الانتخابات والإخوان.. قيادي تونسي يستشرف لـ"العين الإخبارية" وصفة الخلاص
معاول خراب تسمم مسار إصلاح اختاره التونسيون لترميم عشرية سوداء قادها الإخوان، ذلك التنظيم الذي طوته محصلة قاتمة أسقطته من سدة الحكم.
هكذا لخص القيادي الحزبي التونسي محمد علي البوغديري الوضع ببلاده بعد 25 يوليو/ تموز 2021، وهو تاريخ انطلاق مسار إصلاحي بقرارات رئاسية استثنائية قادت لاحقا إلى حل البرلمان الذي كان يهيمن عليه الإخوان.
مسار منح شارة أفول الإخوان، وفتح في الآن نفسه المجال للتغيير والمضي قدما نحو تأسيس جمهورية تونسية جديدة تقطع مع إرث التنظيم وترمم خرابه، عبر انتخابات برلمانية مقررة بعد أسبوعين.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية"، تحدث البوغديري، وهو العضو المؤسس لمبادرة "لينتصر الشعب" الداعمة لمسار 25 يوليو، عن الاقتراع المقرر في 17 ديسمبر/ كانون أول الجاري، مشيرا إلى وجود أطراف تريد إفشال المسار وتعطيله وصفها بـ"قوى الشد للوراء".
ودعا البوغديري، وهو قيادي نقابي سابق، إلى إنجاح عملية استكمال المؤسسات لإنجاح مسار 25 يوليو بتركيز برلمان جديد، مشددا على ضرورة تسليط الضوء على المشاكل الحقيقية التي تعيشها البلاد.
والبوغديري هو قيادي سابق في "الاتحاد العام التونسي للشغل"، وشغل منصب الأمين العام المساعد الأسبق للمركزية العمالية.
وفي 9 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، أعلن سياسيون ونشطاء بالمجتمع المدني إطلاق مبادرة "لينتصر الشعب" لاستكمال مسار 17 ديسمبر/ كانون أول 2010، ومساندةً لمسار 25 يوليو.
وفي ما يلي نص المقابلة:
"لينتصر الشعب" تأسست قبل شهرين من الانتخابات التشريعية ..ما هي هذه المبادرة وما مكنونها السياسي؟
"لينتصر الشعب" اسم ينضح بأبعاد كثيرة، خصوصا في ظل الظرف المناسب أمام الشعب لأول مرة بشكل مباشر للترشح للبرلمان للتعبير عن مشاغل ومشاكل سكان الدوائر الانتخابية.
نحن متفقون ومؤمنون بأن الحركة التصحيحية ليوم 25 يوليو 2021 التي قادها الرئيس قيس سعيد باقتدار يجب أن ترافقها اقتراحات من أجل الخروج من الوضع الصعب الذي تعيشه تونس حاليا.
وارتأينا ضرورة تجميع أفكارنا في هذه المبادرة ووضع برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي يمكن اعتماده لحلحلة الأزمة التي تعيشها البلاد.
هذه المجموعة التي أسست مبادرة "لينتصر الشعب" تمثل انصهارا شعبيا لمكونات تعمل على أن يفي مسار 25 يوليو بأهدافه رغم المجهودات التي بذلها البعض لتعطيله بتدخل عدة سفارات.
الفعاليات السياسية التي التحقت بهذا المشروع تحمل فكرا مختلفا عما يسود في الساحة السياسية كبديل للشعب التونسي حيث تدعو هذه المبادرة إلى أن يبقى الصراع الوطني داخليا دون تدخل لأي طرف أجنبي.
* كيف ترون أنفسكم في البرلمان القادم؟
المئات من المرشحين يتفقون مع أفكار مبادرة لينتصر الشعب، وسيكون البرلمان القادم مغايرا عن السابق حيث تقدم للانتخابات مرشحون أكفاء ونزهاء، وعددهم يتجاوز 130 من مناصري المبادرة.
نحن نعمل على إنجاح عملية استكمال المؤسسات لإنجاح مسار 25 يوليو بتركيز برلمان جديد، ونعتبر أن هذه المحطة ستنهي الوضع الاستثنائي وستحيلنا إلى مرحلة أخرى جديدة.
