«الفسقية القيروانية».. خبراء يكشفون تفاصيل أقدم تكنولوجيا لتجميع المياه في تونس (خاص)

الماء هو الحياة بالنسبة للتونسيين منذ قديم الزمن حيث كان الاهتمام به كبيرا من قبل جميع الحضارات التي تعاقبت على تونس.
وقبل إنشاء السدود لتزويد الأهالي بالمياه، وجد التونسيون طرقًا شتى من أجل السيطرة على مياه الأمطار الموسمية وتخزينها، نظرا لطبيعة المناخ التونسي المتوسطي الجاف.
ومن أشهر هذه التقنيات، تشييد الفسقيات، ولعل أشهرها فسقية الأغالبة الواقعة بمحافظة القيروان (وسط) وهي عبارة عن معلم مائي أمر ببنائه أبوإبراهيم بن الأغلب في القرن التاسع الميلادي، وقام بصيانتها وأحسن استغلالها في تزويد مدينة القيروان بالماء من بعده زيادة الله الثالث.
والأغالبة سلالة عربية من بني تميم، حكمت في المغرب العربي (شرق الجزائر، وتونس، وغرب ليبيا) مع جنوب إيطاليا، وصقلية، وسردينيا، وكورسيكا، ومالطة، وامتدّت فترة الحكم الأغلبي بين 800-909 م.
تعتبر هذه الفسقية أهم معلم مائي في تاريخ العالم الإسلامي تم تشييده بين 860 و862 خلال حكم الأغالبة لتزويد القيروان بالماء باعتبارها معروفة بارتفاع درجات الحرارة في الصيف.
ومن جهته، قال عادل السالمي أستاذ التراث التونسي إن مدينة القيروان كانت تشكو من نقص في المياه، وهو ما جعل الأغالبة توخي طرقا مثل بناء الفسقية واستغلال المياه التي تنزل خلال أوقات الفيضانات، وتجميعها في هذه البرك”.
وأكد في تصريحات لـ"العين الاخبارية" وجود قنوات توصل المياه إلى محيط الفسقية مرتبطة بمنبع مياه طبيعية عذبة "الشريشيرة" القريب من منطقة حفوز التابعة القيروان على بعد 36 كلم، ولم يبق من حنايا القنطرة التي كانت تحمله غير 4 حنايات فقط. (الحنايا هي سواقي طويلة شيدت في العهد الروماني لنقل المياه).
وأشار إلى أن هناك قنوات تنطلق من محيط الفسقية في اتجاه وسط مدينة القيروان لتتفرع عبر أحيائها ويبدو أن إحدى القنوات تصل إلى جامع عقبة بن نافع لأن بساحته الآن خزانين كبيرين.
وأوضح أنه تم بناء الفسقية من الأحجار الركامية على مساحة 000 11 متر مربع، وتحتوي أيضا على مصفاة صغيرة وحوض كبير لتخزين المياه وصهريجين كبيرين لتخريج المياه.
وأكد أنه يتوسط الفسقية صومعة مثمنة بأعلاها قبة مفتحة الأبواب مخصصة لمجلس الأمير الأغلبي خلال أوقات نزهته.
من جهة أخرى، قال عامر بحبة أستاذ الجغرافيا والمتخصص في المياه والمخاطر الطبيعية إن" الجفاف هو إحدى ميزات مناخ تونس المتوسطي ما دفع التونسيين القدامى لابتكار وإنشاء الفسقية".
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية،"أن التونسيين القدامى ابتدعوا وسائل تقليدية كانوا يستعملونها منذ 3000 سنة، للتأقلم مع الجفاف مثل الفسقية والحنايا التي تم إنشاؤها في العهدين الروماني والقرطاجي والجسور" والماجل".
وللإشارة فإن الماجل هو تقنية توارثها التونسيون جيلا بعد جيل حيث يتم تخزين مياه الأمطار فيه خلال فصل الشتاء لاستخدامها في فصل الصيف.ولا يخلو أي منزل في محافظة صفاقس وسط شرقي تونس.
وأكد عامر بحبة أن تونس شهدت خلال القرن الماضي مواسم جفاف كبيرة حيث شهدت في الخمسينيات والثمانينيات مواسم جفاف وانتشر فيها الجراد.
كما ذكر بالمجاعة التي عاشتها تونس عام 1864، والتي أسفرت عن ثورة علي بن غذاهم (قاد ثورة ضد الباي بسبب الترفيع في المجبى على الفقراء).
aXA6IDMuMTQuMTM0LjIwNiA= جزيرة ام اند امز