تعيينات الإخوان تحت المجهر.. تونس تسابق الزمن لتطهير مؤسساتها
كانوا يدركون منذ البداية أن التحكم بمفاصل الدولة يمر عبر تلغيم مؤسساتها بأنصارهم وهذا ما حدث طوال عشرية سوداء من حكم الإخوان بتونس.
فإخوان تونس، الفرع الذي عبث بمؤسسات البلاد وسمم مفاصلها بتعيينات عشوائية للموالين لهم، حتى بات الكثير منها شبيها بأوكار ملغومة تسير مصالح المواطنين حسب انتماءاتهم.
لكن جميع مخططاتهم باءت بالفشل، إذ انطلقت تونس منذ سبتمبر/ أيلول الماضي في عملية تدقيق في التعيينات التي أجراها الإخوان منذ 14 يناير/كانون ثاني 2011 حتى 25 يوليو/ تموز 2021، تاريخ قرارات رئاسية استثنائية رسمت بداية نهايتهم.
وتشمل العملية، التدقيق في حوالي 432 ألف انتداب، من بينها من تم تعيينهم في الوظائف الحكومية بناء على الولاءات.
ومؤخرا، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد أن «العملية تقتضي تطهير الدولة من كل من يعمل على العودة بها إلى الوراء ومن كل من يُعطّل عمدا سير عديد المرافق العمومية (الحكومية)».
وسبق أن أذن سعيد بإحالة جميع الملفات التي أكدت القرائن والأدلة أن الشهادات العلمية التي تحتويها مزورة، على النيابة العامة.
ووصلت تونس إلى أشواط متقدمة في عملية التدقيق بالتعيينات الإخوانية التي أسفرت حتى الآن عن اكتشاف أكثر من 2700 وثيقة وشهادة علمية جرى تزويرها من أجل نيل وظائف حكومية بناء على الولاء لحركة النهضة (الذراع السياسية لإخوان تونس)، وفق الرئاسة التونسية.
وفي تصريحات سابقة، قال وزير المالية التونسي السابق حسين الديماسي إنه في عام 2012، تم تعيين نحو 50 ألف شخص في وظائف حكومية، وحوالي 40 ألف شخص بالعام التالي أي 2013، أغلبهم من حركة النهضة الإخوانية.
عملية تطهير
ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن عملية التدقيق في التعيينات الإخوانية تهدف لتطهير المؤسسات الحكومية من براثن التنظيم.
وفي قراءته للموضوع، قال الصحبي الصديق، الناشط والمحلل السياسي التونسي، إنه "رغم الإطاحة بحكم الإخوان، إلا أن التنظيم لا يزال يصول ويجول ويعمل على تعطيل الخدمات التجارية والإدارية والمشاريع".
وأضاف الصديق، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "عدد الحاصلين على العفو التشريعي العام يقدر بـ9 آلاف شخص، وجرى تعيينهم منذ سنة 2011 عن طريق تدليس 140 ألف شهادة علمية ومهنية".
وتابع أن " هناك مشاريع معطلة منذ 2011، وكان يمكن أن توفر ما بين 40 و50 ألف فرصة عمل".
بوابة السيطرة
من جهة أخرى، قال محمد الميداني، المحلل السياسي التونسي، إن المؤسسات الحكومية غرقت خلال العشرية الماضية، بالموظفين، وجميعهم من عناصر الإخوان.
وأضاف الميداني، لـ"العين الإخبارية"، أن "حركة النهضة كانت تدرك أن بوابة نجاح أي حزب للسيطرة على مفاصل الدولة هي ضمان أن يكون له نسيج من المسؤولين الموالين له، وهذا ما حدث حتى بعد الإطاحة بحكمهم، إذ لا تزال عناصر الحركة ترتع داخل الدولة وتواصل تنفيذ مخططاتها".
وأشار إلى أن "النهضة أغرقت الوظائف الحكومية بجماعتها وأنصارها والموالين لها لأنها كانت تريد أن يظل لها موطئ قدم يضمن بقاءها لمعرفتها بمدى اللفظ الشعبي لها وبأن مسار حكمها لن يدوم وأن المحاسبة آتية لا محالة".
وفي سبتمبر/ أيلول 2013، اتهم عبدالقادر اللباوي، رئيس الاتحاد التونسي لـ"المرفق العام وحياد الإدارة" آنذاك، الائتلاف الحاكم وخاصة حركة النهضة بتعمد "زرع أعضائها في مفاصل الدولة والإدارة بشكل أصبحت معه غير محايدة".
aXA6IDMuMTUuMjE0LjE4NSA= جزيرة ام اند امز