إخوان تونس و«الجهاز السري».. الخناق يضيق على الغنوشي
انتهاكات إخوان تونس على مدى أكثر من 10 سنوات بالحكم ترتد عليهم ملاحقات قضائية تنذر بكتابة الأسطر الأخيرة بدفاتر تنظيم عاث فسادا.
ملفات وقضايا كثيرة شائكة ومتشعبة لا تزال مفتوحة أمام القضاء التونسي للبت فيها، ضمن مسار محاسبة دشنته تونس منذ أكثر من عامين، عقب الإطاحة بالتنظيم من الحكم.
واليوم الجمعة، ختمت محكمة تونسية تحقيقها في قضية «الجهاز السري» التابع للإخوان، وقررت إحالة جملة المتهمين، ومن بينهم زعيم التنظيم راشد الغنوشي، إلى دائرة الاتهام بـ«القطب القضائي لمكافحة الإرهاب» (محكمة مختصة) بتونس.
وشملت التحقيقات بالقضية الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإخوانية، وثلاثة كوادر أمنية سابقة، من بينهم مدير عام سابق للمصالح المختصة (المخابرات) بوزارة الداخلية، ومدير سابق لوحدة مكافحة الإرهاب.
وسبق أن صدرت بحق جميع هؤلاء مذكرات إيداع بالسجن على ذمة التحقيقات.
وفي تصريح لـ«العين الإخبارية»، قالت إيمان قزارة، المحامية وعضوة هيئة الدفاع عن السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، إن قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب ختم البحث (التحقيق) في قضية الجهاز السري لحركة النهضة.
وأضافت قزازة أن قاضي التحقيق أحال الملف إلى دائرة الاتهام بهذا القطب للنطق بالحكم.
كما أعلم المحامين والقائمين بالحق الشخصي في هذا الملف، بشكل رسمي، بختم التحقيقات، وتم أيضا إعلام المتهمين وهم قيادات أمنية سابقة وإخوانية.
وبحسب قزازة، فإن "الجهاز السري للإخوان هو الجهة المدبرة للاغتيالات السياسية"، متهمة الغنوشي بالوقوف وراء اغتيال بلعيد والبراهمي (في 2013)، باعتباره رئيس الجهاز، فيما تولى تنظيم أنصار الشريعة (المحظور) تنفيذ عملية الاغتيال.
خناق يضيق
رفض الغنوشي في يونيو/حزيران 2023 المثول أمام القاضي المتعهد بالملف لاستجوابه حول الجهاز السري، فقرر القاضي إصدار بطاقة إيداع بالسجن بحقه.
ويتكون هذا الجهاز من وجوه إخوانية وقيادية بحركة النهضة من بينهم مصطفى خذر (خارج البلاد)، وهشام شريب، وشرف الدين كريسعان، وخالد التريكي، والطاهر بوبحري، وقيس بكار، وبلحسن النقاش، وعلي الفرشيشي (موقوفون).
كما يضم أيضا كمال العيفي (هرب خارج البلاد ومستقر بماليزيا)، ورضا الباروني (هارب خارج البلاد)، والعروسي بن ابراهيم، وسليمان عويس، وتمام اصبعي.
بالإضافة إلى قيادات أمنية مثل رئيس المخابرات التونسية الأسبق محرز الزواري (موقوف) وفتحي البلدي رجل الظل، وهو حاليا في السجن (شكل الجهاز الأمني الموازي)، وسمير الحناشي (في السجن).
وفي 2022، تولت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بتونس فتح تحقيق شمل جميع الأسماء المذكورة.
الجهاز السري؟
سبق أن اعترف لطفي بن جدو، وزير الداخلية التونسي الأسبق بأن حركة النهضة تمتلك أجهزة تنصت تفوق قدرات الجيش والأمن في تونس، وهي تجهيزات في شكل حقائب قادرة على التقاط 4 آلاف مكالمة في نفس الوقت وعادةً ما تنتقل في سيارات مغلقة.
وعند تفتيش مدرسة تعليم قيادة السيارات يملكها المشرف على الجهاز الأمني الموازي مصطفى خذر بمنطقة المروج بضواحي العاصمة التونسية، في 2015، ضُبطت لديه وثائق تتضمن قوائم تفصيلية لآلاف المجرمين في إقليم تونس الكبرى، تشمل هوياتهم وأرقام هواتفهم.
كما كان خذر المسؤول عن البريد الخاص لوزير الداخلية الأسبق الإخواني علي العريض، على الرغم من عدم وجود صفة رسمية له.
ومصطفى خذر هو المتورط الرئيسي في قضية اغتيال شكري بلعيد، وقد تم سجنه في 2013 بتهمة التستر على جريمة الاغتيال، لكن بعد 8 سنوات استطاعت حركة النهضة إطلاق سراحه وتهريبه خارج تونس.
وعند تفتيش منزل خذر عام 2013 عُثر على وثائق تتضمن مكالمات هاتفية ومراسلات بين المتهم الرئيسي في اغتيال بلعيد والبراهمي، ومصطفى خذر، وبين وزير العدل نور الدين البحيري، والداخلية علي العريض، في ذلك الوقت، وهما من قيادات حركة النهضة.
وكان خذر عسكريا وعضوا في المجموعة الأمنية المعروفة بارتباطها بالنهضة، التي كانت متهمة بمحاولة الانقلاب على الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة عام 1987، وخرج من السجن بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وخذر نفسه كان مكلفا من الحركة بجمع المعلومات الشخصية عن عناصر الأمن والصحفيين، وحتى سائقي سيارات الأجرة الذين يمكن للحركة التعويل عليهم في تنفيذ مخططاتها المشبوهة.
كما تشير معلومات كشفت عنها هيئة الدفاع سابقا في الأعوام الماضية إلى طبيعة عمل الجهاز السري للإخوان، الذي يضم جهازا استخباراتيا داخل الدولة يتألف من 21 ألف عنصر دُمجوا في الحكومة التونسية وعينوا في وظائف حساسة.
aXA6IDMuMTQwLjE4Ni4xODkg جزيرة ام اند امز