3 سنوات على الإطاحة بحكم الإخوان.. تونس تخطو بثبات نحو المستقبل
تحل الخميس 25 يوليو/تموز الذكرى الثالثة على ميلاد الجمهورية التونسية الجديدة التي تأسست إثر الاطاحة بحكم الإخوان.
ففي الـ25 من يوليو/تموز، تحتفل تونس بعيد الجمهورية التي تأسست في نفس اليوم عام 1957, إثر التخلص من الحكم الملكي ومن حكم البايات بقيادة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
وفي نفس التاريخ من عام 2021، أطاحت تونس بحكم الإخوان عن طريق إعلان الرئيس قيس سعيد سلسلة إجراءات استثنائية بتجميد عمل البرلمان الذي كان يترأسه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي ورفع الحصانة على النواب ليتم لاحقا حل البرلمان في 30 مارس 2022.
ويرى مراقبون أن تاريخ 25 يوليو/تموز 2021 كان موعدا لإنقاذ تونس التي انتهكتها أيادي الإخوان ونكلت بشعبها وأفلست اقتصادها وأدخلتها في دوامة من العنف والاغتيالات.
وقال محمد الميداني المحلل السياسي التونسي إن "حركة النهضة انتهت من تونس خاصة بعد الزج بزعيمها راشد الغنوشي بالسجن فضلا عن إصدار مذكرة إيداع بالسجن في حق أمينها العام العجمي الوريمي، الأربعاء".
وأكد لـ"العين الإخبارية" أنه في 25 يوليو/تموز 2021، تظاهر الآلاف من التونسيين وأحرقوا مقار حزب النهضة مطالبين بغلق برلمان الإخوان ومحاسبة قياداته وهو ما استجاب إليه الرئيس قيس سعيد عبر إعلان إجراءات استثنائية أزاحت برلمان الإخوان.
وتابع: "تلك القرارات كانت بمثابة طوق النجاة للشعب التونسي، وهو ما بدى جليا من احتفالاتهم بالخلاص من الإخوان إثر خروجهم إلى الشوارع بسياراتهم رافعين الأعلام التونسية عقب دقائق من اتخاذها ويهتفون (يا غنوشي يا سفاح يا قتال الأرواح)".
وأضاف أن تاريخ 25 يوليو/تموز ارتبط في أذهان التونسيين بأنه تاريخ يرمز للحرية والتحرر حيث انطلق سنة 1957 بالإطاحة بالحكم الملكي ونظام البايات الذي أفلس البلاد ورهنها وجلب الاستعمار الفرنسي تحت مسمى الحماية سنة 1881، ونفس التاريخ أيضا عندما تخلصت البلاد من عشر سنوات من حكم الإخوان.
وأفاد بأنه منذ 25 يوليو/تموز 2021 انطلقت تونس في معركة تحرير وطنية ضد الفساد والاحتكار وضد إجرام الإخوان وتغولهم صلب الدولة مضيفا أن "المرحلة المقبلة ستكون مرحلة تحرير الاقتصاد ودعم منظومة الاستثمار والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
ذكرى اغتيال البراهمي
وفي نفس التاريخ في 25 يوليو/تموز 2013، عاشت تونس على وقع ثاني اغتيال سياسي في تاريخ البلاد بعد اغتيال شكري بلعيد في 6 فبراير/شباط 2013 ،عندما اغتالت أيادي الغدر القيادي القومي مؤسس حزب التيار الشعبي محمد البراهمي.
وعبرت مباركة البراهمي أرملة محمد البراهمي لـ"العين الإخبارية" عن أملها في أن تتضح خفايا العمليات الإرهابية والاغتيالات السياسية.
كما عبرت عن الأمل في أن يتم الإحتفال بالذكرى 12 لاغتيال محمد البراهمي وشكري بلعيد في السنة المقبلة وقد اتضحت ملامح كل العملية الإجرامية في حقهما.
وأشادت بالاستقرار الأمني وبجدية الأجهزة القضائية في التعامل مع ملف الاغتيالات السياسية خاصة بعد المشي لأشواط كبيرة في مسار المحاسبة.
في ذلك اليوم، استهدف البراهمي بـ14 طلقة نارية أمام منزله في ضواحي العاصمة، 6 منها اخترقت الجانب العلوي من جسده، في حين توجهت ثماني طلقات إلى رجله اليسرى، في حادثة مروعة جرت على مرأى ومسمع من زوجته وأبنائه الخمس.
