا للداخلية في دولة "الوحدة الجمهورية العربية الإسلامية"، التي أعلنت بين تونس وليبيا في جزيرة جربة التونسية، أثناء لقاء القذافي وبورقيبة في يناير/كانون الثاني 1974.
لم تدم الوحدة أكثر من 48 ساعة، حيث تم إجهاضها، لكن ظل اسم بن علي عالقا في الأذهان، خصوصا في ظل نجاحه في الاستمرار بموقعه لمدة 13 عاما، وهي الفترة الفاصلة بين مشروع الوحدة ونهاية حكم بورقيبة، إثر انقلاب بن علي عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 1987.
يقول معاصرون لـ"بن علي" عنه إن قوته الكامنة وغير الظاهرة هي ما جعلته بمنأى عن مخاوف بورقيبة، حيث لم ير فيه تهديدا لعرشه، وهذا ما جعل الأخير بشخصيته التاريخية كبطل للاستقلال، يرى فيه الرجل القادر على أن يؤمن حكمه.
ليلى الطرابلسي ومرحلة جديدة
ليلى، زوجته التي لا تقل شهرة عنه، التقاها في إحدى المداهمات التي كان يشرف عليها بنفسه أثناء توليه مديرية الأمن الوطني، لمحال أو أماكن كانت تصل عنها بلاغات للأمن، وكانت تمتلك محل تجميل مخصص للنساء، فوقعا في الغرام وارتبطا بعلاقة استمرت لسنوات قبل أن تكلل بزواج مستمر حتى اليوم.
عين ملحقا عسكريا في المغرب، ومنها انتقل إلى بولندا ومن ثم عاد إلى تونس ليبدأ مرحلة جديدة بتعيينه من قبل بورقيبة وزيرا للداخلية ثم رئيسا للوزراء..
وبعد شهر واحد من توليه رئاسة الحكومة، ذهب بن علي إلى قصر المنستير حيث كان يرقد بورقيبة بعد أن بلغ به الوهن أشده، ليبلغه أن وضعه الصحي لا يسمح له بأن يظل رئيساً، فكان انقلابا غير دموي حصل بمقتضاه بن علي على مقاليد السلطة.
رئاسته وزواجه الثاني
يقول بعض الكتاب التونسيين إن بن علي الذي كان يكن ودا خاص للأمريكيين، لم يطلعهم على نيته بشأن انقلاب 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987، فيما كانت الأجهزة الإيطالية هي الوحيدة التي علمت بالاستعدادات وساعدت عليها.
انتهت حقبة بورقيبة وبدأ عهد بن علي، الذي طلق زوجته الأولى ابنة الجنرال الكافي، ليتزوج ليلى الطرابلسي، ويستمر في حكمه، قبل أن يبدأ الاحتقان الاجتماعي في سنوات حكمه الأخير يتخذ منحى تصاعديا حتى انفجر في شكل احتجاجات بدأت مطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، قبل أن تنتهي بهروب بن علي إلى الخارج، ودخول تونس مرحلة جديدة.
مرضه
ويصارع بن علي منذ سنوات سرطان البروستاتا الذي اكتشف أنه مصاب به مؤخرا.
aXA6IDEzLjU4LjQwLjE3MSA=
جزيرة ام اند امز