هجرة جماعية.. نجوم تونس يغزون الدوري المصري
شهد الميركاتو الحالي في الدوري المصري انضمام عدد كبير من اللاعبين التونسيين للأندية المحلية في سابقة لم تعشها المسابقة من قبل.
السوق المصرية باتت وجهة كروية مفضلة جديدة لنجوم الدوري التونسي، بعد أن تعودوا طوال السنوات الأخيرة على الاحتراف بشكل أساسي في دوريي الدرجة الأولى والثانية في المملكة العربية السعودية.
هذه الهجرة الجماعية أثارت جملة من ردود الفعل في صفوف الرأي العام الرياضي التونسي، في ظل المخاوف من استمرار نزيف هروب اللاعبين نحو الدوري المصري.
"العين الرياضية" تابعت الظاهرة، واستطلعت آراء خبراء الكرة في تونس بخصوص أسبابها وانعكاساتها المحتملة على الكرة التونسية خلال الفترة المقبلة.
عدد قياسي
ارتفع عدد اللاعبين التونسيين الناشطين في دوري الدرجة الأولى في مصر إلى 13 لاعبا، وباتوا بالتالي يشكلون ثاني أكثر جنسية ممثلة في المسابقة.
وشهد الميركاتو الحالي انضمام 7 لاعبين جدد للدوري المصري، وهم زياد بوغطاس الوافد الجديد على فريق إنبي، فضلا عن هيثم الجويني ووسيم النغموشي المنضمين حديثا إلى المقاولون العرب، بالإضافة لإيهاب المباركي الذي تعاقد مع وادي دجلة.
وهناك أيضا رفيق الكامرجي اللاعب الجديد للإنتاج الحربي، ومحمد الحبيب يكن المنتقل مؤخرا إلى الجونة، بجانب حمزة المثلوثي الذي انضم في بداية الميركاتو الصيفي إلى الزمالك وصيف المسابقة.
وينشط 6 لاعبين تونسيين آخرين في مصر، وهم علي معلول مع الأهلي، وفرجاني ساسي مع الزمالك، وسيف الدين الجزيري مع المقاولون العرب، فضلا عن فخر الدين بن يوسف مع الإسماعيلي، وعمر العيوني مع بيراميدز ، بالإضافة لرفيق كابو مع وادي دجلة ثم سموحة،
معلول وساسي
تألق النجمان الدوليان علي معلول وفرجاني ساسي بشكل كبير، طوال السنوات الأخيرة، تباعا مع الأهلي والزمالك، وأسهما في فوزهما بعدة ألقاب محلية وقارية.
ولعب معلول دورا كبيرا في فوز "المارد الأحمر" بـ7 ألقاب منذ انضمامه للفريق في عام 2016، وهي الدوري المصري في 4 مناسبات، فضلا عن كأس مصر في مناسبة وحيدة، وكأس السوبر المحلي مرتين.
ساسي، من جهته، شكل أحد أبرز المساهمين في العودة القوية "للقلعة البيضاء" على الساحتين المحلية والخارجية، حيث فاز معه ب5 ألقاب، وهي كأس مصر، وسوبر مصر، فضلا على السوبر المصري السعودي والسوبر الأفريقي، بالإضافة لكأس الكونفدرالية الأفريقية.
ويجمع خبراء الكرة في تونس على أن نجاح معلول وساسي أدى لتثمين "المنتوج التونسي" في الدوري المصري.
ويقول الهادي الجبنياني، الإعلامي بـ"راديو الشباب" و"التلفزيون التونسي" ، في هذا الصدد: "بكل تأكيد نجاح فرجاني ساسي وعلي معلول تباعا مع الزمالك والأهلي أسهم في ارتفاع أسهم اللاعبين التونسيين الذين باتوا مطلوبين من قبل معظم الأندية المصرية".
ويشاطره الرأي أحمد عدالة، الصحفي التونسي ومدير موقع "كوتشينج فوت" الذي اعتبر أن "تجربة ساسي ومعلول الناجحة مع الزمالك والأهلي، وبدرجة أقل تجربة سيف الدين الجزيري مع المقاولون العرب، شجعت اللاعبين التونسيين على الانتقال للدوري المصري بحثا عن تحسين مستوياتهم الفني".
وأضاف: "يأتي ذلك أيضا في ظل توافر ظروف عمل مميزة، عكس ما يحصل حاليا في الدوري التونسي، الذي تراجع مستواه بشكل كبير بسبب ضعف البنية التحتية وإفلاس معظم الأندية".
