المرزوقي و«إسقاط سعيّد».. رهان جديد على الإخوان أم حنين قديم لقرطاج؟

حين أدرك قبل سنوات نهاية أحلامه بالعودة إلى قصر قرطاج وفشل رهانه على الإخوان، انسحب من الحياة السياسية بتونس.
لكن، وبعد 6 سنوات، يطل المنصف المرزوقي من وراء الحدود، حاملا دعوة لـ«إسقاط» النظام القائم بتونس، في توقيت مشفر قد يحمل ما يشبه «الدعم» لإخوان تونس في ذكرى الإطاحة بهم.
وكان المرزوقي حليفا طوال سنوات لحركة النهضة الإخوانية في تونس وتقلد منصب رئيس للبلاد (2011- 2014) ليس بالانتخاب الشعبي المباشر وإنما بتوافقات حصلت مع الحركة في فترة حكمها.
لكن في فترة ما، انقلب المرزوقي على الإخوان، وهاجمهم بشكل حاد لدرجة اتهمهم بأنهم «جزء من خراب تونس».
«من وراء الحدود»
من وراء الحدود، دعا المرزوقي الذي شغل منصب رئيس لتونس من 2011 إلى 2014، التونسيين إلى الخروج إلى الشوارع، الجمعة المقبل، من أجل «إسقاط نظام قيس سعيد».
واختيار هذا الموعد لا يعتبر اعتباطيا، بل يحاول المرزوقي استثمار الذكرى الرابعة للإطاحة بالإخوان من على سدة الحكم بتونس في 25 يوليو/ تموز 2021.
وزعم المرزوقي في مقطع فيديو نشره، اليوم الثلاثاء، عبر صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، أن «لا شيء يبرر تواصل انقلاب رثّ فاشل ومعيب»، مضيفا: «استعدوا للخروج لتكبر كرة الثلج».
ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن المرزوقي يحاول بكل الطرق العودة للحكم أو تعبيد الطريق أمام حلفائه الإخوان للصعود مجددا أملا بما قد يمنحه له ذلك من منصب أو حوافز سياسية.
«تآمر على أمن تونس»
يرى نبيل غواري، الناشط والمحلل السياسي التونسي أن دعوة المرزوقي لإسقاط النظام تشكل «دعوة صريحة للتمرد والانقلاب على الحكم، وتهدف للتآمر على أمن الدولة».
ويقول غواري، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن «هذه الدعوة تندرج ضمن استراتيجية إخوانية فاشلة لتحريك الشارع بعد اللفظ الشعبي».
ولفت إلى أن «الشعب التونسي لن يلبي نداء المرزوقي»، موضحا أن «الشعب ينتفض فقط لتغيير أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية، والأمر لن يتكرر إلا بإحساس التونسيين بأنهم فقدوا الأمل في المستقبل لكن ذلك غير صحيح في الوقت الحالي».
وبحسب الخبير، فإن «الشعب التونسي انتفض يوم 25 يوليو (تموز) 2021 لإسقاط حكم الإخوان وذلك في احتجاجات عارمة وعفوية جابت جميع أنحاء البلاد».
وأشار إلى أن «المرزوقي رمز من رموز المنظومة السابقة للحكم بتونس خلال العشرية الماضية التي عانت فيه البلاد من الإرهاب والاغتيالات والتسفير (تسفير الإرهابيين إلى مناطق النزاع) والإفلاس الاقتصادي والتدهور السياسي".
واعتبر غواري أن «هذه الدعوة ليست تمردا فقط بل هي مقاومة حتى لا تجد كامل المنظومة نفسها خارج الحكم».
«رئيس الصدفة»
الخبير نفسه لفت إلى أن «المرزوقي حملته الصدفة إلى قصر قرطاج ولم يكن رئيسا بالأغلية الشعبية، إلا أنه ما زال يحلم بالعودة إلى السلطة وإلى النفوذ من جديد».
وسبق أن حرض المرزوقي على تونس في المنابر التلفزيونية بفرنسا إثر إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 التي أطاحت بنظام حكم الإخوان.
وقد صدر بحقه في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، حكم غيابي بالسجن 4 سنوات وسحب جواز سفره الدبلوماسي، وذلك في هذه القضية التي أثارت غضبا كبيرا في تونس.
كما سبق أن حكم القضاء التونسي غيابياً بحق المرزوقي المقيم في فرنسا، بالسجن 22 عاماً بعد تحريضه على القضاة.
أيضا، حكم القضاء عليه غيابيا بالسجن 12 عاماً في قضيتين منفصلتين على صلة بـ«المساس بأمن الدولة»، و«التحريض على الفوضى».
وقد تولى المرزوقي الرئاسة المؤقتة بالفترة بين عامي 2011 و2014، بعد توافق القوى المشكلة للمجلس الوطني التأسيسي (برلمان انتقالي) على توليه المنصب.
وبذلك، لم يكن تولي المرزوقي الرئاسة في 2011 وليد إرادة شعبية قوية، ما أدى إلى خسارته أول انتخابات رئاسية مباشرة في عام 2014، بعد أن أدرك الشعب ضعف حكمه.
وانتخب المرزوقي رئيساً مؤقتاً لتونس في 12 ديسمبر/كانون الأول 2011 بواسطة المجلس الوطني التأسيسي بعد حصوله على أغلبية 153 صوتاً مقابل 3 أصوات معارضة وامتناع اثنين و44 بطاقة بيضاء يمثلون 202 عضو من إجمالي عدد الأعضاء البالغ 217.