احتجاز القروي وتواطؤ الإخوان.. صراع مفتوح بين القضاء التونسي والمحاماة
دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس قررت تأجيل النظر في مطلب الإفراج عن المرشح الرئاسي نبيل القروي إلى جلسة يوم الإثنين المقبل
قررت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس رسميا تأجيل النظر في طلب الإفراج عن المرشح لرئاسة الجمهورية في الدور الثاني ورئيس حزب "قلب تونس" نبيل القروي إلى يوم الإثنين المقبل لتعذّر انعقاد الجلسة بسبب إضراب القضاة.
- هيئة الانتخابات التونسية "قلقة" إزاء استمرار حبس "القروي"
- السماح لـ"القروي" بالمشاركة في مناظرات الدور الثاني لانتخابات الرئاسة التونسية
وتم توقيف القروي، في 23 أغسطس/آب الماضي، بتهمة تبييض الأموال والتهرب الضريبي، في الوقت الذي اتهم فيه حزبه (قلب تونس) الائتلاف الحاكم بين يوسف الشاهد وحركة النهضة الإخوانية باصطناع ملف قضائي ضده لإقصائه من السباق الرئاسي.
وفجّرت عملية إيقاف القروي وملابساتها، فضلا عن الملف المفتوح للجهاز السري للإخوان، صراعا مفتوحا بين الجهاز القضائي التونسي والهيئة التونسية للمحامين.
وتعد هيئة المحامين التونسيين من أبرز الهيئات في تونس، حيث حصلت سنة 2015 مع الاتحاد العام التونسي للشغل ورابطة حقوق الإنسان واتحاد أصحاب الأعمال في تونس على جائزة نوبل للسلام، لدورها في تهدئة الأجواء السياسية بين مختلف الفرقاء السياسيين بعد عملية اغتيال الزعيمين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
عميد المحامين التونسيين إبراهيم بودربالة قال، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن المحامين سينفذون، الجمعة، "يوم غضب وطني" ووقفات احتجاجية بكل المحافظات، مؤكدا أن ما تعرضت له هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي من اعتداءات لا يجب أن تتكرر في تاريخ العدالة التونسية.
وكان أكثر من 100 محامٍ قد تعرضوا، يوم الإثنين الماضي، إلى الاعتداء من قِبل قوات الأمن داخل قصر العدالة التونسية بعد احتجاجهم على عدم البت في القضايا التي تدين حركة النهضة الإخوانية في علاقتها بإخوان مصر والاغتيالات السياسية التي طالت زعامات يسارية في تونس سنة 2013.
القضاء في مواجهة مع المحاماة
جمعية القضاة التونسيين اعتبرت بدورها، في مؤتمر صحفي، أن ما حدث لهيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي هو "واقعة اقتحام"، وبالتالي من الضروري دخول الجهاز القضائي في إضراب إلى أمد مفتوح.. وحذر القضاة من خطورة احتقان الوضع السياسي في تونس الذي بإمكانه دفع البلاد إلى مزيد من التأزم.
ونظرا لاحتجاج القضاء التونسي، وقع تأجيل النظر في قضية المرشح الرئاسي نبيل القروي إلى يوم الإثنين، في الوقت الذي أكدت فيه بعض المصادر القضائية، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الإذن بالإفراج عنه وقع ختمه في انتظار جلسة يوم الإثنين.
الإخوان محور الجدل
يؤكد غازي الرايس، أستاذ القانون بالجامعة التونسية، أن تعطل أدوات الاتصال بين الجهاز القضائي في تونس والمحامين سيعرض الانتقال الديمقراطي لصعوبات قد تصل إلى إيقاف مسار العدالة، معتبرا أن الإخوان يريدون الضغط بوسائلهم الخاصة لعدم كشف الملفات الحساسة.
وأوضح، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن التوافقات السياسية التي حصلت بين حكومة يوسف الشاهد والإخوان عطّلت مسار الكشف النهائي عن حقيقة الاغتيالات السياسية وارتباط حركة النهضة بالإرهاب في تونس منذ سنة 2011.
وهي الملفات التي يعدّها المراقبون للمشهد التونسي محورا أساسيا لإنجاح الاستحقاق الانتخابي في بُعديه الرئاسي والتشريعي.
وأضاف الرايس قائلا إن "ما تم كشفه وعرضه من وثائق حول تورط حركة النهضة مع جماعة الإخوان الإرهابية بمصر في تخريب الدولة التونسية يعد جريمة تاريخية، ومن الواجب ملاحقة الجناة الحقيقيين فيها".
وفي هذا الإطار، نشرت جمعية "المحامين الشبان" بيانا اتهمت فيه حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي بالوقوف وراء الإرهاب، والعمل على تأهيل الوضع التونسي لمزيد من الضربات الإرهابية.
واتهمت الجمعية، التي تضم مئات الشبان من المحامين التونسيين، الغنوشي بعمله على ضرب المسار الديمقراطي وزرع الفتنة بين أبناء الشعب التونسي.
وأكد غيث البوعزيزي، عضو جمعية المحامين الشبان، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن المحامين يمثلون الجهاز الحقوقي وجدار الصد الأول الذي سيقف ضد كل الاختراقات الخطيرة.
وأوضح البوعزيزي أن موقفهم من حركة النهضة هو جزء من حقائق وتحقيقات ووثائق قانونية أثبتت إدانة أحد أعضائها، وأن المنطق الطبيعي هو التحرك ضد كل التجاوزات، فهو صراع مفتوح بين جهاز القضاء والمحامين في ظرف سياسي تعيش فيه تونس أكثر من عملية انتخابية وأكثر من استحقاق سياسي، قد يكون توقيعا خطيرا على مسارها الانتقالي.