تعديل حكومي واسع بتونس.. ما وراء الخطوة المفاجئة؟
قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية، أقدم الرئيس التونسي قيس سعيد على تعديل حكومي واسع شمل 19 حقيبة بينها الدفاع والخارجية.
الخطوة المفاجئة عدَّها محللون تستهدف "سد الشواغر في الحكومة السابقة" وكذلك ضمن مساعي الرئيس التونسي لـ"سد أي ثغرات من الدولة العميقة" قبل الانتخابات التي تعد مفصلية في ظل مؤامرات إخوانية لا تتوقف ضد البلاد.
ويأتي التعديل قبيل أقل من شهر ونصف الشهر من الانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل التي يتنافس فيها كل من الرئيس قيس سعيد ورئيس حركة الشعب التونسية زهير المغزاوي ورئيس حركة "عازمون" العياشي زمال، وبعد أسبوعين من تعيين رئيس حكومة جديدة خلفا لأحمد الحشاني الذي لم يستطع تحقيق ما تعهد به من إصلاحات.
سد الشواغر
المحلل السياسي التونسي محمد الميداني قال إنه من الطبيعي في حال تعيين رئيس حكومة جديد يتم تشكيل حكومة جديدة، لكن هذه المرة تم إجراء تعديل وزاري واسع شمل جميع الوزارات ما عدا وزارات الداخلية والعدل والمالية.
وأوضح لـ"العين الإخبارية" أن رئيس الحكومة الجديد كمال المدوري لا يمكنه العمل مع حكومة أحمد الحشاني التي كانت تشهد شغورا على رأسي وزارتي النقل والثقافة منذ أشهر.
وأكد ضرورة انبثاق حكومة جديدة بعد تعيين المدوري، وسد الشغور الذي تواصل لعدة أشهر والإعلان عن برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتقديمه للرأي العام والبرلمان، تنفيذاً لمضمون الفصل 100 من دستور 2022.
وأشار إلى أن "من المتوقع فوز الرئيس قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية المقبلة بفارق كبير خاصة أن المغزاوي وزمال اللذين يتنافسان معه لا يحظيان بقبول كبير لدى التونسيين،لذلك فإن هذه التركيبة الحكومية ستتواصل إثر الانتخابات الرئاسية المقبلة وستستمر في عملها خاصة وأنها تتكون من أسماء هامة وذات كفاءة عالية على غرار وزراء الاقتصاد والدفاع والخارجية"، وفق تقديره.
وبحسب الميداني فإن السياسة الاقتصادية الجديدة لتونس تعتمد على العودة إلى دور اجتماعي أكبر للدولة لذلك تم تعيين كمال المدوري والذي كان وزيرا للشؤون الاجتماعية في حكومة أحمد الحشاني والذي تعهد بتشجيع المبادرات والمشاريع والاستثمارات الوطنية.
ماذا يقول الدستور؟
من جهته، قال المحلل السياسي وأستاذ القانون الدستوري زياد القاسمي لـ"العين الإخبارية" إن المادة 101 من دستور 2022 تنص على أن الرئيس هو الذي يعيِّن رئيس الوزراء، وكذلك أعضاء الحكومة، بناء على اقتراح من رئيس الوزراء.
ووفق القاسمي فإن المادة 112 من الدستور تنص على أن الحكومة مسؤولة أمام الرئيس، بينما تنص المادة 87 على أن الرئيس يمارس المهام التنفيذية بمساعدة الحكومة، لافتا إلى أن المادة 102 من الدستور تنص على أنه بإمكان الرئيس إقالة الحكومة أو أي من أعضائها.
واعتبر أن هذا التعديل هو الأوسع منذ أول حكومة بعد 25 يوليو/تموز 2021 أي حكومة نجلاء بودن (إثر الإطاحة بحكم الإخوان وحل برلمانهم)، موضحا أن أحمد الحشاني عُيّن رئيسا للحكومة في العاشر من أغسطس/آب 2023 ولم يتم إدخال تعديلات كبيرة على الحكومة التي سبقته وكانت التعديلات جزئية ومختصرة فقط.
وأفاد بأن التعديل يأتي خلال الأسابيع الأخيرة من العهدة الحالية للرئيس قيس سعيد، ونظريا كان يمكن أن يكون في بداية الولاية الثانية عقب انتخابه مجددا لكن قيس سعيد متوقع فوزه نظرا للشعبية الكبيرة التي يحظى بها لدى التونسيين، وفق جميع استطلاعات الرأي.
