عصيدة المولد النبوي.. «الزقوقو» يتحدى حرائق الغابات في تونس (خاص)

في كل عام مع حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، يتجدد في تونس طقس اجتماعي مميّز تصنع فيه العائلات طبق عصيدة الزقوقو الذي يعد أيقونة هذه المناسبة.
ورغم ارتباط عصيدة المولد النبوي«الزقوقو» بالفرح واللمة العائلية، إلا أن ارتفاع تكاليفه هذا الموسم جعل الاحتفال أكثر كلفة خاصة مع تزامنه مع مصاريف العودة المدرسية.
"الزقوقو" كلمة تونسية عامية تعني الصنوبر الحلبي، وينتج أساساً في مرتفعات الشمال الغربي المتاخمة للحدود الجزائرية، حيث تغطي غاباته نحو 300 ألف هكتار بمحافظات الكاف وجندوبة والقصرين. وبعد جني المحصول يُباع خاماً أو معبأً في الأسواق ليكون جاهزاً للطبخ.
لكن وفرة هذا المنتج ليست مضمونة دائماً، إذ تسببت الحرائق المتكررة في الغابات التونسية خلال فصل الصيف، إلى جانب التغيرات المناخية وشح المياه، في تقليص المساحات المزروعة وبالتالي ارتفاع الأسعار.
طارق المخزومي، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري، أوضح لـ العين الإخبارية أن محاصيل هذا العام سجّلت تراجعاً طفيفاً مقارنة بالعام الماضي، مشيراً إلى أن سعر الكيلوغرام في مناطق الإنتاج يتراوح بين 50 و53 ديناراً (حوالي 17 دولاراً)، مع إمكانية تغيّره وفق العرض والطلب، مضيفاً أن الجودة هذا الموسم عالية والمحصول خضع لمراقبة دقيقة.
في أحد أسواق العاصمة، التقت العين الإخبارية بالحاجة فضيلة التي أكدت أن العائلة لا يمكنها الاستغناء عن عصيدة الزقوقو في هذه المناسبة رغم كلفتها، مشيرة إلى أن إعداد الطبق الواحد يكلفها نحو 150 ديناراً (50 دولاراً) لأسرة من خمسة أفراد، في حين كانت الكلفة لا تتجاوز 40 ديناراً قبل سنوات. وأوضحت أن سعر الكيلوغرام من الزقوقو وصل إلى 60 ديناراً (20 دولاراً)، بينما ارتفعت أسعار الفواكه الجافة المستخدمة للتزيين بشكل لافت.
عصيدة الزقوقو تحضّر بطحن حبات الصنوبر الحلبي ومزجها بالماء والدقيق والسكر ثم طهيها ببطء حتى تتماسك، لتقدم نصفها في أوانٍ فخارية ويغطى النصف الآخر بالكريمة، قبل أن تُزيّن بالفواكه الجافة واللوز. وخلال هذه الأيام، تشهد محلات بيع المكسرات والفواكه المجففة إقبالاً كبيراً استعداداً لهذه المناسبة.
الطبق الذي ورثه التونسيون عن أجدادهم، أصبح جزءاً من الهوية الاجتماعية، تتبادله العائلات صباح يوم 12 ربيع الأول، في تقليد يرمز للمشاركة والكرم. وتشير تقديرات منظمة الدفاع عن المستهلك إلى أن السوق التونسية تستهلك قرابة 300 طن من الزقوقو سنوياً، ما يدفع السلطات إلى استيراد كميات إضافية من الجزائر.
ووفق المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تغطي الغابات نحو 34% من مساحة تونس البالغة 163,610 كيلومترات مربعة، وتُقدّر قيمتها الاقتصادية بحوالي 932 مليون دينار (310 ملايين دولار)، يعيش وسطها أكثر من مليون مواطن.
الذاكرة التونسية ما تزال تحتفظ بصيف 2022، حين شبّ حريق ضخم في منطقة "بو قرنين" قرب العاصمة وأتى على أكثر من 500 هكتار من غابات الصنوبر خلال ثلاثة أيام، في واحدة من أسوأ الحرائق التي عرفتها البلاد مؤخراً.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA= جزيرة ام اند امز