ما بعد الفخفاخ.. هل تولد الحكومة التونسية من عنق الزجاجة؟
يرى متابعون أن تكوين الحكومة التونسية سيكون صعبا خلال الفترة المقبلة في ظل التوازنات البرلمانية الحالية
لم يبق من مهلة الرئيس التونسي قيس سعيد لطرح خليفة لرئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ، سوى خمسة أيام، وسط سيناريوهات ترسم مستقبل الكابينة الوزارية المرتقبة.
ويرى متابعون أن تشكيل الحكومة التونسية سيكون صعبا في الفترة القادمة، في ظل التوازنات البرلمانية الحالية، وتطور مسار الصراع السياسي بين مختلف الأحزاب الممثلة في البرلمان.
وإن كان قد عبّر كل من حركة الشعب القومية (18مقعدا)، وحزب التيار الديمقراطي (22مقعدا)، وحزب تحيا تونس (11مقعدا)، وكتلة الإصلاح (15مقعدا) من خلال تصريحات إعلامية لقياداتهم، عن رفضهم الدخول مجددًا في حكومة يتواجد فيها الإخوان المسلمين الممثلين بحركة النهضة.
في المقابل تشكل تحالف سياسي مضاد يجمع حزب النهضة (54 مقعدا)، وحزب قلب تونس ( 26مقعدا)، وائتلاف الكرامة صاحب التوجهات الاخوانية ( 19مقعدا).
وترى فريدة بن عمر الباحثة في علم الاجتماع السياسي أن خارطة التحالفات البرلمانية بمختلف تشكيلاتها وتفرعاتها عاجزة عن توفير 109 أصوات للمصادقة على الحكومة القادمة.
وقالت في حديث لـ"العين الإخبارية" إن الأوزان السياسية المتقاربة والمتناحرة ستحكم على الحكومة القادمة بالسقوط برلمانيًا، وهو ما يمكن أن يكون منطلقًا للتفكير في حل البرلمان وإعادة تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.
وأمام هذا، رجحّت أن يمضي الرئيس التونسي قيس سعيد في حل البرلمان، "وهو ما لمح له في أكثر من مناسبة وخاصة في مداخلته الأخيرة "
وكان قيس سعيد قد صرح الإثنين، أن مجلس نواب الشعب صار يعيش حالة من الفوضى التي لا يمكن القبول بها.
كما أكد قيس سعيد، أنه لن يظلّ مكتوف الأيدي أمام ما تشهده مؤسسات الدولة من تهاو، مضيفا أن الدولة ستبقى فوق كل الاعتبارات وأن تعطيل عمل المؤسسات الدستورية غير مقبول بكل المقاييس.
وأوضح أن الإمكانيات القانونية والوسائل المتاحة في الدستور للحفاظ على مؤسسات الدولة موجودة، لكنه لا يريد اللجوء إليها اليوم، مشددا أنه لن يترك الدولة في مثل هذا الوضع الراهن.
أسماء من خارج الأحزاب
في هذه الأثناء، أفادت مصادر مقربة من قصر قرطاج أن الرئيس التونسي يتجه نحو تعيين شخصية سياسية من خارج الأحزاب لخلافة إلياس الفخفاخ .
وأكدت ذات المصادر في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن سعيد مازال يدرس الأسماء المطروحة على طاولته، ومازال لم يحدد بعد خياره الأخير الذي تنتهي آجاله آخر الأسبوع.
وعن هذه الجزئية، اعتبر الكاتب الصحفي بسام حمدي أن اختيار شخصية من خارج الأحزاب لتتولى رئاسة الحكومة لن يكون ضمانة لنجاحه برلمانيًا في ظل ثقافة "المحاصصة السياسية "، وغياب إمكانيات التوافق السياسي بين حركة النهضة وخصومها .
وأوضح في حديث لـ"العين الإخبارية" أن زمن تشكيل الحكومة سيتزامن الأسابيع القادمة مع جلسة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، وهذا سيزيد في تعكير المناخ السياسي بشكل عام.
ولفت حمدي إلى أن مخرجات انتخابات 2019، لم تعط الأغلبية المطلقة لأي طرف سياسي، وهو ما خلق توازنات ضعيفة غير قادرة على تكوين حكومة مستقرة
انتخابات جديدة ..فرضية قوية
لا تبدو الأزمة السياسية في تونس على طريق الانفراج، فمنسوب الاحتدام بلغ أعلى مستوياته حسب العديد من المتابعين، زاده في ذلك فشل ذريع لراشد الغنوشي في إدارة البرلمان.
ومن الممكن أن تكون المرحلة القادمة هي مرحلة التمهيد للدخول في انتخابات سابقة لأوانها، خاصة وأن دوائر مقربة من الرئيس قيس سعيد، تحدثت عن رغبته في إعادة تشكيل المشهد السياسي.
وقد يكون قيس سعيد لاعبًا مستقبليًا في المشهد السياسي من خلال تكوين حزب يخوض المعركة الانتخابية .
وأمس الإثنين، أعلنت وزارة الداخلية عن تكوين حزب جديد اسمه "الشعب يريد" (شعار حملة سعيد الرئاسية ) قد يكون النواة الأولى لمشروعه السياسي.