المكي يعود لسباق الرئاسة.. نار على خلافات إخوان تونس
قرار قضائي يعيد قياديا إخوانيا تونسيا للسباق الرئاسي في خطوة تهدد بإحياء خلافات لطالما استعرت في الكواليس.
واليوم الثلاثاء، وافقت المحكمة الإدارية في تونس الثلاثاء على طلب الاستئناف الذي تقدم به القيادي السابق في حزب النهضة الإخواني عبد اللطيف المكي ضد رفض ترشحه في الانتخابات الرئاسية.
وبذلك، يصبح المكي المرشح الرابع لخوض هذا الاستحقاق المقرر في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وينضم المكي وهو رئيس "حزب العمل والإنجاز"، إلى المرشحين المقبولين في الانتخابات الرئاسية، وهم الرئيس الحالي قيس سعيد، ورئيس حركة "عازمون" العياشي زمال، ورئيس حركة "الشعب" زهير المغزاوي.
وكان المكي قيادياً بارزاً في "النهضة" الإخوانية، لكنه استقال من الحزب بعد 25 يوليو/ تموز 2021، تاريخ الإطاحة بحكم الإخوان، بمعية أكثر من 100 قيادي من الحركة وأسس حزب" العمل والإنجاز ".
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، قال المتحدث باسم هيئة الانتخابات التونسية، محمد التليلي المنصري، إنّه سيتم خلال الأسبوع المقبل، الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين.
وأضاف أن الأحكام التي ستصدر عن الجلسة العامة للمحكمة الإدارية، بخصوص الطعون في قرارات الطور الابتدائي المتعلقة بالنزاعات بشأن الترشح للانتخابات الرئاسية، ستكون باتة وغير خاضعة للطعن ولا التعقيب.
وأوضح أنه إثر الانتهاء من الطعون، ستنطلق الهيئة في الاستعداد للحملة الانتخابية التي ستبدأ في 14 سبتمبر/ أيلول المقبل.
نار على الخلافات
يمثل ترشح عبداللطيف المكي للرئاسة بمثابة نقطة الزيت على النار داخل أسوار الإخوان المخفية.
فمنذ 2019، يمثل المكي الجناح المعادي لزعيم الإخوان راشد الغنوشي، وارتفعت وتيرة الخلافات إلى حد القطيعة التامة مع صهره رفيق عبد السلام الذي يدعو إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية.
وبالتالي، فإن ترشح المكي سيعمق الصراع والانشقاقات بين أجنحة الإخوان، حيث إن الجناح المقيم في الخارج يرى في المكي مشروعا يهدد عرش الغنوشي داخل حركته.
ويبني ذلك الطرح على الاعتقاد بأن ترشح المكي سيستولي ويستقطب القواعد الإخوانية المترددة والتي عاشت نوعا من اليتم السياسي بعد دخول زعيمهم (الغنوشي) للسجن بسبب التهم الموجهة له والتي تتضمن اتهامات بالإرهاب.
شعبية متآكلة
ويرى مراقبون أنه بعودة عبداللطيف المكي لسباق الانتخابات الرئاسية، فإن ذلك لن يؤثر ذلك على نتائج الاقتراع نظرا لتآكل شعبيته وعجز الإخوان على تحريك الشارع وحثهم على التوجه لمراكز الاقتراع.
ويرى المحلل السياسي التونسي حسن التميمي أن "المكي الذي يعد من صقور الإخوان أي من الجناح المتشدد، عاد إلى السباق الرئاسي لكن عودته لن تؤثر نظرا للفظ الشعبي له ولجماعته".
ويقول التميمي إن "جماعة الإخوان شككت خلال الفترة السابقة بنزاهة القضاء التونسي والانتخابات، لكن هذا القرار القضائي يغلق الباب على جميع المشككين ويبعد شبهة تأثير السياسة على القضايا التي يواجهها المرشحون".
واعتبر أن "شعبية الإخوان اليوم تآكلت وهو ما يتجلى من خلال تلاشيهم وعدم قدرتهم على تنظيم مظاهرات أو تحركات".
وأوضح أنه إلى جانب قيس سعيد، أصبح السباق الرئاسي يضم زمال والمغزاوي والمكي، "وهذه الأسماء كلها لا تستطيع منافسة الرئيس الذي يتمتع بشعبية كبيرة وفقا لجميع استطلاعات الرأي".
