"اعتصام الرحيل 2".. شبح غضب 2013 يرعب "إخوان" تونس
دعوات تتوسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بإسقاط البرلمان الذي يسيطر عليه الإخوان ويستخدمونه لتمرير الاتفاقيات القطرية والتركية
انحسرت الأضواء في تونس عن جائحة كورونا لتسرقها دعوات لإسقاط الحكومة وحل البرلمان، تنديدا بتحول البلاد إلى قاعدة خلفية لتركيا وقطر، واستنكارا لما آلت إليه الأوضاع جراء السياسات الإخوانية الفاشلة.
غضب راكمته سنوات حاولت خلالها حركة النهضة الإخوانية تحويل تونس إلى جسر عبور يؤمن لها ولمشروعها الايديولوجي خزانا بشريا يكبله التطرف، وقابل للانشطار والتفريخ، وامتدادا فكريا ملغوما يمكنه من توريث الإرهاب عبر الأجيال.
يأتي ذلك فيما بدأت دعوات تتوسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب بإسقاط البرلمان الذي تسيطر عليه الحركة الإخوانية وتستخدمه وسيلة لتمرير الاتفاقيات القطرية والتركية، وإجراء تحركات مشبوهة لحشد الدعم لميلشيات طرابلس الليبية.
مؤسسة تشريعية يترأسها زعيم الإخوان في تونس راشد الغنوشي، والذي يترأس أيضا مكتبها، ما يفسر الرفض اللافت لأي مطالب من نواب الكتل المختلفة لمساءلته حول تجاوزات وتحركات مشبوهة تمس السيادة الوطنية.
اعتصام الرحيل 2
"اعتصام الرحيل 2 أرعبهم ودخلوا مرحلة التهديد والوعيد.. لا سلطة فوق إرادة شعب ثائر"..
تدوينة للناشطة التونسية فاطمة المسدي، عقبت من خلالها على حالة الرعب المطبقة على إخوان البلاد على خلفية الدعوات إلى "اعتصام الرحيل 2"، النسخة الجديدة من الاعتصام الذي أطاح بحكومة الإخوان في 2013.
وفي مقطع فيديو عبر "فيسبوك"، جدّدت فيه دعوتها للنزول إلى الشوراع لخوض "اعتصام الرحيل 2" بهدف إسقاط النظام وتغييره.
واعبرت المسدي أن "الشعب التونسي فقد ثقته بالبرلمان الحالي، المسؤول عما آلت إليه الأوضاع من فساد وتهريب وتعيينات مشبوهة وتقاسم الغنائم".
وشددت على أن الاتفاقيتين مع كلٍ من قطر وتركيا هما "القطرة التي أفاضت الكأس"، لافتة إلى أن اعتصام الرحيل 2 الذي أطلقته مجموعات متباينة من التونسيين عبر مواقع التواصل، هو "حراك شعبي سلمى وآلية من آليات الديمقراطية ولا علاقة له بأي جهة خارجية أو أي حزب بعكس ما يدعيه الإخوان.
شبح غضب بأفق المشهد السياسي التونسي، يتأهب للقفز إلى الواجهة، ويحشد صفوفه من الغاضبين والمستائين مما بلغته البلاد من تراجع على مختلف الأصعدة، وخصوصا تقديمها بوابة عبور وقاعدة خلفية لأنقرة لتنفيذ مخططها في ليبيا.
ففي 2013، وتحديدا غداة اغتيال السياسي المعارض محمد البراهمي في الـ25 من يوليو تموز، بدأ من أمام مقر المجلس التأسيسي (برلمان مؤقت) وفي عدة مدن تونسية، اعتصام طالب بحل السّلطات الثلاث.
وجاء الاعتصام في إطار حركة تمرّد نشأت في تونس أسوة بحركة مماثلة نشأت في مصر آنذاك وطالبت بسحب الثقة من الإخواني محمد مرسي الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
وانضم إلى المبادرة التي حملت اسم "اعتصام الرحيل"، الإتحاد العام التونسي للشغل، أكبر نقابة عمالية بالبلاد، علاوة على أحزاب سياسية ونواب والعديد من الحركات الشبابية.
