تونس وأزمة المهاجرين.. المقاربة المحلية لا تكفي
جهود حثيثة تبذلها تونس للتعامل مع المهاجرين غير الشرعيين على أراضيها فيما تظل المقاربة المحلية غير كافية لوحدها لمواجهة المعضلة.
ولليوم الثاني على التوالي، تواصل السلطات التونسية، اليوم الأربعاء، تفكيك خيام مؤقتة لمهاجرين غير شرعيين في "العامرة" و"جبنيانة" التابعتين لمحافظة صفاقس جنوب شرقي البلاد.
وتشهد المدينتان حملة أمنية كبرى تنفذها قوات الأمن التونسي حيث تمت إزالة خيام المهاجرين من دول جنوب الصحراء الأفريقية إلى حين نقلهم لمناطق أخرى آمنة.
ويحتج أهالي المدينتين رفضا لتوافد آلاف المهاجرين ويطالبون بترحيلهم وسط شكاوى كثيرة بتعرض عدد كبير منهم لـ«الاعتداءات والسرقة» من قبل هؤلاء المهاجرين.
واتخذ المهاجرون غير الشرعيين الحقول الزراعية الواقعة في العامرة وجبنيانة مستقرا لهم نظرا لموقعها الاستراتيجي المطل على البحر.
وأصبحت محافظة صفاقس نقطة رئيسية لتجمّع المهاجرين ومركزا للهجرة نحو أوروبا، وتشهد تواجدا لافتا لعابري الحدود القادمين من دول الساحل والصحراء نحو القارة العجوز، وما يثير قلق السكان في المحافظة هو انتشار أعمال العنف وتزايد معدّلات الجريمة.
جهود متواصلة
في تصريح لـ«العين الإخبارية»، قال حسام الدين الجبابلي، المتحدث باسم الحرس الوطني (الدرك) التونسي، إنه سيتم نقل هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين إلى مناطق معينة سيتم تحديدها بالتنسيق مع السلطات المحلية.
وأضاف أن "هذه الخطوة ستكون بالتعاون مع العديد من الجهات الوطنية"، مناشدا المنظمات الحقوقية والمعنية باللاجئين «المشاركة في جهود الدولة».
وأكد أن عملية إزالة الخيام ونقل المهاجرين تأتي إثر الأوضاع المتوترة التي شهدتها مدينتي العامرة وجبنيانة وبعض المواجهات بين عدد من سكان المنطقتين وبعض المهاجرين من دول جنوب الصحراء.
ولفت إلى أن ذلك "استدعى حلول الفرق الأمنية على عين المكان بصفة مكثّفة لاحتواء الوضع ومنع حصول مزيد من الصدامات المباشرة بين الطرفين".
وبحسب الجبابلي، نفذت قوات الأمن، مصحوبة بالمنظمات المعنية بالمهاجرين، ومنظمة الهلال الأحمر التونسي، حملة من أجل تسهيل العودة الطوعية لعدد من هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية.
وأشار إلى أن حملات توعية شملت المهاجرين في منطقتَي جبنيانة والعامرة، وذلك بهدف تخفيض الضغوط على سكان المنطقة.
وأوضح أنه "يجري تقديم الدعم المادي واللوجيستي للراغبين من المهاجرين في البقاء بتونس، وإيوائهم بمراكز مؤقتة بانتظار إيجاد حلول لملف الهجرة، سواء على المستوى المحلي، أو على مستوى مذكرة التفاهم مع بلدان الاتحاد الأوروبي".
من جهة أخرى، قال الجبابلي إن الهجرة غير الشرعية سجلت ارتفاعا بالأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 مقارنة بالفترة ذاتها من السنة السابقة.
"لا تكفي"
من جانبه، أكد الناشط السياسي التونسي أحمد شفطر أهمية إبعاد المهاجرين غير الشرعيين عن الحياة العامة للأهالي، وإيجاد الظروف الضامنة لكرامتهم وتنظيم قوافل تطوعية من أجل توفير الحد الأدنى من ظروف العيش الكريم لهم وفي نفس الوقت حماية السكان.
وقال شفطر، لـ"العين الإخبارية"، إن "تونس تعاني من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وهي ضحية مثلها مثل هؤلاء المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء باعتبارعم ضحايا لسياسات تنموية فرضت عليهم من دوائر الخارج والاستعمار".
ووفق الخبير ذاته، فإن "الحلول الأمنية يمكن أن تحد من الأزمة ولكن لا يمكنها أن تكون حلا جذريا"، داعيا إلى "ضرورة أن ترافق هذه المقاربة الأمنية أخرى تنموية، وأن يتحمل المجتمع الإنساني والدولي مسؤوليته في أزمة الهجرة".
والأسبوع المنقضي، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد أن تونس «لن تكون معبرا أو مستقرا للمهاجرين غير الشرعيين ولن تكون ضحية لمن دبروا لها حتى تكون مقرا لهؤلاء».
ولا تزال عمليات عبور المهاجرين عبر القوارب باتجاه أوروبا متواصلة من السواحل التونسية، بالتزامن مع استمرار تدفق المهاجرين من دول جنوب الصحراء على تونس.
وتحاول أوروبا الضغط على السلطات التونسية للحدّ من عمليات عبور المهاجرين انطلاقا من سواحلها، حيث اقترحت تقديم دعم مالي لتونس لمساعدتها على وقف قوارب المهاجرين.
لكن هذه الخطّة تواجه رفضا داخليا وتثير مخاوف من وجود مشروع لتوطين المهاجرين في تونس سواء ممن فشلوا في الوصول إلى أوروبا أو ممن ستقوم دول المنطقة بترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية أو إلى بلد آمن.
كما خلّفت الخطة قلقا من تحولها إلى دولة لجوء وإقامة، مقابل تغطية احتياجاتها المالية.
aXA6IDE4LjIyNi4xMDQuMzAg جزيرة ام اند امز