نائب الغنوشي وسنوات الإرهاب.. العريض يقطف حصاد إخوان تونس
أمام مقصلة العدالة تقف قيادات الإخوان في تونس لتحصد أشواك سنوات حكم فتح طرقات الموت أمام الشباب، وأغلق منافذ الحياة بوجه شعب بأكمله.
سنوات من السلطة عاث فيها التنظيم فسادا واستغل فترة عصيبة من التحول والفوضى ليركب أمواج الارتباك ويجذف بأحلام التونسيين نحو نفق مظلم لا تزال البلاد تعاني من ارتداداته.
عقد من الإرهاب ينتهي بالقائمين عليه أمام العدالة، تماما كما هو الحال مع زعيم التنظيم راشد الغنوشي وغيره من القيادات الأخرى، قبل أن ينضم للركب نائبه علي العريض، والذي تقلد سابقا منصب رئيس وزراء ضمن العشرية السوداء في تونس.
وفي أحدث الضربات الموجعة للتنظيم، وجهت محكمة تونسية مختصة مذكرة إيداع بالسجن بحق العريض، على ذمة قضية تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر.
وجاء قرار قاضي التحقيقات في تونس، بسجن "العريض" بعد ساعات من استجواب خضع له في جلسة تعتبر الثانية وترتبط بملف التسفير، بعد أن استمعت النيابة العامة له بجلسة أولى في 20 سبتمبر/ أيلول الماضي، تم على إثرها الاحتفاظ به ثم إطلاق سراحه وإبقائه على ذمة التحقيق.
قرار اضطرت حركة النهضة الإخوانية لإعلانه، محاولة في الآن نفسه التخفيف من وطأته عبر مزاعم وأكاذيب باتت مستهلكة.
قضية التسفير
تولى علي العريض وزارة الداخلية بين 2011 و2013، ثم رئاسة الوزراء في تونس من 2013 إلى 2014، وهي الفترة التي نشطت فيها شبكات التسفير وتنامى فيها عدد المتطرفين.
ويلاحق القضاء التونسي العريض في ملف التسفير الذي يحظى باهتمام الرأي العام، ويشتبه بتورط عدّة قيادات سياسية وأمنية أخرى فيه، على رأسها الغنوشي والقيادي الإخواني الحبيب اللوز، إلى جانب النائب السابق بالبرلمان ورجل الأعمال محمد فريخة، وقيادات أمنية تولت سابقا مسؤوليات بوزارة الداخلية خلال فترة حكم الترويكا التي قادتها حركة النهضة بين 2011 و2014.
وتلاحق حركة النهضة شبهات بالتورط في دفع الشباب إلى الالتحاق ببؤر التوتر والإرهاب خارج البلاد عبر المساجد والجمعيات.
وسبق أن وثقت لجنة مكافحة الإرهاب في تونس وجود أكثر من 3 آلاف إرهابي تونسي في سوريا وليبيا والعراق حتى عام 2018، عاد منهم قرابة الألف إلى بلادهم.
وفي تصريحات إعلامية سابقة، قال عدد من الأمنيين التونسيين إن تنظيم الإخوان لعب دورا رئيسيا في تسهيل عبور الإرهابيين عبر مطار قرطاج وصولا لبؤر التوتر، إضافة إلى تدريب عدد من الشباب على استعمال الأسلحة في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية وتمرير حقائب من الأموال.
أخطبوط إخواني
يعتبر علي العريض أحد أهم قادة الإخوان في تونس، وذلك عقب محاكمة قيادة الحركة في منتصف عام 1981، ثم في عام 1987 حكم عليه بالإعدام غيابيا، وألقي عليه القبض بعد وصول زين العابدين بن علي الرئيس التونسي الراحل، إلى السلطة في 7 نوفمبر/ تشرين ثاني 1987، ليصدر عليه نفس الحكم بالإعدام.
لكن الحكم لم ينفذ ثم صدر عفو بشأنه لاحقا، وتولى بعد ذلك الأمانة العامة لحركة النهضة حتى ألقي عليه القبض في ديسمبر/ كانون أول 1990، ومثل أمام المحاكمة ضمن قيادات الحركة في صائفة 1992، وحكم عليه بـ15 عاما سجنا قضى منها عشرة أعوام في عزلة تامة.
وبعد خروجه من السجن، عاد إلى الظهور والمشاركة باسم حركته في ما عرف بـ"هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات" التي جمعت إسلاميين ويساريين وليبراليين وقوميين.
وعقب 2011 وسقوط نظام بن علي، عاد العريض لينفث سمومه ويغرس أنيابه في جميع هياكل الدولة.
"مشانق"
حسن التميمي، الناشط والمحلل السياسي التونسي، يرى أن توقيف العريض يشكل الحلقة الأولى في مسلسل محاسبة الإخوان.
وقال التميمي، في حديث لـ"العين الاخبارية"، إن "التوقيفات بدأت ولا رجوع للوراء في انتظار البقية من التنظيم الذي نكل بالشباب التونسي وأرسله الى بؤر الإرهاب".
وأضاف أن "تحرك القضاء يبرهن على تعافيه بعد مسار 25 يوليو، الذي أنهى حكم الإخوان في تونس".
وأوضح أن "قضية تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر هي القضية التي ستلف حبال المشانق على رقاب قيادات إخوانية بعد ما حول التنظيم في السنوات الماضية لمنصة لتعبئة الإرهابيين عبر جهازها الدعوي، الذي اشتغل على دمغجة الشباب قبل تسهيل تسفيرهم إلى بؤر التوتر".
وسبق أن أصدر القضاء التونسي مذكرات توقيف بحق كل من فتحي البلدي المكلف بمهمة سابقا بديوان وزير الداخلية والمسؤول عن الجهاز السري للإخوان بالوزارة، ومحرز الزواري المدير العام الأسبق للمصالح المختصة (المخابرات) بوزارة الداخلية، وسيف الدين الرايس المتحدث الرسمي سابقا باسم "أنصار الشريعة" المحظور والمصنف كتنظيم إرهابي.
وبصفة عامة، تضمن ملف "تسفير الإرهابيين" الذي رفعته البرلمانية السابقة وعضو لجنة التحقيق البرلمانية في ملف التسفير، فاطمة المسدي، وثائق "تؤكد تورط جهات رسمية أجنبية في تزوير جوازات سفر لإرهابيين كانوا بجبهات القتال بسوريا، من أجل العودة إلى تونس".
كما تضمن الملف وثائق تدل على وجود أمنيين متورطين في استخراج جوازات سفر لإرهابيين دون تثبت، خلال عامي 2012 و2013 اللذين شهدا رحلات منظمة عبر شركة "سيفاكس إيرلاينز" التابعة للبرلماني الإخواني محمد فريخة و"شركة الطيران التونسية" وشركة أجنبية، حاملة إرهابيين إلى بؤر التوتر.
الملف تضمن أيضا تورط حركة النهضة الإخوانية، في أنشطة متطرفة ساهمت في "غسل دماغ" للشباب قبل تسفيرهم إلى سوريا، وتورط في هذه الأنشطة الإخوانيان رضا الجوادي والحبيب اللوز، وبعض الجمعيات القريبة من التنظيم الإرهابي.
وأبرز الملف تسهيل قيادات أمنية لعملية التسفير عبر تدليس جوازات السفر، وضلوع جمعيات وأحزاب سياسية وشركات في تمويل عملية التسفير.
aXA6IDMuMTQ1LjE2Ny41OCA= جزيرة ام اند امز