قيس سعيد في الميدان.. 2022 طريق خلاص تونس من الإخوان
كان عام 2022 بمثابة حلبة لصراع الرئيس التونسي قيس سعيد وجماعة الإخوان الإرهابية في محاولة لتحرير البلاد بعد "عشرية التنظيم السوداء".
وعبر قرارات لامست نبض الشارع التونسي قرر سعيد بتر ذراع الإخوان في ثالوث السلطة بتجميد عمل البرلمان قبل حله رسميا.
كما أطلق سعيد في 2022 مرحلة جديدة مع إطلاق حوار وطني شامل، انبثقت عنه مسودة دستور جديد مر بنجاح في استفتاء شعبي، ليقطع مع دستور الإخوان الذي أقر في عام 2014.
وفي سلسلة إجراءاته نجح سعيد في إتمام الانتخابات المبكرة منتصف الشهر الجاري لتشكيل برلمان جديد للبلاد يقود مسيرة الديمقراطية التي سعى الإخوان لتأميمها بعد وصولهم إلى أروقته.
حل برلمان الإخوان
وفي 30 مارس/آذار المنقضي عقد أكثر من 120 نائباً في البرلمان التونسي ينتمون لأحزاب الإخوان والمتحالفين معهم، اجتماعاً افتراضيا في تحد للرئيس الذي جمد أعمالهم وأقال رئيس الحكومة يوم 25 يوليو/تموز 2021، وصوت 116 بنعم وبدون رفض أو تحفظ على مشروع قانون يلغي التدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس.
وفي أعقاب ذلك التحرك الذي اعتبر على نطاق واسع إشارة البدء في دفع البلاد إلى "الفتنة"، أصدر الرئيس سعيد قرارا بحل البرلمان نهائيا.
وجاء قرار سعيد بحل البرلمان خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن القومي، وفي معرض انتقاده لاجتماع النواب، قال الرئيس التونسي إنها محاولة فاشلة للانقلاب وتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي وسيتم ملاحقتهم جزائياً.
وقرار الغنوشي بعقد الجلسات البرلمانية هو إعلان عن تمرد صريح للإخوان ضد قوانين الدولة، وتمت إحالته إلى القضاء بتهمة "التآمر على أمن تونس وتكوين وفاق إجرامي"، في 30 مارس/آذار الماضي.
حوار وطني دون الإخوان
وانطلق الحوار الذي دعا إليه سعيد يوم 5 يونيو/حزيران ونظمته الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة برئاسة أستاذ القانون التونسي الصادق بلعيد، تمهيدا لتنظيم استفتاء على دستور جديد في 25 يوليو/تموز 2022، بهدف الخروج من الأزمة السياسية في البلاد.
وكانت مهمة هذه الهيئة "إعداد دستور يستجيب لتطلعات الشعب ويضمن مبادئ العدل والحرية في ظل نظام ديمقراطي حقيقي".
واستبعد الحوار الوطني بعض الأحزاب السياسية التي ألحقت الضرر بالبلاد، على رأسها إخوان تونس.
واكتفى قيس سعيد بإشراك المنظمات الوطنية الكبرى في البلاد والأحزاب السياسية الداعمة لإجراءات 25 يوليو/تموز 2021.
كما تم خلال الحوار الوطني تقديم مقترحات وتصورات بخصوص الاقتصاد الوطني للسنوات الأربعين القادمة.
إقرار دستور جديد
وفي 25 من يوليو/تموز 2022، أدلى التونسيون بأصواتهم في استفتاء على دستور جديد وضع من خلاله الرئيس قيس سعيد نهاية جماعة الإخوان المصنفة على قوائم الإرهاب.
ويعيد الدستور الجديد السلطة للرئاسة بعد أن كانت في يد البرلمان، الذي أصبح تحت سيطرة حزب النهضة الإخواني أكبر تكتل فيه منذ عام 2011.
ولدى إدلائه بصوته، أشاد سعيد بالاستفتاء باعتباره أساسا لجمهورية تونسية جديدة.
