كارثة قارب المهاجرين تشعل تونس.. وإضراب عام في "جرجيس"
تعيش مدينة جرجيس التونسية التابعة لمحافظة مدنين جنوب شرقي البلاد، حالة إضراب عام على وقع مصرع وفقدان مهاجرين غير شرعيين أواخر سبتمبر/أيلول.
ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في تونس) منذ الأحد، إلى تنفيذ إضراب عام للمطالبة بكشف الحقيقة وإيجاد بقية مفقودي حادث غرق قارب الهجرة غير الشرعية وللتنديد بطريقة تعامل الجهات المسؤولة مع هذه الفاجعة.
وتشهد المدينة منذ أيام حالة احتقان شديدة بسبب اتهام السلطة من طرف الأهالي بالتقصير في التعامل مع الفاجعة.
وفي 21 سبتمبر/أيلول الماضي، فُقد الاتصال بمركب هجرة غير شرعي في البحر المتوسط كان يحمل 18 شخصًا أغلبهم من أهالي جرجيس التونسية.
وخلال الأيام الماضية لفظ البحر جثتي امرأتين على سواحل جزيرة جربة بمحافظة مدنين.
كما انتشل عدد من البحارة في جرجيس 6 جثث أخرى من المتوسط، وبعد تسليمها للسلطات المعنية، تم دفنها في "مقبرة غرباء" دون إخبار عائلاتهم.
ومقبرة الغرباء، ويطلق عليها أيضا اسم "جنان أفريقيا"، تقع في مدينة جرجيس جنوب تونس، وتضم أكثر من 500 قبر، وهي مكان لدفن المهاجرين مجهولي الهوية الذين لفظتهم أمواج البحر المتوسط على الشواطئ التونسية، وأغلبهم من أفريقيا جنوب الصحراء.
وينطلق المهاجرون غير النظاميين عادة من شواطئ "شبه جزيرة جرجيس" نحو الشواطئ الإيطالية حالمين بمستقبل وآفاق أفضل.
7000 مشارك في الإضراب
وقال كاتب عام الاتحاد المحلي للشغل بجرجيس الهادي الحميدي إن الإضراب الذي تمّ إقراره بالتنسيق مع جمعية البحار (مستقلة) واتحاد المزارعين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة أرباب العمل، سيستثني المرافق الحيوية كالمخابز والمستشفى والصيدليات.
كما أكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن عدد المشاركين في المسيرة الاحتجاجية التي تم تنظيمها، الثلاثاء في جرجيس، تجاوز الـ7000 مشارك.
وأضاف الحميدي أن المحتجين تقيدوا والتزموا بتراتيب الإضراب العام الذي انطلق في جرجيس، الثلاثاء، معتبرا أن التحرك الاحتجاجي كان هبة شعبية غير مسبوقة في الجهة.
ودعا الحميدي السلطات المركزية إلى فتح ملف التنمية من أجل القضاء على الهجرة غير الشرعية في جرجيس.
وفي حال عدم الاستجابة لمطالب الأهالي، شدد الحميدي على أن الإضراب العام سيكون له ما بعده، حسب تعبيره.
وأشار الحميدي إلى أنّ الغاية من الإضراب العام هي كشف حقيقة غرق أبناء الجهة في البحر ومن أمر بالدفن في مقبرة الغرباء دون التشريح الجيني؟.
وأكد أن هناك 11 جثة لا تزال مفقودة ودعا إلى ضرورة إيجادهم سوى كانوا في المستشفيات أو في المقابر لكي ترتاح نفوس عائلات المفقودين.
فتح تحقيق
وبخصوص غرق القارب، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، الاثنين، على تحميل كل طرف مسؤولياته على الصعيد المحلي أو على الصعيد الوطني، وفق بيان للرئاسة التونسية.
وأشار سعيد إلى أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية ما كان لها أن تتفاقم لولا الأسباب التي دفعت بالتونسيين والتونسيات للإلقاء بأنفسهم بعرض البحر، بحسب المصدر الرئاسي نفسه.
واعلن سعيد فتح تحقيق ليعرف التونسيون والتونسيات الحقيقة كاملة وليتحمل من كان وراء هذه الفواجع تبعات إخلالاته وتقصيره، بحسب الرئاسة.
وبلغ عدد المفقودين في المتوسط منذ بداية العام الجاري 544 شخصًا، وفقًا لأرقام "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية".
وفي الأسابيع الماضية، ارتفعت وتيرة محاولات الهجرة غير الشرعية للتونسيين، حيث تحبط السلطات الأمنية المختصة يوميا عشرات الرحلات غير الشرعية، كما تمكن آلاف المهاجرين هذا الصيف من الوصول إلى السواحل الأوروبية.