تونس وأزمة الوفود الأوروبية.. سيادةٌ تغلق الباب أمام عودة الإخوان
"السيادة الوطنية " شعارٌ يرفعه الرئيس التونسي قيس سعيد، ومن بين ثناياه يحاول إغلاق الطريق أمام شر إخواني أطبق على البلاد.
قيس سعيد الذي وصل للرئاسة في أكتوبر/تشرين الأول 2019 يسعى لبناء مشروع سيادي وطني، ويرفض أية تدخلات أجنبية في طريقة حكمه وفي البلاد.
والإثنين الماضي أعلن خلال اجتماع مجلس الأمن القومي تكليف وزارة الخارجية بإبلاغ الجانب الأوروبي بقرار تأجيل وفد من المفوضية الأوروبية لتونس إلى موعد لاحق يتم الاتفاق عليه بين الطرفين، وفق بيان أصدرته الرئاسة التونسية.
يقول عبدالمجيد العدواني، الناشط والمحلل السياسي التونسي، إن قرار بلاده تأجيل زيارة هذا الوفد الأوروبي "صائب، خاصة أن مثل هذه الزيارات والمهمات تتم من خلال التنسيق المسبق مع الدولة المراد زيارتها من خلال إعلامها بموعد الزيارة ومكونات الوفد وبرنامج العمل".
وفي حديث مع "العين الإخبارية" أكد العدواني أن "النظام التونسي لم يرتكب أي خطأ دبلوماسي بممارسة السيادة الوطنية على أراضي الدولة التونسية، ومنع أطراف أجنبية من التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد".
ولفت إلى أن تونس "لن تسمح بزيارات الوفود الأوروبية دون تدقيق ومتابعة، خاصة أن هذا الوفد كان ينوي تنظيم لقاءات مع جماعة الإخوان ومنظمات من المجتمع المدني، وهو الأمر الذي تعتبره تونس تدخلا مرفوضا في شؤونها الداخلية".
مضيفا "سعى الوفد الأوروبي إلى لقاء أطراف في المعارضة لفظها الشعب التونسي ومتهمة بجرائم إرهابية وفساد مالي وحكمت طوال السنوات العشر الماضية وخربت البلاد".
وفي هذا الصدد، ذكّر المحلل السياسي بأهداف مسار 25 يوليو/تموز 2021 ، وهي "فرض السيادة الوطنية والتحرر الوطني والاجتماعي وتأسيس لتونس أخرى تضمن الكرامة والعدالة الاجتماعية".
"تفقديات استعمارية"
وكان قيس سعيد قد عبّر عن رفضه التام استقبال بلاده وفودا أجنبية، وصفها "بتفقديات الاستعمار".
وقال في كلمة مصورة إن "على هذه الجهات أن تكف عن لعب دور الوصاية وإرسال موفديها للرقابة وكأننا مستعمرون".
وأضاف: "سنعاملهم بالمثل، ولن نقبل أن يتطاولوا على سيادتنا، لأننا نعمل في إطار الشفافية أكثر من هذه الدول التي نعرف جيدا محطات من تاريخها عندما احتلوا دولا أفريقية".
وأكد قيس سعيد أن "تونس لا تقبل بالتدخل في شؤونها الداخلية"، متسائلا "هل توجد دولة في العالم تقبل بأن يكون على أرضها أشخاص خارج الأطر القانونية؟.. نحن شعب له سيادته وكرامته".
وبعد إعلان تونس تأجيلها زيارة الوفد الأوروبي، أكّدت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، في تصريحات خاصة لوكالة نوفا الإيطالية للأنباء، أمس الأربعاء، وجود اتصالات منتظمة على المستويين السياسي والتقني بين المفوضية والحكومة التونسية لدراسة أنسب وقت للزيارة.
وأوضحت المتحدثة باسم المفوضية أن الاتصالات متواصلة سواء في بروكسل أو من خلال بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس، للعمل على تنفيذ الركائز الخمس المنصوص عليها في مذكرة التفاهم حول الهجرة غير النظامية".
وقالت "الاتحاد الأوروبي عرض إرسال وفد من مسؤولي المفوضية هذا الأسبوع لمواصلة المناقشات حول تنفيذ المذكرة، ونحن نقوم حاليا بتقييم أفضل وقت لكلا الطرفين مع السلطات التونسية".
وفي يوليو/تموز الماضي، وقّعت تونس على مذكرة تفاهم مع الجانب الأوروبي تتضمّن خمس نقاط أساسية تشمل تطوير الاقتصاد التونسي، ودعم التبادل التجاري والاستثمار، إضافة إلى مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة.
كما يشمل برنامج التعاون دعم وجود الطلبة والكفاءات الشابة التونسية في الفضاء الأوروبي، إضافة إلى ملف الهجرة، ومكافحة العصابات المنظّمة ضمن مقاربة تأخذ بعين الاعتبار حقوق الإنسان.
وزير الخارجية على الخط
وعن قرار تأجيل زيارة الوفد الأوروبي إلى تونس، قال وزير الخارجية التونسي نبيل عمّار، أمس الأربعاء إن"ما أعلن عنه بشأن هذه الزيارة لم يكن فيه أي تنسيق" مع بلاده.
وشدد عمّار على أن تونس "لا تقبل ولن تسمح لأحد أن يتدخل في شؤونها الداخلية، كما لم تتدخل هي في شؤون أية دولة أخرى".
كما علّق على قرار رفض تونس زيارة وفد من البرلمان الأوروبي منذ أسبوعين، قائلا "القرار ليس له أية علاقة بالديمقراطية وإنما هي تصرفات غريبة من بعض النواب الذين قرّروا أداء زيارة إلى بلدنا دون تنسيق مع السلطات".
وكانت تونس رفضت أيضا منذ أسبوعين زيارة وفد يتكون من خمسة برلمانيين من لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي من دخول البلاد، كان من المقرر أن تمتد زيارتهم من 14 إلى 16 سبتمبر/أيلول الحالي، للاطلاع على الوضع السياسي الراهن والاتصال بمكونات من الإخوان والمجتمع المدني، بحسب مصادر تونسية مطلعة.
وفي فبراير/شباط الماضي، طردت تونس الأمينة العامة لاتحاد النقابات الأوروبية إيستر لانش، واعتبرتها "شخصية غير مرغوب فيها" بعد مشاركتها في مظاهرات نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل، وأدلت بتصريحات اعتبرت "تدخلا في الشؤون الداخلية للبلاد".
كما منعت السلطات التونسية دخول وفد من الاتحاد الدولي للنقابات كان يعتزم المشاركة في المظاهرة التي نظمها اتحاد الشغل في مارس/آذار الماضي.
وفي الشهر نفسه رحّلت تونس ماركو بيريز مولينا مسؤول التعاون مع أفريقيا وآسيا بالنقابات الإسبانية، بمجرد وصوله إلى مطار تونس قرطاج.
ويؤكد قيس سعيد دائما أن السيادة الوطنية خط أحمر لا يجب تجاوزها، وأنه سيعمل على منع التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية.