أجواء تونسية استثنائية في «ليلة النص» من رمضان.. تقاليد متوراثة

يحتفل التونسيون كل عام بليلة النصف من رمضان في طقوس شديدة الخصوصية، وذلك احتفاءً ببدء العد التنازلي لانتهاء رمضان واقتراب عيد الفطر.
ويسميها التونسيون باللهجة العامية "ليلة النص"، ويبتهج بحلولها كل بيت تونسي، وتعد لها أطعمة خاصة على مائدة الإفطار.
كما تتزيّن المساجد بالمصابيح، وتعلو التكبيرات من المآذن، وتصدح التهاليل والأدعية، ويتجنّد بعض المصلّين حاملين مرشّات "ماء الزهر (زهر البرتقال)" لرشّها على أكفّ المصلّين.
ويحرص بعض المصلّين على اصطحاب أطفالهم إلى المساجد في "ليلة النص" لتعلّم الصلاة، سيما صلاة التراويح.
وأحيا الجمعة، مئات التونسيين "ليلة النص" بجامع الزيتونة بالمدينة العتيقة وسط العاصمة التونسية، أملاً في أن تكون هذه الليلة موعودة بالخير وبقبول الدعاء.
ويسارع التونسيون في هذه الليلة لحجز أماكنهم في الجامع لأداء الصلوات، خاصة التراويح، كما يشهد هذا الجامع مجالس ذكر وحلقات وعظ ديني ومحاضرات ومسامرات دينية.
ويعد جامع "الزيتونة" ثاني أقدم مسجد في تونس بعد جامع عقبة بن نافع في القيروان.
الزيتونة، ويسمى بجامع الزيتونة المعمور أو الجامع الأعظم، أسسه حسان بن النعمان الغساني فاتح تونس، وذلك حوالي سنة (699م)، ومن أهميته ما يتميز به من متانة البناء وثراء الزخرفة وتناسق عناصره المعمارية، واندماجه من حيث البناء والوظيفة الدينية والعلمية في المحيط الخارجي المكوّن من طرق رئيسية وأسواق.
"الكسكسي سيد الأطباق"
وفي هذه الليلة المميزة، يتربّع “طبق الكسكسي” على موائد معظم التونسيين، ويتم إعداده بلحم الضأن وتزيينه بالزبيب واللوز والحمص احتفاءً بليلة منتصف رمضان.
وقال المؤرخ التونسي عبد القادر المسيليني، إن لليلة النصف من رمضان طقوسها الخاصة في تونس، حيث يسارع المصلون إلى المساجد لتأدية صلاة التراويح وللدعاء، موضحًا أن جامع الزيتونة في العاصمة يعد قبلة التونسيين في هذه الليلة حيث يعرف توافداً كبيراً من قبل المصلين.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن جامع عقبة بن نافع بالقيروان يعرف أيضًا توافداً كبيراً من قبل المصلين من مختلف المحافظات التونسية خلال هذه الليلة.
وأوضح أن خلافًا للعادات الدينية التي تميز التونسيين خلال هذه الليلة، فإن أغلب العائلات التونسية تعد طبق "الكسكسي"، وهو الطبق الأكثر شعبية في تونس، حيث تحيط به طقوس جعلت منه الأكلة الأكثر تبجيلاً لدى العائلات التونسية في المناسبات الدينية، حيث يتم خلال ليلة منتصف رمضان التصدق بعشاء أو كل مستلزمات إعداد وجبة الكسكسي على ضعاف الحال طلبًا للرحمة لأمواتهم، وهي عادة متوارثة منذ القدم.
وأكد أن ليلة النصف من رمضان هي مناسبة للاحتفال بختم القرآن وبدء ختمة ثانية تنتهي مع ليلة العيد.
وأوضح أنه من عادات ليلة النصف أيضاً، ختان الأطفال إلى جانب الاحتفال بمناسبات عائلية مثل الخطبة وتقديم هدية رمضان للعروس، كما تعدّ ليلة النصف من رمضان أيضًا مناسبة لصلة الأرحام وتبادل الزيارات بين الأقارب والأهالي.
aXA6IDE4LjE5MC4yMTkuNDYg جزيرة ام اند امز