من "أشهر حي للجريمة" في تونس.. مهرجان "نوار الملح" يختتم فعاليات دورته التأسيسية
اختتمت الأحد، فعاليات الدورة التأسيسيّة الأولى من مهرجان "نوّار (زهور) الملح" بعرض مسرحي للممثل التونسي بلال البريكي بعنوان" الملاسين ستوري".
هذا المهرجان موجه للفئات الفقيرة وأصحاب الهمم ليكون لهم نصيب في الثقافة والفن، وامتدت فعاليات المهرجان لـ4 أيام متتالية حيث انطلق يوم الأربعاء.
ولأول مرة تشرف وزارة الشؤون الاجتماعية التونسية على مهرجان ثقافي، تأكيدا على حقّ الفرد والمواطن في الانفتاح على الشأن الثقافي وفي اللا مركزية الثقافية وهو موجه لأبناء الأحياء الشعبيّة ولكل الفئات والطبقات الاجتماعيّة.
مسك ختام الدورة الأولى من "نوار الملح" احتضنه ملعب علي البلهوان بالملاسين، بعرض لمسرح الممثل الواحد بعنوان "ملاّسين ستوري"، بطولة بلال البريكي عن نص كتبه نور الدين الهمامي وإخراج لريّان القروي وسينوغرافيا لنيازي مسعودي وموسيقى لحمزة بوشناق.
حي الملاسين يعد من أكبر الأحياء الشعبية المتاخمة للعاصمة التونسية ويشتهر هذا الحي بارتفاع منسوب الجريمة كما ينتشر به العديد من العصابات والصعاليك، لكن صوت الفن والثقافة يعلو فوق كل شيء لتكون ثقافة الحب والحياة هي الأسمى.
وتتقاطع أحداث المونودراما "ملاسين ستوري" مع عمق المهرجان وأبعاده ومبرّرات تأسيسه، ودفاعه عن مبدأ الحق في الثقافة للجميع من دون استثناء ولا تمييز.
المسرحية من نوع المونودراما، وتسلّط الضوء على شغف شباب منطقة الملاسين (حي شعبي تونسي) بالمسرح من خلال شخصية بلال.
وتروي المسرحية قصة شاب تونسي يهوى التمثيل، وتبدأ الأحداث منذ 14 يناير 2011 بعد سقوط نظام الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، ووصول الإخوان إلى الحكم.
أقدم هذا الشاب على الاستحواذ على دار الثقافة بحي الطيران بمنطقة الملاسين، ليحولها من فضاء خال مهجور إلى فضاء يحمل مشروعا ثقافيا، ويستقطب شباب الجهة خوفا من استقطاب الفكر المتطرف الذي أصبح يتغلغل في هذا الحي.
وتوصف الأحياء الشعبية المتاخمة للعاصمة على غرار "الملاسين"، بأنها جيوب للفقر والبطالة ويقطنها آلاف السكان معظمهم من محدودي الدخل، حيث لا يتجاوز معدل دخل الفرد 50 دولارا شهريا.
وانطلق بطل المسرحية بلال، في العمل على هذا المشروع الثقافي وبدار الثقافة بالتحديد، حيث يتمثل أولا في فتح باب الترشحات لاستقطاب أبناء الجهة لتكوينهم مسرحيا ليتم فيما بعد الشروع في التحضير لمسرحية تحمل عنوان “ملاسين ستوري”.
ليلة تقديم العرض يتفاجأ بلال وبقية أصدقائه بقدوم الأمن ووالي الجهة وكل المسؤولين ومطالبتهم بإخلاء القاعة وتحويل دار الثقافة إلى مجمع تجاري، دون مراعاة الجانب الثقافي الذي يستحقه أي مواطن.وترفض المجموعة تسليم دار الثقافة رغم التهديد والقمع الذي سُلط عليهم، على اعتبار أن هذا المشروع والاجتهاد الشخصي، أتى بأُكله على كامل الجهة التي أصبحت مؤمنة بضرورة ترسيخ الفعل الثقافي .
تتويجات المهرجان
واختتمت سهرة الختام بتتويج ثلاثة فائزين بمسابقة المواهب في عدّة مجالات فنية وإبداعيّة من فئات الفاقدة السند ومن أصحاب الهمم الذين ينتمون لمراكز الدفاع الاجتماعي (مراكز حكومية تعنى بهذه الفئات الاجتماعية)، حيث حاز المشارك أشرف النمري بجائزة التميّز في الفنون التشكيلية، وآلت الجائزة الثانية في فنّ الكتابة لأريج بن حسين من مركز الدفاع بسكرة من محافظة أريانة، عن محاولتها الروائية بعنوان "من الظلمات إلى النور"، فيما حقق مركز الدفاع الاجتماعي بالفحص من محافظة زغوان الجائزة الثالثة، بعرض مسرحي بعنوان "محاولات في التمثيل".
وتكوّنت لجنة تحكيم المسابقات برئاسة المسرحي سامي النصري من كل من المسرحي البحري الرحالي والفنانة نوال بن صالح ومحمد بوحوش وممثلة عن منظمة اليونيسيف الراعية للمهرجان، وتكوّنت من خمسة عشر عرضا مسرحيّا وواحدة وسبعين لوحة فنية وخمسة أفلام سينمائية قصيرة وطويلة وخمس محاولات روائية وخواطر.
وقالت مديرة المهرجان أسمهان الفرجاني إن مهرجان نوار الملح ثقافي اجتماعي فسح المجال بالمجان أمام أبناء الأحياء الشعبيّة والمناطق الداخليّة.
وأكدت في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أن عروض مهرجان نوار الملح تندرج في إطار الفن البديل، وهو مفهوم يقصد به أنسنة الثقافة باعتبارها خدمة إبداعية يجب أن تتمتع بها الطبقات الفقيرة.
وأوضحت أن هذا المهرجان جاب ثلاث محافظات تونسية حيث وتابعه جمهور محافظات الكاف وتوزر والعاصمة. وأشارت إلى أن هذا المهرجان تم تنظيمه بإرادة حالمة لتقريب الفنون والثقافة وترسيخها كحقّ مواطنيّ يضاهي الحق في الحياة، وعازمة على تكريس عدالة إجتماعيّة دون تمييز.
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yMzEg جزيرة ام اند امز