الغنوشي مرشحا.. محاولة يائسة لتبييض إرهاب الإخوان
حركة النهضة التي ينتمي لها الغنوشي تواجه اتهامات قضائية منذ 2018 بتورطها في اغتيالات سياسية عام 2013.
اختار زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي، الترشح للانتخابات التشريعية على رأس قائمة دائرة تونس، ما يعد مسعى إخواني لتحصين ممارسات الإرهابيين ومحاولة يائسة لتبييض وجه الإرهاب، بحسب مراقبين.
هذا الترشح المفاجئ والأول لخطة برلمانية في تاريخ رجل مكث في الزوايا المظلمة لتنظيم الإخوان الإرهابي، أثار ردود فعل كثيرة داخل حركته التي تشهد العديد من الهزات والاستقالات والانتقادات لشخصه.
"الغنوشي" المتهم بجرائم إرهابية ضربت سواحل تونس في 1986، وبإعطاء الأوامر لأنصاره برشق التونسيين بالزجاجات الحارقة في بداية التسعينيات يجد نفسه حالياً أمام امتحان شعبي، يرى فيه الملاحظون فرصة يائسة لتبييض تاريخه بالدخول إلى البرلمان .
- انشقاق جديد بالإخوان.. استقالة قيادي من "النهضة" بتونس
- محامون تونسيون: الغنوشي يرأس جهازا سريا لتنفيذ الاغتيالات السياسية
وتواجه حركة النهضة الإخوانية التي ينتمي إليها "الغنوشي" اتهامات قضائية فعلية منذ 2018 على إثر الدعاوى التي قدمتها "هيئة الدفاع عن شكري بلعيد والبراهمي" حول تورطها في اغتيالات سياسية عام 2013.
ملف قضائي لا يزال في طور التحقيق، تتوجه فيه هيئة الدفاع بالأدلة حول ارتباط صهر "الغنوشي" عبد العزيز الدغسني، والقيادي الإخواني مصطفى خضر في التنسيق مع إخوان مصر لتصفية خصوم "النهضة" جسديا بين سنتي 2012 و2013.
قدور قيزة أحد الناشطين في العمل الاجتماعي يرى أن اختيار "الغنوشي" الترشح للتشريعية جاء بعد اقتناعه بعدم فوزه في الرئاسية، وأن المغزى الأساسي له هو الذهاب إلى البرلمان من أجل التمتع بالحصانة البرلمانية التي تحميه وتحمي حركته من كل الملاحقات القضائية.
ووصف "قيزة" الخطوة بأنها فرصة للاحتماء أمام العواصف الشعبية والإقليمية الرافضة للإخوان، مؤكدا أن "الغنوشي" يريد أن يعالج عزلته السياسية بالدخول إلى المجلس التشريعي.
وشدد على عدم أهلية الرجل لتبوء مكانة بالبرلمان، متسائلا: "ما الذي سيضيف الغنوشي من أفكار سوى إدخال الفرقة والصراعات من أجل حماية نفسه"، معتبرا أن مسيرته السياسية الممتدة منذ السبعينيات هي مسيرة انتهازية سياسية ومساهمات فارقة في الاعتداء على أمن بلاده.
وتعتبر شخصية "الغنوشي" من بين الشخصيات الأكثر رفضا، حيث أثبتت نتائج استطلاعات الرأي لشركة "سيغما كونساي" في بداية سنة 2019 أن شعبيته لا تتجاوز 3%.
قنبلة تقسيم الإخوان
وأنتج ترشح "الغنوشي" نفسه في دائرة تونس العاصمة صراعات متجددة بين قياديي الحركة الإخوانية؛ فالعقد الذي كان يربط بين عناصرها بدأ ينفرط من خلال العديد من الاستقالات والانتقادات التي لحقت شخصه وأداءه وسياساته.
جاء ذلك بعد أن قام بإقصاء عدد من القيادات، مثل عبد اللطيف المكي، والنائب سمير ديلو، ومحمد بن سالم، واستبدالهم بشخصيات مقربة منه.
سلوك سياسي خلق انتفاضة داخل الحركة انتقلت فيها الصراعات من السر إلى العلن.
وأكدت مصادر داخل إخوان تونس، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن مستوى الصراع قد يصل إلى سحب الثقة من رئاسة الغنوشي للحركة، مشيرين إلى أنه جعل من ترأسه للمكتب التنفيذي للحركة أداة لممارسة "الدكتاتورية " والتفرد بالرأي لصالح مجموعة مقربة منه، على رأسها صهره رفيق عبد السلام.
كما أفادت المصادر بأن "الغنوشي" أحال الخزينة المالية للحركة إلى ابنه معاذ الغنوشي دون أن يقوم بإعلام مجلس شورى الإخوان والذي يعد نواة أساسية بالتنظيم الإرهابي.
ويرى الباحث في علم الاجتماع السياسي صابر الخروبي، أن ترشيح "الغنوشي" للتشريعية سيخلق صدعا عميقا بالحركة، الأمر الذي كان متوقعا ومرتقبا، على حد قوله.
ويقرأ "الخروبي" في تصريحات لـ"العين الإخبارية" الترشح من زاويتين؛ الأولى مرتبطة بطموحات الرجل إلى اعتلاء رئاسة البرلمان أو رئاسة الحكومة، وهو ما يعني ضمان حماية له لمدة 5 سنوات، والثانية مدفوعة بانتهاء عهدته في 2020 من رئاسة إخوان تونس، وفق القوانين الداخلية لحركة النهضة.
"الخروبي" قال: "إن عدم إمكانية ترشحه لرئاسة حركة النهضة مرة أخرى جعله يفكر في الانضمام إلى البرلمان، ولكن ترشحه على دائرة تونس يقلص حظوظه في الفوز بالانتخابات، خاصة أنه سيتنافس مع مرشحي الحزب الدستوري الحر وحزب "قلب تونس" (حزب نبيل القروي).
الغنوشي والانقضاض على الدولة
لم ينقطع حلم تغيير ملامح المجتمع وهويته في أدبيات إخوان تونس، وهو ما عبر عنه سابقا راشد الغنوشي في إحدى حواراته التلفزيونية للقناة التونسية الرسمية في 2012.
وفي كتبه يعتقد "الغنوشي" أنه من الضروري الانصهار في صلب الدولة، وافتكاك السلطة لضرب توجهات البلاد المنغمسة منذ الاستقلال في الاتجاه نحو التحديث على الطريقة الغربية.
وبين عبد الرزاق السايبي، المختص في التاريخ السياسي، أن "الغنوشي" يبحث عن سطوة أخرى في البرلمان لتغيير القوانين، خاصة المتعلقة بالحريات الفردية والمساواة بين الجنسين.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن رغبة الوجود في البرلمان كسلطة أساسية، باعتبار النظام السياسي التونسي نظاما برلمانيا، تحركها مطامع في رئاسة المجلس التشريعي والذهاب بالبلاد لمسارات الأخونة.
وتبقى حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي في مهب الصراعات الطارئة على الحزب التي قد تحول الحلم الإخواني إلى كابوس يكشفه الواقع.