* هل حقق مسار 25 يوليو جميع أهدافه؟
نحن من أبناء 25 يوليو ونحن جزء من مئات الآلاف من عمال وفلاحين (مزارعين) وطلبة ورأس مال وطني نزلوا للشارع للتعبير عن مساندتهم للرئيس قيس سعيد بعد أن أزاح برلمان الإخوان التعيس الذي كان ساحة للمزايدات والعنف والاعتداء على المرأة التونسية.
نحن باركنا الحركة التصحيحية الحقيقية ونعمل الآن على إنجاح هذا المسار الانتقالي، وخلافا لما يتم الترويج له فإن ما قبل 25 يوليو لم يكن هناك احترام للحقوق والحريات ولا وجود لمؤشرات ديمقراطية بل كانت هناك تدخلات في السيادة الوطنية عمقت مفهوم الاستبداد ونهب ثروات البلاد.
مسار 25 يوليو حقق العديد من الأهداف حيث تم تشكيل حكومة نجلاء بودن التي تقطع مع تشكيلة هشام المشيشي (موالية للإخوان)، وترأستها لأول مرة امرأة في رسالة موجهة لأعداء المرأة.
كما تم إجراء استشارة شعبية شارك فيها مئات الآلاف من التونسيين لمعرفة مطالب الشعب، وجرى تنظيم استفتاء عن دستور الجمهورية الجديدة يقطع مع دستور الإخوان، ما يعني أن تونس نحو بناء المؤسسات الدستورية وحاليا تعمل على إجراء انتخابات برلمانية.
هذه الانتخابات التي يعمل الكثير من أجل إفشالها حيث إن هناك من يريد ضرب الدولة التونسية بأكملها وليس الرئيس فحسب.
*ما هو موقفكم من دعوات الإخوان وغيرهم لمقاطعة الانتخابات وتشويهها؟
قوى الشد للخلف قد تعطل بعض الشيء لكن ذلك لن يعيق التطور والتقدم، فالانتخابات ستنجز بالرغم من كل شيء.
وهذه الانتخابات عكس ما يروجون لها غابت عنها الأموال الوسخة والجاه وشارك فيها مواطنون يتحركون في محيطهم بتمويلاتهم الذاتية، كم جميل هذا المشهد: مرشحون يتحركون في محيط ضيق وأغلبية السكان يعرفونهم، ففي السابق يتم ضخ الأموال الكثيرة وأي مرشح يمكن أن يترشح على أي جهة (دائرة) حتى وإن كان سكان الدائرة لا يعرفونه.
* تحدثتم عن ضرب الدولة واستهدافها. كيف تفسرون ذلك؟
نعم الدعوة لعدم عقد القمة الفرنكوفونية (عقدت من 19 إلى 20 نوفمبر الماضي وتحدث الرئيس سعيد عن مساعي إخوانية لإفشالها) إضافة لدعوة صندوق النقد الدولي لعدم إقراض تونس من خلال تشويه صورة البلاد وبث إشاعات وتنظيم رحلات هجرة غير نظامية لإغراق الشباب في عرض البحر.
* هل تتهمون أطرافا معينة بالوقوف وراء عمليات الهجرة غير النظامية؟
نعم تتالي عمليات الهجرة غير النظامية في الفترة الأخيرة مدبرة وتقف وراءها المنظومة السابقة التي كانت تحكم في تونس وأنهى سعيد أحلامها للعودة من جديد.
بالفعل تونس تمر حاليا بظروف صعبة لكنها نتاج لعشر سنوات عجاف من حكم حركة النهضة الإخوانية وحلفائها، لذلك لا بد من إعادة بناء الدولة ووضع اليد في اليد من أجل هذا الوطن للعيش بكرامة فيه.
* كيف تقيمون مسار محاسبة الإخوان قضائيا؟
للأسف هناك إشكال في القضاء التونسي بالرغم من أنه لدينا قضاة شرفاء ومحامون أكفاء لكن هناك جزءا أصبح يحسب على أشخاص معينة.
نحن مع المحاسبة القضائية ومع قضاء عادل وناجز ونريد أن يتعافى القضاء ليقود مسار المحاسبة. فمن اقترفت يداه جرما فيجب أن يحاسب كي لا يتواصل مسلسل الإفلات من العقاب لكن أوصي بأن تكون المحاسبة على أسس قانونية واستنادا لملفات وجرائم حقيقية ثابتة.