سقوط آخر معاقل إخوان تونس.. تفكيك شبكات فساد بالنقل الخاص

في زمن حكم الإخوان بتونس، كان الفساد نهجًا ممنهجًا لاقتسام الغنائم والسيطرة على مفاصل البلد الأفريقي.
«النقل الخاص» كان أحد القطاعات التي أحكم الإخوان قبضتهم عليه، محولين إياه إلى سوق مغلقة تدور في فلكهم، حيث مُنحت الامتيازات لمن يدين لهم بالولاء، لا لمن يستحقها وفق القانون.
لكن منذ الإطاحة بالإخوان، انطلقت السلطات التونسية في طريقها نحو تطهير البلد الأفريقي من الفساد، والفوضى الإخوانية، بإجراءات صارمة تعيد للقانون هيبته، وتحرر هذا القطاع من قبضة الجماعة التي جعلت منه أداة نفوذ اقتصادي وسياسي.
آخر تلك الإجراءات، تفكيك السلطات التونسية يوم الإثنين شبكات فساد وغسل أموال تنشط في مجال النقل (المواصلات) الخاص في تونس.
غسل أموال
وأعلنت السلطات الأمنية التونسية، الإثنين، الكشف عن شبهات جريمة غسل الأموال والتهرّب الضريبي باستعمال تطبيقات نقل الركاب عبر سيارات الأجرة الفردية.
وقالت الإدارة العامة للحرس (الدرك) الوطني في بيان إنّ «أجهزتها تمكنت من كشف شبهات غسل الأموال والتهرّب الضريبي تتعلق بشركات تدير تطبيقات نقل الركاب عبر سيارات الأجرة الفردية".
وبحسب بلاغ إدارة الحرس التونسي، فقد «كشفت الأبحاث أن الشركات تعمل دون تراخيص قانونية، وتستخدم تصاريح مغلوطة، إلى جانب استغلال حسابات بنكية غير مصرح بها لتحويل مبالغ مالية ضخمة إلى الخارج، في مخالفة صريحة للترتيبات التي يجري بها العمل».
وأسفرت الأبحاث وفق البلاغ عن حجز نحو 12 مليون دينار (4 ملايين دولار) في الحسابات البنكية التابعة لها، إضافة إلى إيقاف نشاطها وشطبها من السجل الوطني للمؤسسات وإغلاق مقراتها الاجتماعية.
وتعمل في السوق التونسية نحو أربع شركات لتشغيل سيارات الأجرة عبر التطبيقات الإلكترونية منها: «بولت، واين درايفر، ويسير، وتاكسي 216».
وتمنح هذه الشركات للركاب خدمة حجز سيارات الأجرة مع فرض زيادة على رسوم النقل تصل إلى 50% عن التعريِفات العادية في أوقات الذروة.
ورغم توسع نشاط سيارات الأجرة عبر التطبيقات الإلكترونية تغيب الأطر القانونية التي تحدد العلاقة التعاقدية بين الركاب ومقدمي الخدمة، ما يجعل المشتركين عرضة لجميع التجاوزات؛ أبرزها شَطَط التعرِيفات وكشف المعطيات الشخصية.
وقاد مؤخرا تونسيون حملات على شبكات التواصل الاجتماعي مطالبين بالتصدي لسيارات الأجرة (التاكسي) التي تعتمد على تطبيقات إلكترونية لتقديم خدمة النقل، وكبح سيطرة الشركات المشغلة لها على السوق، في وقت يعاني فيه المواطنون من رداءة خدمات النقل الحكومي، ما يضطرهم إلى القبول بتسعيراتها المرتفعة.
ويقول حسن التميمي المحلل السياسي التونسي إن الفساد خلال حكم الإخوان نخر الدولة من الداخل، مشيرًا إلى أنهم حاولوا خلال العشر سنوات الماضية العمل على تردي قطاع المواصلات الحكومي خدمة لمصالحهم، وفرض طرق جديدة لجعل القطاع الخاص يتحكم في هذا المجال.
مكافحة الفساد
وأوضح المحلل السياسي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن مكافحة الفساد تعد من أولويات الرئيس التونسي قيس سعيد الذي يؤكد في خطاباته وتصريحاته أن هذه الظاهرة تهدد الدولة متهما أطرافا سياسية وعلى رأسها حركة النهضة بالتورط في الإضرار بمصالح البلاد.
وأشار إلى أن مثل هذه الشركات تطبّق تعريفة مضاعفة دون أن تستثمر شيئا في تحسين الخدمات، مثل علامتها الأصلية، لا سيما في البلدان الأوربية، موضحا أن كل هذا ساهم في ضرب مفهوم الخدمة العامة التي يفترض أن يقدّمها قطاع سيارات الأجرة التاكسي، لمعاضدة جهود الدولة في مجال المواصلات على ضوء رخص تسند وفق شروط والتزامات قانونية معينة.
وشهد قطاع النقل التونسي منذ سنوات تردي الخدمات بفعل تفاقم الديون وتقادم الأسطول بالتوازي مع ارتفاع مخصصات أجور الموظفين، في ظل أزمة اقتصادية استحالت معها فرص إنعاش هذا القطاع الحيوي، الأمر الذي دفع العديد من الشركات إلى دوامة الإفلاس.
aXA6IDMuMTM1LjIxNC4yNDEg
جزيرة ام اند امز