يوسف الزواوي، المدرب الأسبق لفريق الترجي التونسي ومنتخب تونس، يرى هو الآخر أن نجاح معلول وساسي لعب دورا كبيرا في جعل اللاعبين التونسيين مطلوبين في مصر، بحكم الإضافة الكبيرة التي قدماها لعملاقي كرة القدم المصرية.
عوامل أخرى
خبراء الكرة التونسية أجمعوا على تواجد عوامل أخرى أدت لحصول هجرة جماعية للاعبين المحليين نحو الدوري المصري خلال السنتين الأخيرتين بشكل خاص.
وفي هذا الصدد، اعتبر الصحفي التونسي الهادي الجبنياني أن "العامل المادي لعب دورا كبيرا في هروب اللاعبين التونسيين نحو الدوري المصري، بحكم معاناة الأندية التونسية من مشاكل مالية كبيرة جعلتها عاجزة عن الإيفاء بتعهداتها تجاه اللاعبين"
الإعلامي التونسي أحمد عدالة رصد هو الآخر عوامل أخرى، تضاف للجانب المادي، حيث قال بخصوص هذا الموضوع: "تونس تعاني من مشاكل كبيرة في البنية التحتية وهو ما انعكس على المستويات الفنية ومنع اللاعبين من تطوير أدائهم، وبالتالي هم يفضلون اللعب في الدوري المصري الذي يوفر ضمانات أفضل من الناحية الرياضية".
وتابع: "هناك مسألة أخرى مهمة تتمثل في مصداقية الأندية المصرية التي تحترم تعهداتها المالية مع اللاعبين، عكس معظم الأندية التونسية التي تعجز عن خلاص لاعبيها في مستحقاتهم بسبب معاناتها من أزمات مادية كبيرة".
وأضاف: "هناك أيضا تغطية إعلامية كبيرة للدوري المصري مما يسمح للاعبين بالتمتع بحيز إعلامي مهم، وهو أمر لا يتوفر في تونس بحكم ضعف التغطية الإعلامية للمسابقات المحلية بشكل خاص".
وأتم: "يتواجد عامل آخر مهم للغاية شجع اللاعبين التونسيين على الاحتراف في الدوري المصري يتمثل في عدم تواجد منظومة كاملة للتسويق الرياضي في تونس مما يحد من طموحاتهم الرياضية، عكس ما يحصل في مصر أين تتواجد منظمة كاملة ومحترفة تساعد اللاعبين على إنجاح مسيرتهم الاحترافية".
انعكاسات محدودة على الكرة التونسية
يجمع خبراء الكرة التونسية على أن هذه الهجرة الجماعية للاعبين التونسيين نحو الدوري المصري ليست لها انعكاسات خطيرة على الكرة التونسية.
ويقول الإعلامي الهادي الجبنياني في هذا الصدد: "لا أعتقد أن رحيل هؤلاء اللاعبين سيؤثر بشكل سلبي على الكرة التونسية، باعتبار أن مسألة تعويضهم لن تكون صعبة في ظل تصعيد معظم الأندية للاعبين الشباب من أصحاب الإمكانات المميزة".
ويشاطره الرأي الصحفي أحمد عدالة الذي قال: "باستثناء ساسي ومعلول وفخر الدين بن يوسف، باقي اللاعبين ليسوا مؤثرين بشكل كبير في الدوري التونسي، فأغلبهم لاعبون فشلوا في فرض أنفسهم مع الأندية الكبرى".
وتابع: "أسوق في هذا الصدد مثال رفيق كابو، الذي كان أبرز لاعب في الاتحاد المنستيري موسم 2018-2019 والذي لعب في الموسم المنقضي مع وادي دجلة المصري، فخروج هذا الأخير لم يمنع المنستيري من الفوز بلقب النسخة الأخيرة من كأس تونس".
وأتم: "لا يمكن مقارنة هجرة اللاعبين التونسيين نحو مصر بتلك التي قام بها النجوم الجزائريون نحو تونس لعدة اعتبارات، أبرزها أن العدد أقل بكثير، فضلا عن كون الأندية التونسية استقدمت أفضل نجوم الدوري الجزائري، عكس الأندية المصرية لم تستقدم نجوم الصف الأول في الدوري التونسي".
aXA6IDE4LjIyNS45NS4yMjkg جزيرة ام اند امز