121 حريقًا في 15 يومًا.. صيف مشتعل يهدد غابات ومحاصيل تونس (خاص)

تزامنا مع موجة الحر القياسية، سجلت تونس خلال الأسبوعين الماضيين 121 حريقا التهم جانباً من محاصيل القمح وجانبا من الغطاء الغابي في البلاد وتسبب في تضرر أكثر من 200 هكتار.
تواجه تونس خلال يونيو/حزيران الجاري صيفًا ناريًّا يلتهم الغابات ومحاصيل القمح، في ظل تسجيل 121 حريقًا خلال أول 15 يومًا فقط من الشهر، بحسب بيان صادر عن وزارة الزراعة الاثنين، خلّفت أضرارًا تجاوزت 200 هكتار من الأراضي الزراعية والغابية.
الوزارة اعتبرت هذه الحرائق خطرًا يهدد الأمن الزراعي والبيئي، في وقت تتزايد فيه موجات الحر والرياح الجافة، التي تعزز من اشتعال النيران وانتشارها.
وفي جلسة عمل عُقدت الاثنين 16 يونيو/حزيران، شدّد وزير الزراعة عز الدين بالشيخ على أن حماية المحاصيل والغابات "أولوية مطلقة"، مؤكدًا أن نجاح موسم الحصاد مسؤولية جماعية تتطلب تنسيقًا كاملاً بين الجهات الحكومية والفلاحين ومؤسسات الحماية المدنية. ودعا الوزير إلى تعزيز الحضور الميداني وتسخير الإمكانات البشرية واللوجستية لمجابهة الحرائق، كما أوصى بإعداد خطة تدخل فورية تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
وطالب الوزير بتشكيل لجان تحقيق مشتركة لتقصي أسباب اندلاع الحرائق، واتخاذ إجراءات ردعية ضد من يثبت تقاعسهم أو مخالفتهم للإجراءات الوقائية، مؤكدًا على أهمية التوعية الشعبية وإشراك المواطنين في جهود الوقاية.
الخبير الزراعي حسام الدين خلف الله، أوضح في تصريح لموقع "العين الإخبارية" أن أسباب الحرائق في تونس تتراوح بين العوامل المناخية والبشرية. فمع ارتفاع درجات الحرارة وجفاف النباتات، تزداد قابلية الغابات للاشتعال، لا سيما مع هبوب الرياح القوية.
وأشار إلى أن بعض الحرائق تنشب نتيجة الإهمال مثل إلقاء أعقاب السجائر أو إشعال نيران في أماكن غير مخصصة. لكنه لم يستبعد أن تكون بعض الحرائق مدبّرة عمدًا من قبل أطراف تهدف إلى التوسع الزراعي أو العمراني على حساب الغابات، أو للاستفادة من تجارة الحطب الناتج عن احتراق الغطاء الغابي الذي يُباع لاحقًا بأسعار منخفضة.
وأضاف خلف الله أن الحصاد هذا العام يرافقه قلق كبير بين المزارعين، بسبب تكرار اندلاع النيران في ذروة الموسم، داعيًا إلى مراقبة أمنية مشددة في محيط الحقول، وتكثيف عمل إدارة الغابات، خاصة في مناطق الشمال الغربي التي تُعد من أغنى مناطق البلاد بالغابات والتنوع النباتي.
الحرائق المتكررة لا تُهدد فقط الأمن الغذائي بل أيضًا تُحدث خللاً في التوازن البيئي. ويؤكد خلف الله أن إعادة إعمار الغابات المتضررة يحتاج لعقود، موضحًا أن بعض أشجار الصنوبر تستغرق نحو 60 عامًا حتى تنمو بالكامل.
وبحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تشكل الغابات نحو 34% من مساحة تونس الإجمالية البالغة 163,610 كيلومترات مربعة، وتتركز في الشمال الغربي والوسط الغربي، ويقطنها نحو مليون نسمة. كما تُقدر قيمتها الاقتصادية بنحو 932 مليون دينار تونسي (ما يعادل 310 ملايين دولار أميركي).
وكان صيف 2022 قد شهد أحد أخطر الحرائق، حين اشتعلت النيران في منطقة "بو قرنين" القريبة من العاصمة، وأتت على 533 هكتارًا من غابات الصنوبر الحلبي، واستغرق إخمادها ثلاثة أيام متواصلة.
بين حرارة المناخ وتقاعس البشر، يبقى غطاء تونس الغابي وثروتها الزراعية في مرمى النيران، ما يفرض استجابة عاجلة وعملًا جماعيًا يحول دون تكرار سيناريو الاحتراق كل صيف.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY4IA== جزيرة ام اند امز