وأكد أن التعديل قلص من عدد العسكريين في الحكومة مع خروج الفريق أول مصطفى الفرجاني من قصر قرطاج إلى وزارة الصحة.
وكانت الحكومة السابقة تتضمن وزراء من المؤسسة العسكرية التونسية وهم وزير الدفاع عماد مميش ووزير الزراعة عبد المنعم بالعاتي ووزير الصحة علي المرابط.
مؤامرات الإخوان
وفي كلمة ألقاها خلال أداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد الذي تم تعيينهم الأحد، قال الرئيس التونسي إن "العمل المطلوب اليوم هو مواجهة الحرب المسعورة التي تدار من الخارج عن طريق ما يسمى بشبكات التواصل الاجتماعي والصفحات المسعورة المأجورة"، في إشارة لما يفعله إخوان تونس خارج البلاد لعرقلة المسار الانتخابي.
وأضاف سعيد "ولكن ليعلم الجميع أن مثل هذه الشبكات لا تثير عند الشعب التونسي إلا الازدراء والاحتقار ولن تربكنا أبدا ونحن جنود كلنا جنود في كل القطاعات للدفاع عن تونس وعن مواجهة هؤلاء الأعداء الذين لا هم لهم إلا الافتراء والكذب والبهتان" .
وتابع سعيد قائلا "ليعلم الجميع في العالم كله أن هذه المواقع من أي بلد كانت لن تربكنا وسنواصل لنحرر تونس ممن أجرم في حقها سواء في الداخل أو الخارج".
واتهمهم سعيد بالسعي إلى" تأجيج الأوضاع لغايات انتخابية مفضوحة".
وعن سبب التعديل، قال قيس سعيد إنه "تم اختيار عدد من المسؤولين في المستويات المركزية والمحلية والجهوية بناء على تعهدهم بالعمل على تحقيق مطالب الشعب ولكن لم تمر سوى أسابيع قليلة بل أيام معدودات بعد تكليفهم إلا وانطلقت المنظومة وراء الستار في احتواء عدد غير قليل منهم ونجحت في هذا العمل الحقير والتوظيف والاحتواء".
فحوى التعديل الوزاري
وبموجب التعديل الوزاري الذي أقره الرئيس سعيد، الأحد، فإنه تقرر تعيين خالد السهيلي وزيرا للدفاع الوطني، ومحمد علي النفطي وزيرا للخارجية، ومصطفى الفرجاني وزيرا للصحة، وسمير عبدالحفيظ وزيرا للاقتصاد والتخطيط.
كما تقرر تعيين عصام الأحمر وزيرا للشؤون الاجتماعية، وسمير عبيد وزيرا للتجارة وتنمية الصادرات، وعز الدين بن الشيخ وزيرا للفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، ونور الدين النوري وزيرا للتربية، ومنذر بلعيد وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي.
إضافة إلى تعيين الصادق المورالي وزيرا للشباب والرياضة، وسفيان الهميسي وزيرا لتكنولوجيات الاتصال، ورشيد عامري وزيرا للنقل، ووجدي الهذيلي وزيرا لأملاك الدولة والشؤون العقارية، وحبيب عبيد وزيرا للبيئة، وسفيان تقية وزيرا للسياحة.
كما قرر سعيد تعيين أحمد البوهالي وزيرا للشؤون الدينية، وأسماء جابري وزيرة للأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، وأمينة الصرارفي وزيرة للشؤون الثقافية، ورياض شوّد وزيرا للتشغيل والتكوين المهني.
وتم أيضا تعيين محمد بن عياد، كاتب دولة لدى وزير الخارجية، وحمادي الحبيّب، كاتب دولة لدى وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، مكلفا بالمياه، وحسنة جيب الله، كاتبة دولة لدى وزير التشغيل والتكوين المهني، مكلفة بالشركات الأهلية.
وفي الثامن من شهر أغسطس/آب الجاري، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد بشكل مفاجئ إقالة رئيس الوزراء أحمد الحشاني، وتعيين وزير الشؤون الاجتماعية كمال المدوري خلفا له.
aXA6IDE4LjIxOS4xOC4yMzgg جزيرة ام اند امز