"تركة سوداء"
من جانب آخر، قال عبدالرزاق الرايس، المحلل السياسي، إن "التونسيين فقدوا ثقتهم في الإخوان الذين حكموا خلال السنوات العشر الماضية، وخلفوا تركة سوداء مازالت تعاني منها تونس إلى حد الآن".
وأوضح الرايس، لـ"العين الإخبارية"، أن "التونسيين لن يغفروا الجرائم التي ارتكبها الإخوان في حقهم من خلال إفلاس الدولة وإدخال البلاد في دوامة العنف والإرهاب لتصبح دولة مصدرة للإرهابيين".
ولفت إلى أن "التونسيين حملوهم المسؤولية عن الأزمات التي عصفت بالبلاد خلال تلك الفترة".
وبحسب الخبير. فإن "المكي لا يمتلك حظوظا في هذا السباق الانتخابي خاصة أنه لم يستطع التخلص من جلباب النهضة بالرغم من استقالته من الحزب بعد إجراءات 25 يوليو/تموز 2021"، موضحا أن "الإخوان يأملون حاليا بعودتهم للنفوذ السياسي لكن كل آمالهم تظل مجرد أوهام".
التزكيات المزورة
في 18 أغسطس/آب الجاري، قال المتحدث باسم المحكمة الإدارية فيصل بوقرة إن الدوائر الاستئنافية المتعهدة بالطعون في إطار نزاعات الترشح للانتخابات الرئاسية قضت برفض الطعن أصلا في ملف المكّي.
وكان المكي قد طعن على رفض أوراقه من قبل الهيئة العليا للانتخابات، بعد أن كشفت "تزويره للتزكيات الشعبية".
ووفق القانون الانتخابي التونسي، يحتاج كل مرشح إلى جمع ما لا يقل عن 10 آلاف تزكية من الناخبين من 10 دوائر انتخابية على الأقل، أو 10 تزكيات من نواب البرلمان أو مثلها من مجلس الأقاليم والجهات (الغرفة الثانية في البرلمان)، أو مثلها من المجالس المحلية أو الجهوية أو البلدية.
من هو المكي؟
بعد 25 يوليو/تموز 2021، أي مع انطلاق إجراءات الرئيس التونسي ضد الإخوان، استقال المكي من حركة النهضة رفقة 113 من أعضاء الحزب.
وبرر القيادي الإخواني استقالته بأنها تأتي بسبب ما وصفه بـ"السياسات الفاشلة وتمسك راشد الغنوشي برئاسة النهضة، محملا الأخير المسؤولية كاملة عن "الفشل السياسي الذي لحق بالحركة على مدار السنوات الماضية".
والمكي هو أحد مؤسسي الاتحاد العام التونسي للطلبة (اتحاد طلبة الإخوان)، وكان بين يناير/كانون الثاني 1989 وديسمبر/كانون الأول 1990 ثاني أمنائه العامين بعد عبدالكريم الهاروني.
ولاحقا، أدى صدام بداية التسعينيات بين السلطة وحركة النهضة إلى اعتقاله في مايو/أيار 1991 والحكم عليه بالسجن 10 سنوات، قبل أن يتم الإفراج عنه عام 2001.
ومع رفض السلطات طلب إعادة تسجيله في كلية الطب بتونس لمواصلة دراسته، خاض عام 2004 إضرابا دام 57 يوما.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2011، انتخب نائبا في المجلس الوطني التأسيسي. وعين في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، وزيرا للصحة في حكومة حمادي الجبالي (إخوانية)، وحافظ على نفس المنصب في حكومة علي العريض (إخوانية أيضا).
وظهر المكي بعد 2011 كأحد أبرز قياديي النهضة، فانتخب رئيسا لمؤتمرها التاسع المنعقد في يوليو/تموز 2012، ومع عجز الجبالي عن تشكيل حكومة في فبراير/شباط 2013، برز اسمه كأبرز مرشح لخلافته قبل أن يقع اختيار علي العريض.
ترشح المكي في الانتخابات التشريعية التونسية عام 2014 وفاز بمقعد في البرلمان.
والمكي هو طبيب ويملك شهادة في الكيمياء الحيوية، وتم اختياره وزيرا للصحة ضمن تشكيلة الحكومة التي ترأسها إلياس الفخفاخ في 28 فبراير/شباط 2020.
aXA6IDMuMTUuNi4xNDAg جزيرة ام اند امز