مطلقا النار كانا يمتطيان دراجة نارية واستعملا مسدسًا من عيار 9 ملم، وقد كشفت التحقيقات إثر ذلك أنهما إرهابيان من تنظيم يسمى "أنصار الشريعة" المحظور، وهما بوبكر الحكيم ولطفي الزين.
كما تم رسميا اتهام حركة النهضة الإخوانية بالوقوف وراء عملية تصفية المعارض.
أبرز الإجراءات
ومنذ إعلانه إجراءاته الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، اتخذ الرئيس قيس سعيد عدة إجراءات، وأصدر عددا من القوانين التي أدت إلى تغيير المشهد السياسي.
ففي سبتمبر/أيلول 2021، علّق العمل بدستور الإخوان الصادر عام 2014، من خلال إصدار مرسوم رئاسي منظم للسلطات، وهو المرسوم الذي حمل رقم 117.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، عين سعيد، نجلاء بودن رئيسة للحكومة الجديدة، كما شرع في محاسبة عدد من البرلمانيين والسياسيين المتورطين في قضايا الفساد المالي والإرهاب، ومنع رجال أعمال ورؤساء أحزاب ومنظمات وقضاة وإعلاميين ومحامين من السفر.
وفي منتصف يناير/كانون الثاني 2022، أطلق الرئيس سعيد، الاستشارة الوطنية الإلكترونية حول الدستور والنظام السياسي والاقتصادي.
وفي الشهر التالي مباشرة، قرر حل المجلس الأعلى للقضاء عبر مرسوم رئاسي، وأقرّ استبداله بمجلس قضائي مؤقت معين، وذلك لإبعاد قضاة الإخوان المتسترين على القضايا الخطيرة والمتورط فيها قيادات الجماعة، أبرزها الاغتيالات السياسية وقضايا التسفير إلى بؤر الإرهاب والتخابر على أمن الدولة.
وفي مارس/آذار 2022، قرر حل البرلمان بشكل نهائي، وذلك على خلفية عقد جلسة عامة لمجلس نواب الشعب برئاسة رئيسه آنذاك راشد الغنوشي، أقرت إبطال العمل بالتدابير الاستثنائية التي وضعها سعيد، قبل أن يقرر بعدها حل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وتعديل قانونها وتعويضها بـ7 أعضاء معينين من قبل الرئيس.
وفي 25 يوليو/تموز 2022، تم تنظيم استفتاء على مسودة الدستور، ليتم اعتماده بأغلبية شعبية، ويترتب على ذلك صدور مرسوم في 15 سبتمبر/أيلول 2022، بتعديل القانون الانتخابي، من خلال فرض نظام الاقتراع على الأفراد بدل القوائم، مع خفض عدد مقاعد البرلمان إلى 161 نائباً.
وفي 17 ديسمبر/كانون الأول 2022، نظمت تونس الانتخابات التشريعية التي أسفرت عن برلمان خال من ممثلين لجماعة الإخوان.
ومنذ 11 فبراير/ شباط 2023، نفذت السلطات التونسية حملة توقيفات شملت قادة حزبيين وقاضييْن ورجل أعمال ومحامين ونشطاء، بتهمة ”التآمر على أمن الدولة، والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار، والتخطيط للانقلاب عن الحكم".
وفي 13 مارس/آذار 2023، فتح مجلس نواب الشعب أبوابه مجددا لاستقبال أعضائه المنتخبين حديثا في أول جلسة، دعا إليها الرئيس التونسي قيس سعيد وفق أمر رئاسي نشرته الجريدة الرسمية للدولة.
وفي 17 أبريل/نيسان 2023،ألقت السلطات التونسية القبض على زعيم إخوان تونس، راشد الغنوشي، بتهمة التآمر على أمن الدولة وأغلقت مقار حزب النهضة.
وتتالت الاعتقالات في حق قيادات النهضة الذين تورطوا في جرائم أنهكت البلاد.
وفي 24 ديسمبر/كانون الأول 2023، نظمت تون انتخابات لمجلس الجهات والأقاليم، والتي أفضت إلى انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان).
وفي 2 يوليو/تموز الجاري، دعا سعيد عبر أمر رئاسي رقم 403 الناخبين داخل تونس إلى انتخابات رئاسية في 6 أكتوبر، على أن يقترع الناخبون خارج البلاد أيام 4 و5 و6 من الشهر ذاته.
وفي 19 يوليو/تموز الجاري، أعلن قيس سعيد ترشحه للانتخابات الرئاسية ليواصل مساره الإصلاحي.