"اعتصام العزة والكرامة"
نشطاء تونسيون أطلقوا صفحات عبر مواقع التواصل، دعوا عبرها إلى نسخة جديدة من اعتصام الرحيل، بينها صفحة "اعتصام العزة والكرامة".
وقالت الصفحة في بيان لها اطلعت عليه "العين الإخبارية": "نحن أبناء وبنات الشعب التونسي العظيم، نعلن انطلاق اعتصام العزة والكرامة، وهو عنوان للذود عن عدة تونس ومناعتها، وتصديا لكل من خان العهد، وسهل استفحال الفساد والسرقة والابتزاز".
ومن مطالب الاعتصام، وفق البيان، "إسقاط حكومة المحاصصات الحزبية والذهاب نحو حكومة مصغرة للإنقاذ الوطني"، داعيا "جميع القوى التقدمية الصادقة والمنظمات الوطنية الفاعلة، إلى تبني مطالبنا".
وبخصوص تطورات التحضيرات للاعتصام، قال أحد المشرفين على الصفحة، في حديث مع "العين الإخبارية"، إنه يتم حاليا تركيز التنسيقيات الجهوية على مستوى 17ولاية من أصل 24.
وأضاف، مفضلا عدم نشر هويته بالوقت الراهن، أن هناك دعوات من مبادرات الالتحاق بالمبادرة من حاملي نفس الفكر وغير الداعمين للفوضى والتخريب، في إطار القانون، مشددا على أن الدستور والتنظيم السلمي والعفوي هو شعار المبادرة.
مرحلة جديدة من الغضب
تحركات مشبوهة وتجاوزات بالجملة تمس الأمن القومي لتونس، تضاف إلى ما يعانيه التونسيون من أزمات متتالية فاقمها فيروس كورونا، ما يجعل مراقبين يجزمون بأن البلاد مرشحة للمرور من طور الغضب الشعبي إلى الغليان والانفجار.
الكاتب الصحفي التونسي وسام حمدي، أعرب عن اعتقاده بأن "جميع المطبات ستعجّل باحتجاجات شعبية ضد سياسات الغنوشي مثلما حصل في اعتصام الرحيل عام 2013 عقب اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي".
وأضاف حمدي، لـ"العين الإخبارية": "توجد أيضا الكثير من الاعتبارات الأخرى التي تجعل المطالبة بحل البرلمان ومساءلة الغنوشي ذات مشروعية".
وموضحا: "بمقدمتها أن الغنوشي أثبت أنه لم يزر أنقرة دقائق فقط بعد فوزه بالانتخابات التشريعية، ولقاء أردوغان أوائل يناير الماضي بصفة اعتباطية، بل إن تلك الزيارة كانت لتسطير وهندسة شكل العلاقات ورفعها من السرية إلى أخرى دبلوماسية تورّط تونس في الكثير من الملفات".
واعتبر أن الغنوشي ومن ورائه حركة النهضة وبقية الأطراف الممثلة للإخوان المسلمين في تونس، باتوا يتحركون وفق أهواء أردوغان.
وبالنظر إلى خطورة تحركات الإخوان على الأمن القومي التونسي، رأى حمدي أنه "من الضروري المرور إلى الضغط الشعبي والسياسي وعبر منظمات المجتمع المدني".
وخلص إلى أن شعبية حركة النهضة بدأت تتضاءل، وخزانها الانتخابي ينفد، وتحاول الرجوع بالبلاد إلى أجواء 2012 و2013 حين كانت تسوده خطابات العنف والتكفير، ما أدى إلى تغلغل الإرهاب بالبلاد واغتيال سياسيين وأمنيين ومدنيين.
أكبر منظمة عمالية على الخط
الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية بالبلاد، دخل من جهته على الخط، محذرا في بيان من "استغلال الظرف لتمرير مشاريع واتفاقيات خارجية مشبوهة معادية لمصالح تونس، وترتهن مستقبل الأجيال لصالح اصطفافات وأحلاف أجنبية"، في إشارة لتركيا وقطر.
وأكد الاتحاد أن "أيّ خطوة في هذا الاتجاه ستواجه بالرفض الشعبي والتصدّي المدني وان الاتحاد لن يتأخر عن خوض النضالات الضرورية".
aXA6IDMuMTM1LjE5My4xOTMg جزيرة ام اند امز