الفيلم التونسي «ود».. مرآة لجيل مهزوم بين القمع والانكسار النفسي (خاص)

شهدت قاعة الكوليزي بالعاصمة تونس، العرض الأول للفيلم الروائي الطويل "ود" للمخرج التونسي حبيب المستيري، وسط حضور جماهيري لافت.
وحضر طاقم العمل الذي يضم نخبة من الممثلين، من بينهم أحمد أمين بن سعد، نجوى ميلاد، جمال مداني، جمال ساسي، توفيق الغربي، وخلود جليدي.
يمتد الفيلم على مدار 76 دقيقة، ليأخذ المشاهدين في رحلة سينمائية تعكس التحولات الاجتماعية والسياسية التي عرفتها تونس في سبعينيات القرن الماضي، من خلال قصة "خليل" (يجسد دوره أحمد أمين بن سعد)، وهو مناضل يساري طُرد من الجامعة بسبب نشاطه السياسي، قبل أن يجد نفسه مطاردًا من البوليس السياسي ومضطرًا للتحول إلى صحفي مهدد بالانزلاق نحو الارتهان ككاتب مأجور أو مصدر معلومات.
تتشابك خيوط الحكاية مع شخصية "ود"، زميلة خليل الجامعية المنتمية لأسرة ميسورة، والتي يقع في حبها رغم ارتباطها بمؤطر سياسي على علاقة بالبوليس. وبعد القبض على خليل، تهجره "ود" وتغادر إلى الخارج لإتمام دراستها بعيدًا عن الأجواء السياسية، في انعكاس لفجوة اجتماعية وسياسية شكلت مأساة جيل كامل.
الفيلم، الذي كتب سيناريوه مصطفى بن أحمد عن روايته "الحالم الأخير في مدينة تموت" (2018)، جاء بمثابة صرخة فنية تعكس وجع اليسار التونسي، الذي حمل حلم التغيير لكنه وجد نفسه محاصرًا بالخيبات والقمع والانكسار النفسي. ويقول بن أحمد إن العمل "يحافظ على روح الرواية وينقل القلق الذي يعيشه القارئ عند قراءتها"، مؤكدًا أنه يمثل قراءة ذاتية لتجربة اليسار وتناولًا لقضايا الحريات والفساد والفوارق الاجتماعية.
ويرى المخرج حبيب المستيري أن الفيلم يوثق بالصورة مرحلة سياسية حرجة، عبر شخصيات عاشت صراع الانتماء والخذلان، حيث تتحول الصحافة إلى سلعة تباع وتشترى، بينما يتوارى صوت المناضلين تحت وطأة القمع.
ومن جانبه، أكد الممثل توفيق الغربي، الذي يؤدي دور "ولد العيفة"، أن مشاركته في الفيلم كانت تجربة مختلفة وصعبة في الوقت ذاته، معتبرًا أن الدور سمح له بتجسيد شخصية "منحرف" بطريقة واقعية تخدم رؤية العمل.
أما اختيار اسم الفيلم "ود"، فقد استُلهم من أغنية الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب "هان الود عليك"، في إشارة رمزية إلى انهيار القيم وانكسار الروابط الإنسانية والسياسية في تلك الحقبة.
وبين نقده اللاذع للفساد واستحضاره لصراع الأيديولوجيات، يقدم "ود" لوحة بصرية مشحونة بالألم والخذلان، لكنه يظل شهادة فنية على جيل آمن بالتغيير وخرج مثقلاً بالانكسار.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzUg جزيرة ام اند امز