بوادر انفراج أزمة تونس الاقتصادية.. توقعات ومؤشرات
بدأت المؤشرات الاقتصادية تتحسن في تونس، إثر محاولة سلطات البلاد لإيجاد حلول لمجابهة الأزمة المالية الراهنة.
وتوقّع البنك الأوروبي للتنمية وإعادة الإعمار في بلاغ أصدره الخميس، أن تسجّل تونس ارتفاعاً في النمو إلى 2.5 في المائة في 2024 بسبب قوة قطاع السياحة ومبيعات الفوسفات وفي صورة إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وقد تمكنت تونس التي تمر بأزمة اقتصادية صعبة من سداد حوالي 74 % من ديونها الخارجية المستحقة هذا العام، وفقا لأرقام نشرها البنك المركزي التونسي منذ أسبوع.
- إضراب مرتقب بقطاع المحروقات في تونس.. هل تنجح مفاوضات التهدئة؟
- موسم جني الزيتون.. أمل تونس لعلاج اقتصادها المأزوم
وبلغت قيمة الديون التي تم تسديدها في العاشر من سبتمبر/أيلول الحالي نحو 6.65 مليار دينار تونسي (2.1 مليار دولار)، من أصل 8.94 مليار دينار مبرمجة للعام الحالي في قانون المالية 2023، بحسب المصدر ذاته.
وأوضحت معطيات المركزي التونسي أنّ خدمة الدين الخارجي غطتها مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج إلى حد كبير إذ بلغت مجتمعة 10.7 مليار دينار لتصل بذلك نسبة التغطية 161 %.
كما سجّلت مدخرات تونس من العملة الصعبة زيادة بنحو 10 % أي ما يعادل 117 يوما توريد، وفق ما أظهرته آخر معطيات إحصائية، نشرها البنك المركزي التونسي.
كما ارتفعت صادرات قطاعات المناجم والفوسفات ومشتقاته بشكل ملحوظ بنسبة 37.5 بالمائة نهاية أغسطس/آب 2023 مقارنة بنفس الفترة من سنة 2022، وذلك بشكل خاص إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفق آخر المعطيات الإحصائية التي نشرها المعهد الوطني للإحصاء حول تطور التجارة الخارجية بالأسعار الجارية بعنوان أغسطس/آب الماضي.
وبينت المعطيات الإحصائية أن هذا الارتفاع الملموس لصادرات المناجم والفوسفات شمل، أيضا، قطاع النفط الخام الذي حقق أعلى نسبة نمو على مستوى تطور صادراته بواقع 79.3 بالمائة نهاية أغسطس/آب المنقضي ووجهت الحصة الأهم من الصادرات إلى إيطاليا.
ويشهد قطاع الفوسفات منذ مدة تحسنا في مؤشراته وبالتحديد فيما يتعلق بالصادرات نحو الأسواق العالمية في سياق استرجاع أسواق تقليدية عديدة على غرار الأوروبية والآسيوية والأمريكية اللاتينية إلى جانب دخول السوق التركية، إذ وجهت لها عدة شحنات من الفوسفات التجاري، آخرها نهاية يوليو/تموز 2023، والتي بلغت زهاء 33 ألف طن.
وتسعى شركة فوسفات قفصة إلى تطوير إنتاجها وصادراتها، حيث كشفت مؤخرا عن برنامج لتصدير 150 ألف طن من الفوسفات نحو عدة شركاء تجاريين من مصنعي الأسمدة بالأساس.
تحسن في الاقتصاد
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي، محسن حسن، أن تونس نجحت بالفعل، على عكس توقعات بعض وكالات التصنيف الدولية والأسواق، في سداد الأقساط المستوجبة من الدين الخارجي لسنة 2023 بل إنها ذهبت بعيدا بتسديدها 74% من هذه الخدمة لكن الاستقرار المالي يحتاج كذلك إلى تنفيذ حزمة إصلاحات هيكلية واستثمار ركائز تعبئة التمويلات الذاتية.
وأرجع محسن حسن عدم التعثر والقدرة على السداد إلى عدة عوامل من بينها أولا ارتفاع تحويلات التونسيين بالخارج حيث أصبحت اليوم مصدرا مهما للعملة الصعبة في تونس. وأشار إلى أن السبب الثاني لعدم تعثر تونس في الإيفاء بتعهداتها يتمثل في إيرادات القطاع السياحي.
وبين حسن أن سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية والذي تحسن بـ 0.48 % وحافظ على استقراره يعد العامل الكامن وراء سداد خدمة الدين.
من جهته، قال حسن عبد الرحمان استاذ الاقتصاد التونسي إن خيار صندوق النقد الدولي لتمويل الميزانية، قد تمّ التخلي عنه حسب ما أكده الرئيس التونسي قيس سعيد في مناسبات عدة برفضه لشروط هذه المؤسسة النقدية واعتبرها إملاءات.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن كل المؤشرات تؤكد أن الدولة التونسية ستكمل السنة برصيد أفضل من العملة الصعبة من السنة الفارطة رغم الصعوبات المرتبطة بتوفير تمويلات أجنبية.
وأكد أن تونس تمكنت تونس من تقليص عجز الميزان التجاري الذي كان سببا في تأزم الوضع الاقتصادي ونزيف العملة الصعبة من خلال التقليص في الإنفاق على توريد المواد الأساسية ما كان سببا رئيسيا في فقدانها من السوق.
وشدد على ضرورة أن تحافظ الدولة على جميع الموارد التي ساعدت الدولة التونسية خلال هذه السنة والمتمثلة أساسا في تحويلات التونسيين بالخارج والعمل أكثر على تحسين عائدات السياحة والتحكم أكثر في عجز الميزان التجاري والعمل على تحسين صادرات الفسفات والتقليص من الواردات والاهتمام أكثر بالقطاع الزراعي وصادرات زيت الزيتون والتمور.
وللإشارة فإن نسبة التضخم في تونس بلغت 9,3 في المئة ونسبة نمو اقتصادي ضعيفة لا تتجاوز 0,6 %.