فاجعة موت 18 مهاجرا تهز تونس.. وصورة لأم مكلومة تدمي القلوب
أدمت صورة لأم مكلومة تجلس على حافة الشاطئ في مدينة جرجيس جنوب شرقي تونس، قلوب جميع التونسيين.
وكانت الأم تجلس على ثلاجة قديمة منتظرة عودة ابنها الذي رمى بنفسه، قبل نحو أسبوعين، في عرض البحر في مركب "حرقة" هجرة غير شرعية حالما بغد أفضل في الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط.
وتعلم هذه الأم أن ابنها لن يعود حيا بل تنتظر جثته لتدفنه كي لا يحدث معه مثل زملائه من المهاجرين غير الشرعيين الذين دفنوا في "مقبرة الغرباء" مجهولي الهوية.
وبدأت الحادثة التي باتت تُعرف بـ"فاجعة 18/18" يوم 12 سبتمبر/أيلول الماضي حين غرق مركب يحمل 18 شخصا من أبناء جرجيس من بينهم 5 نساء و5 أطفال قبل أن تقوم السلطات بدفن عدد من الضحايا في المقبرة المخصصة لمجهولي الهوية والتي تسمى مقبرة الغرباء، وهو ما أثار غضبا كبيرا في المدينة.
ونظم أهالي جرجيس، الأربعاء، مسيرة كبيرة بعنوان "يوم غضب"، مرددين شعارات من قبيل "أحضروا أبناءنا" و"الشعب يريد أولاده المفقودين" في محاولة للضغط على السلطات التونسية لإعادة جثامين الضحايا لذويهم.
وارتفعت وتيرة الغضب بعد اكتشاف ذوي المفقودين "التونسيين" جثث ثلاثة من أبنائهم تم دفنها في "مقبرة الغرباء" من قبل السلطات دون محاولة التأكد من هويتها.
فيما رد والي محافظة مدنين سعيد بن زايد، خلال مؤتمر صحفي، بأنه تم استخراج 4 جثث من مقبرة الغرباء بجرجيس وإيداعها في المستشفى المحلي بجرجيس للتثبت بواسطة الحمض النووي من إمكانية كون الجثث تعود إلى حادث غرق مركب حرقة بالجهة.
وقال إن عدداً من الأهالي اعتبروا أن الجثث تعود إلى أبنائهم، مؤكداً أنه لا يمكن الجزم بذلك نهائياً إلا بعد صدور نتائج التقطيع الجيني.
وأطلق التونسيون هشتاج "هنا جرجيس" على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس للتعبير عن سخط هذه المدينة التي أصبحت شواطئها مليئة بالجثث التي تتحلل في البحر وتخرج بقاياها، داعين السلطات إلى الحد من الهجرة غير الشرعية التي أزهقت أرواح المئات من التونسيين والأفارقة من جنوب الصحراء.
وينطلق المهاجرون غير النظاميين عادة من شواطئ "شبه جزيرة جرجيس" التابعة لمحافظة مدنين نحو الشواطئ الإيطالية حالمين بمستقبل وآفاق أفضل.
وتعليقا على صورة الأم المكلومة، كتب حسان بالواعر الإعلامي التونسي تدوينة مؤثرة يقول فيها: "ربما هذه الأم تنتظر ظهور جثته أو هيكله.. توقف الزمن عندها.. تنتظر جالسة فوق ثلاجة وقد جمدت عظامها لكن قلبها ما زال حارا، محترقا، لا شيء يطفئ ناره ونارها".
وتابع: "هي أم محبة، كل أملها قبلة وعناق أو ربما جثة أو بقايا تدفنها بيديها كي تجد ذات يوم قبرا تزوره وتشكو له وحدتها بعد رحيله".
وزاد "هي أم من جرجيس.. حلمت بمستقبل أفضل لابنها.. لكنها لن تعيش بعد اليوم سوى ببعض ذكريات وصور الماضي".
فيما كتبت الصحفية التونسية مبروكة خذير تدوينة تقول فيها "لي جرح في قلبي.. الهجرة في جرجيس وخزة في الضمير الإنساني".
وتابعت: "هنا تونس، رحمة الله لكل من قضوا في مياه البحر هربا من جحيم الظلم، جميل الصبر والسلوان لعائلات مكلومة في ذويها".
وأضافت: "هنا جرجيس حيث يدفن البشر دون تحليل جيني لمجرد ظن السلطات أنهم مهاجرون غير شرعيين من أفريقيا جنوب الصحراء". مضيفة: "لم تبذل السلطات الجهد الكافي للبحث عن شباب ونساء وطفال قضوا نحبهم بين أمواج البحر، فتكفل بالعملية بحارة جرجيس ونشطاؤها".
"مقبرة الغرباء" ويطلق عليها أيضا اسم "جنان أفريقيا"، تقع في مدينة جرجيس جنوب تونس، وتضم أكثر من 500 قبر، وهي مكان لدفن المهاجرين مجهولي الهوية الذين لفظتهم أمواج البحر المتوسط على الشواطئ التونسية، وأغلبهم من أفريقيا جنوب الصحراء.
وفي الأسابيع الماضية، ارتفعت وتيرة محاولات الهجرة غير النظامية للتونسيين، حيث تحبط السلطات الأمنية المختصة يوميا عشرات الرحلات غير الشرعية، كما تمكن آلاف المهاجرين هذا الصيف من الوصول إلى السواحل الأوروبية.
aXA6IDE4LjIyMS4xOTIuMjQ4IA== جزيرة ام اند امز