وجرى التصويت في ذكرى مرور عام على الإجراءات الاستثنائية التي أقدم عليها سعيد عندما حل البرلمان المنتخب وأطاح بالحكومة وفرض حالة الطوارئ تحسبا لعنف الجماعة.
وقال سعيد بعد أن أدلى بصوته في الاستفتاء "سنؤسس لجمهورية مختلفة عن جمهورية السنوات السوداء السابقة.. نريد أن نؤسس لدولة تقوم على القانون"، متعهدا بحماية الحريات.
ومثل الدستور الجديد انعطافة إيجابية بالمسار الإصلاحي الذي بدأه سعيد منتصف العام الماضي، واستكمل لمساته باستفتاء حول دستور جديد يضبط شؤون الدولة ويخرج شعبها من الضيق.
لفظ شعبي للإخوان
وطيلة عام كامل، لم تنجح حركة النهضة الإخوانية في حشد الشارع التونسي وتحريكه ضد مسار قيس سعيد الإصلاحي، الذي دفع بهم لخارج دوائر الحكم.
وراهن الإخوان منذ البداية على ترويج رواية "انقلاب" الرئيس سعيد على الدستور لتأليب الرأي العام الدولي ضده، وهو ما فشلت فيه الجماعة، حيث لم تعارض قوى دولية خطوة الرئيس التونسي، بينما اكتفى بعضها بالمطالبة بوضع سقف زمني لإجراءاته.
ولم يجد إخوان تونس، بعد أن لفظهم الشعب التونسي سوى الارتماء في أحضان قوى خارجية للضغط على الرئيس قيس سعيد للعودة للحكم.
محاولات الارتماء في أحضان القوى الأجنبية تحدّث عنها الرئيس قيس سعيّد مراراً، وحذّر من الخيانة والاستقواء بالخارج والإضرار بالسيادة الوطنية، التي أكد أنّها ملك للشعب التونسي وحده دون سواه.
دحر الإخوان
وقال نجيب البرهومي الناشط والمحلل السياسي إن هذه السنة كانت كفيلة بدحر ما تبقى من إخوان تونس خاصة بعد تفجير حزب النهضة الإخواني من الداخل وتتالي الاستقالات وخسارة شعبيته.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية " أنه بسقوط حركة النهضة في تونس تهاوى آخر ما تبقى للتنظيم الدولي للإخوان في المنطقة العربية، مشيرا إلى أن كل محاولات الإخوان للعودة إلى الحكم تلاشت بعد إقرار قيس سعيد دستورا جديدا يقطع مع دستور الإخوان وإجراء انتخابات برلمانية دون مشاركتهم.
وأشار إلى أن إقرار الدستور الجديد يبشر بعهد سياسي جديد بدون جماعة الإخوان المصنفة على قوائم الإرهاب، خاصة بعد تاريخهم الدموي الطويل وما تسببوا فيه في تونس من قتل وسفك للدماء واغتيالات وإرهاب.
من جهة أخرى، قال حسن التميمي المحلل السياسي التونسي إن الدستور الجديد الذي أقره قيس سعيد يقطع مع مسار إخواني كبل الحقوق والحريات، ووضع قانونا على مقاس أطماع تنظيم استنزف الدولة وشعبها.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن حركة النهضة فقدت حاضنتها الشعبية بسبب الكم الكبير من الوعود الزائفة التي قدمتها منذ وصولها إلى السلطة وعدم قدرتها على تطبيقها، إضافة لفشلها في ممارسة الحكم وتحقيق الحد الأدنى من أحلام التونسيين الذين أصبحوا يتأسفون على ما قبل 2011 علاوة على انتهازيتها ووصوليتها.
وبعد الانتخابات البرلمانية التي جرت، السبت الماضي، تدخل تونس مرحلة جديدة لتشكل مشهدا سياسيا جديدا بعيدا عن تنظيم الإخوان.
ووفق محللين فإن النتائج الأولية تكشف عن أن البرلمان الجديد يتكون من 3 قوى سياسية كلها تؤكد أنها داعمة للمسار السياسي الذي يقوده الرئيس التونسي قيس سعيد منذ 25 يوليو/تموز 2021.