إخوان تونس يناورون بـ«الذئب المتمرد».. «عواء» على صدى فلسطين
حين تسقط كل أقنعتهم وتحترق جميع أوراقهم، لا يتبقى أمامهم سوى الانسلاخ من جلودهم وارتداء عباءات جديدة؛ علها تعيدهم بمعجزة للحكم.
إخوان تونس، الفرع الذي لفظة الشعب بعد عشرية سوداء في السلطة أعادت البلاد عقودا إلى الوراء، يحاولون عبثا الحصول على قشة إنقاذ تعيدهم للسلطة.
مسار يائس فاقم الانشقاقات بصفوف التنظيم، وجعل رفاق الأمس يعلنون الحرب على بعضهم البعض، ويركبون على جميع الأحداث أملا بإقناع التونسيين أنهم لم يكونوا أبدا من المنتمين لـ«الإخوان».
قشة فلسطين
في آخر تصريحات له، دعا القيادي الإخواني التونسي، عبداللطيف المكي، إلى "فتح مكتب للمقاومة في تونس تضامنا مع المقاومة الفلسطينية".
هذه الدعوة وصفها مراقبون بأنها ركوب على الأحداث من أجل كسب ود شعب معروف بتعاطفه الكبير مع القضية الفلسطينية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول 2024 التي يريد أن يشارك فيها الإخوان.
ويرى الناشط السياسي والمفكر الفلسفي التونسي، حمادي بن جاب الله، أن "عبداللطيف المكي يعد من بقايا الإسلام السياسي الذي يطمع إلى استعادة مكانة له عند الشعب التونسي واستغلال القضية الفلسطينية لصالحه".
ويقول ابن جاب الله، في حديث لـ"العين الإخبارية، إن "محاولاته (المكي) كلها لن تنفعه، لأنه وصل متأخرا كثيرا"، موضحا أن "الشعب لفظهم وحملهم مسؤولية الوضعية الاقتصادية والاجتماعية الراهنة التي تعيشها البلاد".
وتابع متحدثا عن المكي، قائلا إن "الذين عرفوه عن قرب يدركون أنه لم يكن طيبا مع زملائه عندما كان طالبا في الجامعة حيث اعتدى على صديقه بالضرب المبرح".
ولفت إلى أن "المكي لم يدخل السجن في قضية سياسية، كما ادعى، بل أدين على خلفية اعتدائه على صديقه بالضرب المبرح".
وتساءل الخبير: "متى كانت للوطنية في الأحزاب الدينية قيمة؟"، مُحمّلا مسؤولية الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها تونس إلى "من حكمونا خلال السنوات العشر الأخيرة وإلى الإسلام السياسي".
مناور جيد
من جانبه، يعد الصحبي الصديق، المحلل السياسي التونسي، أن "جميع الأبواب أغلقت أمام إخوان تونس الذين تم منعهم من عقد مؤتمراتهم، لذلك في كل مرة يحاولون الوجود في الشارع، إما عبر بوابة المظلومية وإما عبر فلسطين".
ويقول الصديق إن "السلطات التونسية أحبطت عدة مخططات لقلب نظام الحكم بقيادة تنظيم الإخوان وحلفائه، لذلك يريد الإخوان التسلل للشارع من تحت جبة فلسطين كي يكسب تعاطف الشعب التونسي".
وأشار إلى أن الإخوان، وعلى رأسهم عبداللطيف المكي الذي يتقن جيدا فنون المناورة، يعلمون أنه يجب إيجاد أبواب أخرى للعودة من جديد للحكم واستعادة مراكز النفوذ.
وأكد أن "عبداللطيف المكي عندما أيقن يوم 25 يوليو/تموز 2021، أن حركة النهضة (إخوانية) انتهت، أعلن انفصاله عن حزبه الأول وذلك هربا من المحاسبة وكي يكون بديلا لحزبه، حال حله أو تصنيفه إرهابيا".
وبحسب الخبير، فإن المكي "يعود اليوم مع اقتراب الانتخابات الرئاسية ليتلون من جديد محاولا الدخول في وجدان الشعب التونسي الذي لفظه هو وحزبه".
وأكد أنه "لا يمكن للتونسيين أن ينسوا هذا الشخص الذي تورط في قضية اللوالب القلبية الفاسدة التي دخلت إلى تونس عندما كان وزيرا للصحة والتي أودت بحياة العشرات من التونسيين".
واللوالب القلبية المنتهية الصلاحية (الدعامات القلبية)، هي فضيحة تفجرت بتونس في 2016، أي في عهد الإخوان، حيث تم اكتشاف أن ما لا يقل عن 151 مريضا خضعوا لعمليات جراحية لزرع «لوالب قلبية» كانت منتهية الصلاحية، في قضية لا تزال مفتوحة حتى اليوم.
سيرة متلونة
يُعتبر عبداللطيف المكي، أحد أبرز القيادات العليا لـ"النهضة" الإخوانية، فهو أحد نوابها في البرلمان وكان وزيرا للصحة، ويُعرف بأنه من صقورها، وكان أحد المرشحين النهضويين لرئاسة الحكومة، وكذلك لخلافة راشد الغنوشي على رأس الحركة، لولا إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 التي عصفت بالحركة.
وبعد 25 يوليو/تموز 2021، حين بدأت إجراءات الرئيس التونسي تجاه الإخوان، استقال المكي من حركة النهضة رفقة 113 من أعضاء الحزب، مطلع أغسطس/آب 2021.
وآنذاك، برر القيادي الإخواني استقالته بأنها تأتي بسبب ما وصفه بـ"السياسات الفاشلة وتمسك راشد الغنوشي برئاسة النهضة، الذي يتحمل المسؤولية كاملة عن الفشل السياسي الذي لحق بالحركة على مدار السنوات الماضية".
وفي يونيو/حزيران 2022، أعلن المكي رسميا تأسيس حزب "العمل والإنجاز"، وهو فصيل سياسي سجل دخوله بمشهد يقف على رمال متحركة بالنسبة لتنظيم أقصاه أداؤه وتطرفه من خارطة السلطة في تونس، بموجب إرادة الشعب والدستور.
وكان المكي أحد مؤسسي الاتحاد العام التونسي للطلبة (اتحاد طلبة الإخوان) الذي كان بين يناير/كانون الثاني 1989 وديسمبر/كانون الأول 1990 ثاني أمنائه العامين بعد عبدالكريم الهاروني.
وأدى صدام بداية التسعينات بين السلطة والنهضة إلى اعتقاله في مايو/أيار 1991 والحكم عليه بالسجن 10 سنوات.
ولاحقا، أطلق سراحه عام 2001، ومع رفض السلطات طلب إعادة تسجيله في كلية الطب بتونس لمواصلة دراسته، خاض عام 2004 إضرابا داميًا 57 يوما.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2011، انتخب نائبا في المجلس الوطني التأسيسي، وعين في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه وزيرا للصحة في حكومة حمادي الجبالي، وحافظ على نفس المنصب في حكومة علي العريض.
aXA6IDE4LjExNi44Ni4xMzIg جزيرة ام اند امز