الكسكسي والملوخية يتصدران موائد التونسيين في احتفالات رأس السنة الهجرية

يحتفل التونسيون، الخميس، بحلول رأس السنة الهجرية وسط أجواء مفعمة بالعادات والتقاليد الموروثة، التي تجمع بين الطابع الديني والاجتماعي، وفي مقدمتها إعداد أطباق تقليدية مميزة تتوارثها العائلات جيلاً بعد جيل.
ويحظى طبق الكسكسي بالقديد بمكانة خاصة في هذا الاحتفال، حيث يُعدّ وفق وصفة تختلف عن تلك المعتمدة في الأيام العادية، إذ يُطهى دون خضروات، ويُعتمد فيه على الفول والحمص المجفف والكركم والزعفران، مع شرائح اللحم المجفف (القديد)، ويُزين بالبيض المسلوق، والزبيب، والمكسرات، وقطع الحلوى.
ويكتمل المشهد بطبق "رأس العام" الذي توضع في وسطه عرائس السكر المخصصة للأطفال بألوان زاهية وأشكال متعددة كالديك والحصان والغزال والعروس، وتُقدم محاطة بالمكسرات والفواكه الجافة.
كما تحتل الملوخية مكانة رمزية على مائدة رأس العام، إذ يعتبرها التونسيون بشارة خير وسنة "خضراء"، لما يحمله اللون الأخضر من رمزية للبركة والسلام والخصب. وتحرص ربات البيوت على طهي هذا الطبق التقليدي بدءًا من طحن أوراق الملوخية الجافة، وطبخها في أوانٍ نحاسية أو فخارية على نار هادئة، لمنحها نكهة أصيلة.
وفي المحافظات الجنوبية، يفضّل السكان إعداد أنواع مختلفة من "الجاري" أو الحساء، مثل "المحمّصة بالقديد" و"الحلالم"، تعبيرًا عن أمنيتهم بأن يكون العام الجديد "يجري" بسرعة دون منغصات.
أما في محافظة نابل، فتضفي عرائس الحلوى طابعًا خاصًا على الاحتفالات، حيث تزين واجهات المتاجر وتُقدم كهدايا للأطفال، ليتم تكسيرها يوم عاشوراء لاحقًا وتناولها مع الشاي أو ضمن الحلويات.
ويؤكد محمد صالح الشاطر، شيف مختص في المطبخ التونسي، أن هذه الأطباق ليست مجرد طعام، بل تمثل جزءًا من التراث اللامادي الذي يتمسك به التونسيون رغم تغيّر الأجيال، مشيرًا إلى أن لكل طبق دلالاته الرمزية: فالملوخية تعني التفاؤل، والكسكسي بالقديد هو تواصل مع تقاليد قديمة تعكس الارتباط بالمناسبات الدينية، خاصة أنه يُحضَّر من لحم خروف الأضحية المجفف.
ويختتم الشاطر حديثه مؤكدًا أن تمسك التونسيين بهذه العادات يعكس عمق الهوية الثقافية والغذائية، ويمنح المناسبات الدينية بعدًا اجتماعيا ووجدانيا يتجدد كل عام.