تونس بأسبوع.. نواب يقاضون "النهضة" والبرلمان يفشل في انتخاب "الدستورية"
مثّل خبر الإعلان عن مواعيد الانتخابات الرئاسية والتشريعية التونسية القادمة أبرز أحداث هذا الأسبوع في تونس
هيمنت التحركات في أروقة البرلمان على المشهد السياسي التونسي خلال الأسبوع الماضي، وبينما أقام نواب دعوى قضائية ضد حزب النهضة الإخواني على خلفية دوره في اغتيال زعيمين في المعارضة، في سابقة هي الأولى، فشل المجلس التشريعي في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية التي سيكون دورها البت في نتائج الانتخابات قانونيا ودستوريا.
كما تواصل تراشق الاتهامات بين العديد من الكتل حول امتلاك حزب النهضة الإخواني للجهاز السري المتورط في تنفيذ الاغتيالات السياسية وقتل مئات الضحايا من الأمنيين والعسكريين، ووصلت إلى مقاضاة قادة الحزب.
وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، الثلاثاء، إجراء الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والرئاسية في 10 نوفمبر/تشرين الثاني.
الاستحقاق الانتخابي يعتبره العديد من المراقبين التونسيين منقوصا من الآليات الموضوعية للحسم الديمقراطي، باعتبار أن البرلمان عجز عن انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية التي سيكون دورها البت في نتائج الانتخابات قانونيا ودستوريا.
والأربعاء، أخفق البرلمان التونسي للمرة الخامسة في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وذلك بسبب غياب التوافق بين الكتل النيابية حول المرشحين.
وتتكون المحكمة من 12 عضوا (9 مختصين في القانون و3 من غير المختصين في القانون)، ينتخب البرلمان 4 أعضاء، وينتخب المجلس الأعلى للقضاء (مؤسسة دستورية مستقلة) 4، ويعين رئيس الدولة 4 آخرين.
والمحكمة الدستورية هي الجهاز القضائي الذي أقره الدستور التونسي الصادر سنة 2014 للنظر في مدى مشروعية القوانين المحددة للعملية السياسية في تونس التي يشوبها عديد من الشكوك حول التمويلات الخارجية لحزب النهضة الإخواني.
أيمن العلوي، النائب عن الجبهة الشعبية (يسار) قال، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الائتلاف الحاكم بين حزب النهضة الإخواني وكتلة الائتلاف الوطني التابعة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد يعملان على تعطيل المصادقة على أعضاء المحكمة الدستورية لغايات انتخابية من شأنها ضرب نزاهة الانتخابات القادمة.
الجهاز السري للإخوان.. ملف يؤرق العملية الديمقراطية
وفي سابقة برلمانية، رفع 43 نائبا تونسيا دعوى قضائية ضد حزب النهضة الإخواني استنادا إلى الملفات التي كشفتها هيئة الدفاع عن زعيمي المعارضة اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين اغتيلا في 2013.
وهذه الدعوى القضائية ذات الطابع الجماعي اعتبرها العديد من المراقبين والسياسيين خطوة أشد إحراجا لإخوان تونس لكونها صادرة عن السلطة التشريعية.
هذا الحراك النيابي تجاه الإخوان فتح الطريق أمام عديد من الجمعيات من المجتمع المدني التونسي للتحرك ضد الإخوان من أجل تجميع القوى المدنية والحقوقية للتنديد بممارسات حزب النهضة وأذرعها المحلية والإقليمية في مختلف المحافظات التونسية.
وقال منجي الحرباوي، النائب عن حزب نداء تونس، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن ما قام به النواب هو من باب الواجب الوطني لكشف خفايا الجهاز السري للنهضة الإخواني، ورفع الغطاء عن كل الأحداث الإجرامية التي ارتكبها.
وأكد أن حزبه أخطأ عندما تحالف مع الإخوان، ويسعى لإعادة قواعده الشعبية التي رفضت أي تواصل مع الإسلام السياسي.
ولم يسلم حزب نداء تونس من لعنة الإخوان، حيث خسر قرابة المليون صوت منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر/تشرين الأول 2014 إلى الانتخابات المحلية في 6 مايو/أيار 2018 نتيجة تحالفه مع حزب النهضة من خلال حكومتي الحبيب الصيد (2016-2015) ويوسف الشاهد التي انطلقت في شهر سبتمبر/أيلول 2016.
"محامون ضد التمكين"
واشتغل حقوقيون طيلة الأسبوع الماضي على تجميع الملفات التي تثبت مسؤولية الإخوان في اختراق أجهزة الدولة ومساعيها في خلق جهاز أمني مواز يخدم فقط الإخوان المسلمين.
وتتجه الاتهامات حسب الملفات المطروحة إلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وصهره عبدالعزيز الدغسني ومقربيه مصطفى خضر ورضا الباروني.
الوثائق التي بحوزة أعضاء حراك "محامون ضد التمكين" تثبت أن فترة الترويكا الحاكمة التي جمعت أحزاب "النهضة" و"التكتل" و"المؤتمر" من سنة 2011 إلى سنة 2014 تم خلالها اختراق للجهاز الأمني .
وفي فبراير/شباط الماضي، أعلنت مجموعة من المحامين من بينهم أعضاء بهيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي تأسيس حراك "محامون ضد التمكين" تتولى القيام بجميع إجراءات التقاضي "ضد مشروع التمكين الإخواني داخل تونس".
عبدالناصر العويني عضو حراك "محامون ضد التمكين" قال، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن مئات المحامين مجندون في الدفاع عن قضية اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، والكشف عما تم نهبه طيلة فترة الترويكا، مؤكدا أن الشعب التونسي يجب عليه الوقوف مع كل الأصوات التي تبحث عن الحقيقة في اغتيال بلعيد والبراهمي.
وأشار العويني إلى أن الإخوان قد حولوا الدولة إلى مزرعة لخدمة أغراضهم الشخصية، لافتا إلى أن هذه الممارسات تتنافى مع مضامين القوانين التونسية.
هذا التحرك الحقوقي لم يمنع حكومة الشاهد والإخوان من ارتكاب تجاوزات قانونية تجاه بعض المدونين في شبكات التواصل الاجتماعي المعارضين لسياسات هذا التحالف وبالأخص إرهاب الإخوان.
وقد تم الزج بالمدون والناشط الحقوقي رمزي العطوي يوم 7 مارس/آذار الجاري في السجن بسبب تدوينة على الفيسبوك انتقد فيها سياسة رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وقد حكم عليه بالسجن لمدة سنتين، ما أثار استغراب الرأي العام التونسي.
وجاء في نص التدوينة اتهام للشاهد بالسكوت عن الجرائم الإرهابية التي حدثت في تونس.
مخاوف حقوقية في هذا الاتجاه حول مستقبل حرية التعبير في تونس في ظل هذا الواقع السياسي، خاصة أن عديدا من المدونين يعانون نفس مصير رمزي العطوي على غرار المدونة فضيلة بلحاج التي حكم عليها بسنتين سجنا.
aXA6IDE4LjExOS4yOC4yMTMg جزيرة ام اند امز