حوار إنقاذ تونس.. آمال عبور يحبطها إرث الإخوان
مبادرة لإنقاذ تونس من أزمتها الراهنة لا زالت تراوح مكانها عاجزة عن إحراز تقدم ملموس في ظل محصلة قاتمة لحكم الإخوان.
مبادرة قدمها "الاتحاد العام التونسي للشغل"، المركزية العمالية في البلاد، تقترح إجراء حوار وطني لإيجاد حلول للأوضاع المحلية الصعبة.
لكن، ورغم تأييد الرئيس التونسي قيس سعيّد للمبادرة، فإنها لا تزال تراوح مكانها دون تقدم ملموس، وسط تساؤلات عن آفاق النجاح في ظل مشاركة "النهضة"؛ الحزب الإخواني الذي تسبب في سلسلة من الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية.
ومن المنتظر أن تجمع طاولة الحوار في الفترة المقبلة جميع الأحزاب البرلمانية، باستثناء حزب الدستوري الحر الذي عبر عن رفضه التام المشاركة في حوار وطني إلى جانب التيارات الإخوانية.
وسبق أن حذرت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي من إشراك الإخوان في مسار إيجاد الحلول للأزمة الاقتصادية الراهنة، معتبرة أن هذا الحوار قد يكون طوق نجاة للحركة الإخوانية التي "أجرمت" في حق التونسيين .
وأكدت، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن الحل الوحيد لتونس هو دحر الإخوان ومحاسبة القيادات التي ارتكبت أبشع الجرائم في حق التونسيين، وشجعت على الاغتيالات ونشر الإرهاب.
وطرح اتحاد الشغل المبادرة على طاولة الرئيس قيس سعيد منذ مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتضمنت خطة للإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، في مقترح لا يعتبر الأول من نوعه للمنظمة الشغلية.
ففي 2014، قاد الاتحاد حوارا سياسيا بين فرقاء المشهد في تونس، وهو ما رشحه لنيل جائزة نوبل للسلام بالعام التالي، مقاسمة مع منظمات محلية أخرى.
وخلافا لتلك الفترة، يرى متابعون أن اتحاد الشغل لا ينطلق بنفس حظوظ النجاح في تجميع الأحزاب المتنافرة كما كان الشأن قبل سنوات, كما أن سعيد لم يظهر تحمسًا لمشاركة زعيم الإخوان راشد الغنوشي في النقاش حول الإصلاحات الضرورية لإنقاذ تونس.
صراع سعيد والغنوشي
لا يتردد سعيد في توجيه أسهم النقد لحركة النهضة ورئيسها الغنوشي في كل ظهور إعلامي أو كلمة رئاسية.
ولم يتأخر أيضا في تجديد رسائله المبطنة ضد الإخوان ونقد حقبتهم التي حكمت تونس، وذلك في كلمة ألقاها بمناسبة حلول 2021 .
وقال سعيد: "لقد ازداد الأمر تعقيدًا في قصر باردو (مقر البرلمان) مع انتشار العنف الذي سالت فيه الدماء"، منتقدا الأغلبية البرلمانية ("قلب تونس" و"النهضة" و"ائتلاف الكرامة") بالعمل على المغالطة وتزوير الحقائق.
وأكد أن لا شيء تحقق من المطالب التي رفعها التونسيون قبل 10 سنوات، "بل ازدادت الأوضاع سوءا في ظل الحكومات السابقة (حكومات الإخوان)"، داعيا إلى تعديل النظام السياسي البرلماني .
ومنذ 2014، يحكم تونس نظام برلماني أقرته حركة النهضة وحلفاؤها بينهم الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي.
وفي كلمته، تطرق سعيد بشكل مبطن إلى ممارسات الإخوان، معتبرا أنهم يحاولون إحباط كل عمل إيجابي.
وتابع: "ليس المهم لدى هؤلاء الاستجابة لمطالب الشعب وإنما عرقلة كل المبادرات الإيجابية"، معربا عن شعوره بأنه "من كوكب آخر عندما أستمع إلى المغالطات (في إشارة إلى خطاب الإخوان) والكذب الذي يحترفه بعض الساسة في تونس".
تصريحات قلصت الآمال بنجاح "الحوار الوطني"، بل جعلت مهمته في إنقاذ البلاد من أزماتها أمرا شبه مستحيل، خصوصا في وقت بلغ فيه مستوى الخطاب بين الإخوان والمعارضة مستوى عال من التشنج والاحتقان.