خبيران تونسيان: الإرهاب يستمد جذوره من تنظيمات الإخوان بالمنطقة
الغطاء الإخواني بمثابة النار التي تلتهم الاستقرار الداخلي في تونس وتعطي جرعات من الأكسجين، لاستدامة حيوية التنظيمات الإرهابية
تعيد العملية الإرهابية التي أعلنت السلطات التونسية إحباطها إلى الأذهان الخطر الدائم الذي يهدد البلاد من 9 سنوات، وأودى بحياة المئات من الأبرياء من المدنيين ورجال الجيش والشرطة.
ووفق محللين، فإن هذا الإرهاب الذي يأخذ أشكالا متنوعة، تارة في ثوب "الذئاب المنفردة"، وتارة أخرى في شكل جماعات مسلحة تتحصن في الجبال، يستمد جذوره من قاعدة فكرية واحدة، ومن منطلق سياسي أفرزته التنظيمات الإخوانية في المنطقة.
وأكدا أن هذا الغطاء الإخواني للإرهاب هو بمثابة النار التي تلتهم الاستقرار الداخلي في تونس وتعطي جرعات من الأكسجين، لاستدامة حيوية التنظيمات المتطرفة.
وأمس الثلاثاء، أعلنت تونس إحباط مخطط إرهابي لاستهداف مؤسسات أمنية وحيوية داخل البلاد خلال شهر رمضان المقبل.
وقالت وزارة الداخلية، في بيان، إن "العملية كان سينفذها تكفيري على شاكلة ما يعرف بـ(الذئاب المنفردة) حيث شرع في توفير المواد والأدوات اللازمة للتحضير وصنع مواد متفجرة، قبل إلقاء القبض عليه من الإدارة المركزية لمكافحة الإرهاب والاستعلامات العامة".
ولفتت "الداخلية" التونسية، إلى أن "التكفيري حاول استغلال الظرف الصحي المرتبط بانتشار فيروس كورونا للتخطيط لتنفيذ عملية إرهابية (بلغت مرحلتها الأخيرة)".
وحول الأطراف المرتبطة بالعنصر التكفيري، أفادت مصادر أمنية في حديث لـ"العين الإخبارية" بأن "التكفيري المذكور كان بصدد التنسيق مع عدد من العناصر الإرهابية الموجودة في ليبيا وبعدد من المليشيات المسلحة في مدينة مصراتة".
وأكدت المصادر أن "الوحدات الأمنية رفعت من درجة اليقظة الأمنية تحسبًا لأي عملية إرهابية، خاصة في شهر رمضان".
وعاشت تونس سنوات 2013 و2014 و2015 على وقع ضربات إرهابية في شهر رمضان استهدفت جنودا في جبل الشعانبي (غرب البلاد)، كما استهدفت مواقع سياحية في مدينة سوسة (عام 2015).
ومطلع الشهر الماضي، نفذ تكفيريان عملية إرهابية استهدفت محيط السفارة الأمريكية بتونس، راح ضحيتها عنصر أمني وجرح 4 آخرين.
الإرهاب.. تاريخ وذاكرة
وقد يتقاطع الفكري بالاستراتيجي في تحليل الظاهرة الإرهابية، ولكن المعطى التاريخي يؤكد بأن العلاقة بين الإخوان والإرهاب في تونس هي علاقة عضوية تمتد إلى عشرات السنوات، حيث إن السنوات الماضية كانت شاهدة على ضربات إرهابية، راح ضحيتها مئات الأمنيين والمدنيين.
ويعيد الخبير العسكري المتقاعد، عبد الملك النيفر، جملة التهديدات الإرهابية التي سجلتها وزارة الداخلية في تونس إلى الاضطرابات الحاصلة في ليبيا وتمركز عديد المليشيات في الغرب الليبي، التي ساهمت على حد تحليله في إمداد تنظيمات مثل "جند الخلافة" و"عقبة بن نافع" بالأسلحة والمتفجرات.
وقد أثبتت تقارير أمنية بأن تنظيم "فجر ليبيا" الذي يتزعمه الإخواني عبدالحكيم بلحاج ساهم في إنشاء معسكرات تدريب في الغرب الليبي سنة 2011 كان هدفها استقطاب عناصر تونسية من أجل إعدادها في تغذية الحروب الإقليمية.
وأكد النيفر في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن العمليات الإرهابية في تونس على غرار عملية سوسة سنة 2015 التي استهدفت مئات السياح، وعملية اغتيال 15 جنديا في جبال الشعانبي سنة 2013، تقف وراءها أياد إخوانية من ليبيا.
ويفيد كثير من الدراسات أن الإرهاب ضرب جغرافيا في أغلب المحافظات مثل سليانة، وباجة، وسيدي بوزيد، والقصرين، وجندوبة، وسوسة، وتونس العاصمة، واعتمدت فيها الجماعات المسلحة أشكالا مختلفة مثل الاغتيال السياسي والعبوات الناسفة والعمليات الانتحارية، والكمائن الخادعة وتفخيخ السيارات.
الجماعات الإسلامية.. توازنات استراتيجية
من جهتها، تعتبر الباحثة في العلوم السياسية نرجس بن قمرة، أن الحركة الإسلامية في تونس نشأت من رحم الفكر الإخواني في بداية سبعينيات القرن الماضي، ولم تتخل عن الأساسات الفلسفية للفكر الأصولي.
وأوضحت أنه يبرز في كل خطابات زعيم التنظيم راشد الغنوشي تعاطف ضمني مع الجماعات المسلحة والتنظيمات الداعشية، لافتة إلى وصف الغنوشي في تصريحات إعلامية سابقة عناصر هذه التنظيمات بالشباب الذي "يبشر بثقافة جديدة".
وأضافت بن قمرة، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن قاعدة تحرك هذه التنظيمات تجد غطاءها السياسي من خلال الدعم التركي والقطري والأيادي الإخوانية في تونس.
وأكدت أن هذا الغطاء هو بمثابة النار التي تلتهم الاستقرار الداخلي في تونس وتعطي جرعات من الأكسجين، لاستدامة حيوية التنظيمات الإرهابية.
يشار إلى أن السلطات الأمنية التونسية ضبطت أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول 2019 كميات من المتفجرات والأسلحة تركية الصنع كانت في طريقها من ليبيا إلى تونس، ومع تكثيف التهديدات الإرهابية، تجد حكومة إلياس الفخفاخ نفسها أمام صعوبات متعددة العناوين، قد تعقد من فرص نجاحها في المستقبل القريب.
aXA6IDUyLjE0LjYuNDEg
جزيرة ام اند امز