تصريح "جريء" لوزير الاقتصاد التونسي عن مؤسسات الدولة المتعثرة
عاد الجدل المحتدم حول المؤسسات الحكومية التي تعاني أزمات مالية إلى واجهة الأحداث على الساحتين الاقتصادية والسياسية في تونس.
وقال وزير الاقتصاد التونسي، سمير سعيّد، إنه بالنسبة للمؤسسات العمومية من غير الممكن أن تبقى الدولة تسدد ديون المؤسسات العمومية على حساب الاستثمار والاستثمارات الاجتماعية، مؤكدا أنها ويجب أن تكون مصدر إيرادات للدولة وليس العكس.
وأضاف سعيّد في تعقيبه على مداخلات نواب البرلمان التونسي حول مسألة الإصلاحات، أنه وجب العمل على ضبط خطط إنعاش وظروف نجاح لكل المؤسسات الحكومية.
- وزيرة المالية التونسية: عمل الحكومة في هذه الفترة من "المعجزات"
- التغير المناخي يبعثر قمح تونس.. المحصول يهوي 60%
وقال الوزير “مؤسسة عمومية غير قادرة على منافسة القطاع الخاص فما الحاجة إليها؟ يجب بيعها وخصخصتها أو غلقها واستعمال إيراداتها في مشاريع مجدية أكثر واستغلال الموارد البشرية في مشاريع ذات جدوى أعلى وبالتالي توفير مداخيل للدولة حتى لا نلجأ للاقتراض لتغطية الخسائر”.
وللإشارة فإن وضعية هذه الشركات الحكومية زادت سوءاً وأضحت عبئاً ثقيلاً على موازنة البلاد، وقد اعتبر "اتحاد الشغل" في مرحلة أولى أن خصخصتها خط أحمر ثم انفتح على إصلاحها "حالة بحالة" في مرحلة ثانية.
وحصلت تونس في منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي على اتفاق مبدئي على مستوى الخبراء من "صندوق النقد الدولي" لقرض بقيمة 1.9 مليار دولار يسدد على أربع سنوات شريطة التزام الحكومة الحالية جملة إصلاحات جوهرية في مقدمتها إصلاح الشركات الحكومية.
وتنامت مديونية الشركات الحكومية (111 مؤسسة) بنسبة 8.2 في المئة في الفترة الممتدة بين عامي 2018 و2020 وفق ما أفصحت وزارة المالية بسبب تفاقم العجز المالي في ثلاث مؤسسات هي الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية وشركة نقل تونس وشركة الخطوط التونسية.
وتعد الـ3 شركات مسؤولة عن 71 في المئة من هذه الزيادة تقريباً، بحيث بلغت ديون الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية 180 مليون دينار (60 مليون دولار) وشركة نقل تونس 107 ملايين دينار (35.6 مليون دولار) والخطوط التونسية 64 مليون دينار (21.33 مليون دولار).
وتمثل الديون الجبائية بمفردها 41 في المئة من الديون المستحقة على المؤسسات العمومية للدولة، إذ بلغت 2.7 مليار دينار (900 مليون دولار) عام 2020.
وعلاوة على ذلك ارتفعت مديونية المؤسسات العمومية إلى 6.5 مليار دينار (2.16 مليار دولار) في 2020 بزيادة 8.2 في المئة مقارنة بـ6 مليارات دينار (مليارا دولار) في 2019، وتعاني شركات عدة على رأسها الخطوط الجوية التونسية وشركة فوسفات قفصة سوء الإدارة وتردي الحوكمة وضعف الاستثمار وركوده وزيادة نسبة الديون.
وفي المجمل تعاني معظم الشركات الحكومية العمومية من مديونية مفرطة وعجزت كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة عن معالجة هذا الملف، نظراً إلى صعوبة المفاوضات مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي ينظر بريبة إلى التعامل الحكومي مع هذا الملف وخشيته من "التفويت" في تلك المؤسسات التي اعتبرها "من مقدرات الشعب التونسي" لمصلحة القطاع الخاص وتبعات ذلك على نظام العمل والأجور.
الإصلاح ضرورة
ويرى الخبير الاقتصادي التونسي حسن عبد الرحمان أن إصلاح المؤسسات المفلسة ضرورة في الوقت الحالي من أجل خلق مردودية ونجاعة وتدوير العجلة الاقتصادية.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن التخفيف من كتلة الأجور في تلك الشركات، من أهم الفرضيات المطروحة بعمليات الإصلاح، ما يعني تسريح عدد من العمال لتخفيف أعبائها، وهو ما رفضه الاتحاد العام التونسي للشغل بشدة، لكنه أبدى استعدادا للتفاوض حوله في الفترة الأخيرة، على أن تقدم الحكومة تسوية مالية جيدة للعمال المحالين للتقاعد المبكر.
وأشار إلى أن نحو 111 مؤسسة حكومية تعاني من تدهور وضعها المالي بشكل كبير، ما تسبب في تراجع أرباحها وتعطل الإنتاج وزيادة عدد العمال.
وأكد أنه من غير المعقول أن تستمر الدولة في ضخ أموال طائلة لتمويل مؤسسات مفلسة ولا تدخل لميزانية البلاد سوى الإفلاس.
aXA6IDMuMTQyLjI1MC44NiA= جزيرة ام اند امز