لمواجهة التغيرات المناخية..خبراء تونسيون يدعون إلى تحقيق الأمن الغذائي (خاص)
أكد خبراء تونسيون أن تحقيق الأمن الغذائي يعد أولوية هامة للحكومة النونسية لمواجهة التغيرات المناخية والجفاف وتحديات المستقبل.
تسببت موجة الجفاف التي شهدتها تونس خلال السنوات الماضية في بروز العديد من الأزمات والتحديات، وفي مقدمتها تلك المرتبطة بملف الأمن الغذائي. وتبذل المؤسسات المعنية جهودًا حثيثة لتوفير الاحتياجات الأساسية عبر مجموعة من الآليات والبرامج المختلفة.
وتسعى سلطات الإشراف إلى اتخاذ جملة من الإجراءات لتعديل السياسة الغذائية الوطنية، اعتمادًا على رؤية واضحة تستجيب للأولويات المشتركة والمتداخلة، مع التركيز على ديمومة عرض المنتجات الغذائية.
وترتكز هذه الإجراءات أساسًا على ضمان توفير الغذاء وتحقيق استدامة استهلاكه، مع التقليص من الاعتماد على الاستيراد، وذلك من خلال دعم منظومات تضمن إنتاجًا زراعيًا كافيًا وإنتاجية متوافقة مع إمكانيات القطاع الزراعي، الأمر الذي يتطلب تحسين الإنتاج والتركيز على الزراعات الكبرى.
من جهته، أكد الأستاذ والباحث بالمنصة العليا للفلاحة (حكومية)، محمد عبد العظيم، أن الأمن الغذائي يمثل أحد أهم التحديات الاستراتيجية التي تواجه تونس في أفق سنة 2070، في ظل التحولات العالمية، والتغيرات المناخية، وتزايد الضغط على الموارد الطبيعية والإنتاج الزراعي المحلي.
وأفاد لـ«العين الإخبارية»، على هامش ندوة علمية حول الأمن الغذائي، بأن اعتماد الزراعة المستدامة أصبح ضرورة ملحّة للتقليص من الضغط على الموارد الطبيعية وضمان استمرارية الإنتاج.
وأشار إلى أن النظام الغذائي في تونس كان يعتمد في السابق أساسًا على الإنتاج المحلي، في حين أصبح اليوم مرتبطًا بشكل متزايد بالمنتجات المستوردة من الخارج، مثل القمح اللين.
وأوضح أن هذا الوضع جعل الأمن الغذائي الوطني رهين التقلبات الجيوسياسية العالمية، وهو ما انعكس خلال السنوات الأخيرة في اضطراب سلاسل التزويد وظهور مؤشرات أزمة، من بينها طوابير المخابز وارتفاع أسعار اللحوم الحمراء.
ومؤخرًا، أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد أن بلاده قادرة على توفير أمنها الغذائي بالكامل، باعتباره جزءًا من الأمن القومي التونسي، مشددًا على أن أمن تونس ومناعتها وعزّتها واستمرارية مؤسسات دولتها فوق كل اعتبار، وداعيًا إلى ضرورة تذليل جميع الصعوبات أمام المزارعين وتوفير البذور المحلية والأسمدة في مختلف مناطق البلاد.

سنوات الجفاف
من جهة أخرى، قال محمد عزيز درغوث، عضو مجلس علوم الهندسة بعمادة المهندسين بتونس، إن سنوات الجفاف المتتالية، التي قاربت خمس سنوات خلال العقد الأخير، عمّقت هشاشة المنظومة الزراعية، وكان لها تأثير مباشر على الميزان التجاري الغذائي، إذ تضطر الدولة في فترات ضعف الإنتاج إلى اللجوء إلى الاستيراد، بما يفاقم العجز ويرفع الكلفة.
وحذّر من التداعيات السلبية لمواصلة اعتماد الأساليب الزراعية نفسها المعتمدة حاليًا، مؤكدًا أنها قد تمسّ بشكل مباشر بالأمن الغذائي الوطني خلال العقود المقبلة.
وأفاد بأن استمرار المنوال الزراعي الحالي ستكون له انعكاسات خطيرة على الموارد الطبيعية، لا سيما التربة والمياه والتنوع البيولوجي النباتي والحيواني.
وأشار إلى أن اعتماد أساليب زراعية مستدامة ومتأقلمة مع التغيرات المناخية من شأنه أن يساهم في الحد من ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية بنسبة تتراوح بين 5 و25 بالمئة، في حين أن مواصلة أنماط الإنتاج الحالية قد تؤدي إلى زيادات أكبر في الأسعار في أفق عام 2050.
وبحسب آخر إحصاءات المرصد الوطني للمياه، بلغت نسبة امتلاء السدود 27.4%، بما يعادل 649 مليون متر مكعب، مقارنة بـ19.6% فقط في ديسمبر/كانون الأول 2024، في مؤشر يعكس تحسنًا محدودًا، لكنه لا يزال غير كافٍ لمعالجة أزمة المياه المتفاقمة.
وتعاني البلاد منذ سنوات من تراجع ملحوظ في مواردها المائية بفعل تداعيات التغيرات المناخية، ما دفع الحكومة إلى اعتماد قانون تقسيط المياه في مارس/آذار 2023، قبل أن تشهد تونس انفراجًا نسبيًا خلال العام الماضي بفضل تساقط كميات جيدة من الأمطار.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز