فيلم «زريعة إبليس» يكشف أسرار «التصفيح» في تونس (خاص)

شهدت العاصمة التونسية العرض الأول للفيلم الجديد "زريعة إبليس" للمخرج محمد خليل البحري، والذي يعد العمل الرابع في مسيرته السينمائية.
الفيلم، الذي يندرج ضمن أفلام السيكودراما، يتناول قضية "التصفيح"، وهي ممارسة شعبية تقليدية في تونس مرتبطة بحماية شرف الفتاة عبر طقوس الشعوذة، لكنه يسلط الضوء على تحولها إلى لعنة تطارد بطلة الفيلم.
قصة مستوحاة من الواقع
تدور أحداث الفيلم في إطار من الرعب النفسي والإثارة، حيث يروي قصة "بية"، التي تجسد دورها الفنانة رشا بن معاوية.
تستلهم القصة أحداثًا من الموروث التونسي، مركزة على ممارسة "التصفيح"، وهي طقوس تقليدية تهدف إلى "غلق" الفتاة جسديًا لحماية بكارتها حتى الزواج.
تتضمن هذه العادة، التي لا تزال تمارس في مناطق محدودة بتونس، جرح الفتاة قبل سن البلوغ بسبع جروح فوق ركبتها اليسرى أو فخذها، يتبعها غمس سبع حبات من الزبيب أو القمح في دمها مع تلاوة تعويذة.
الفيلم يصور كيف تنقلب هذه الممارسة، التي يُنظر إليها كسحر أبيض، إلى "لبس شيطاني" يهدد حياة "بية".
ويبرز العمل الصراع بين المنظورين الديني والعلمي حول هذه القضية، مع إضفاء لمسة من الخيال في النهاية تعكس رؤية المخرج الشخصية.
طاقم العمل والإنتاج
يشارك في بطولة الفيلم نخبة من الممثلين التونسيين، منهم رشا بن معاوية، محمد الكلصي، منى نورالدين، وحيدة الدريدي، أحلام الفقيه، فتحي المسلماني، وسلوى محمد. استغرق تصوير الفيلم 15 يومًا، وهو نتاج جهد كبير كما أشار المخرج في تصريحاته لـ"العين الإخبارية".
وأوضح البحري أن الفيلم استند إلى بحث عميق شمل الجوانب العلمية والدينية والاجتماعية لظاهرة "التصفيح".
وشملت الأبحاث زيارة مستشفى الرازي للأمراض العقلية والنفسية، حيث تم توثيق حالات مرتبطة بـ"التصفيح" و"اللبس الشيطاني".
وأكد أن الفيلم يهدف إلى تسليط الضوء على قضايا حساسة مثل الاعتداء على الطفولة في المناطق الريفية، مع تقديم رسالة تثقيفية.
طقوس "التصفيح" وتفاصيلها
تتطلب ممارسة "التصفيح"، حسب ما يوضحه الفيلم، سرية تامة، وعادة ما تقوم بها الأم أو الجدة أو امرأة ذات مكانة في العائلة.
يشترط بقاء المرأة التي أجرت الطقس على قيد الحياة لتتمكن من "حل" الفتاة قبل زواجها، أو توريث أسرار العملية لامرأة أخرى.
في حال وفاة المرأة دون توريث الأسرار، تصبح الفتاة "محصنة" بشكل دائم، مما يمنع زوجها من الاقتراب منها.
تصريحات المخرج والبطلة
أشار المخرج محمد خليل البحري إلى أن الفيلم يتناول موضوعًا "مسكوتًا عنه" في المجتمع التونسي، مؤكدًا أن بعض المناطق لا تزال تؤمن بهذه الطقوس.
وأضاف أنه ركز على إبراز الاعتداء على الطفولة والآثار النفسية والاجتماعية لهذه الممارسات.
من جانبها، وصفت رشا بن معاوية تجربة تجسيد شخصية "بية" بأنها مرهقة نفسيًا، حيث اضطرت لأداء ثلاث شخصيات مختلفة خلال أسبوعين فقط.
وأكدت أن الدور، الذي طالما تمنت أداءه، كان بعيدًا عن شخصيتها الحقيقية، مما زاد من تحدي تقمصه. وقالت: "الشخصية أتعبتني لدرجة أنني لم أعد أستطيع النوم".
رسالة الفيلم
يطرح "زريعة إبليس" تساؤلات حول تقاطع المعتقدات التقليدية مع الحداثة، ويسلط الضوء على قضايا اجتماعية ونفسية معقدة.
ومن خلال مزجه بين الواقعية والخيال، يسعى الفيلم إلى فتح حوار حول ممارسات تقليدية مثيرة للجدل وتأثيرها على الأفراد والمجتمع.
aXA6IDMuMTQ1Ljk0LjE2IA== جزيرة ام اند امز