النقابات التونسية.. إرث عمالي في مواجهة التطرف الإخواني
سر العداء التاريخي بين الإخوان والفاعل النقابي هو التباين بين شق يريد تخليص البلاد من التطرف، وآخر يريدها أحد أجنحة التنظيم الدولي
تستعيد الذاكرة التونسية في اليوم العالمي للعمال ما أنجزه الاتحاد العام للشغل (أكبر منظمة نقابية)، خلال مواجهة التطرف ومشاريع الإخوان الإرهابية في السنوات الأخيرة.
محاولات بغريزة "التدمير" الإخواني لكل ما هو مختلف عن آرائهم وتوجهاتهم المتطرفة، طبقا لرأي العديد من نشطاء العمل النقابي في تونس.
ووفق مراقبين فإن الاتحاد العام التونسي للشغل، الحاصل على جائزة نوبل للسلام سنة 2015، يقيم هذه الاحتفالية العمالية وسط تهديدات تطال قياداته، وحملة تحريض ضد المنظمة التي تمثل جدار الصد الأول لكل تمدد إخواني في البلاد.
ولم ينف قيادات المنظمة النقابية أن حركات الإسلام السياسي تقف وراء محاولات ضرب الأسس الرمزية لاتحاد الشغل، وذلك من خلال الدفع بإنشاء منظمات نقابية موازية من أجل أخونة العمل النقابي.
وقالت الباحثة في العلوم السياسية، نرجس بن قمرة، إن هناك ربطا بين استراتيجيات ضرب الاتحاد في تونس وقدرة المنظمة العمالية على إحباط محاولات رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في تغيير ملامح الهوية المجتمعية.
وأشارت قمرة، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إلى دور الاتحاد في إسقاط حكومة الترويكا (الإخوانية) سنة 2013، وإيقاف النزيف الإخواني في تلك الفترة.
واعتبرت أن سر العداء التاريخي بين الإخوان والفاعل النقابي هو التباين الواضح بين شقين: شق من يريد تخليص البلاد من التطرف، وآخر يريد جعل تونس أحد أجنحة التنظيم الدولي للإخوان.
بدوره، أكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، أن المنظمة العمالية التونسية هي البوابة الأولى للدفاع عن مدنية الدولة وعن الحقوق الاجتماعية للعمال وعن موظفي القطاع العام.
وقال، خلال اجتماع عمالي مطلع العام الجاري، إن التجربة التاريخية للمنظمة النقابية منذ تأسيسها سنة 1946 لا تقف على الحياد في القضايا المتعلقة بالإرهاب والتطرف.
واعتبر أن الأصوات التي تريد إخفاء صوت منظمة العمال ستندثر مع مرور الوقت، لأنها ظواهر وقتية، ولأن أهدافها تدميرية لدولة الحريات والعدالة.
من جهته، اعتبر القيادي النقابي، سالم حمودية، أن الذاكرة التونسية ما زالت تحتفظ بالهجمة الإخوانية يوم 4 ديسمبر/كانون الأول 2012، عندما حاول مجموعة من الشباب المتطرف والمنتمي لحركة النهضة الاستيلاء على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل.
وأوضح حمودية، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن محاولة الإخوان كسر شوكة النقابيين فشلت منذ سنة 2013، وبقيت في حدود التهديدات الجانبية والتي ترتقي أحيانًا إلى تهديدات بالقتل.
وقال حمودية إن حملة "ائتلاف الكرامة" مدفوعة الأجر من داعمي الإخوان في المنطقة العربية، مؤكدًا أن الحملات التي تقودها الكتلة ذات التوجه العنيف تهدف إلى إحداث فراغ كامل في تونس من أجل تنفيذ مشاريع الأخونة على الطريقة السودانية في عهد رئيسها المعزول عمر البشير.
ويخوض "ائتلاف الكرامة" (هو كتلة نيابية تدور في فلك حركة النهضة)، حملة تحريضية ضد اتحاد الشغل وصلت إلى حد تكفير قياداته والتحريض ضدهم.
بدوره، قال عبدالقدوس السالمي، أستاذ التاريخ في الجامعة التونسية، إن سر الصراع بين حركات الإسلام السياسي والنقابية هو صراع بين اليمين الديني واليسار النقابي.
وأكد السالمي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن هناك العديد من المحطات التي شهدت مواجهات مباشرة بين الإخوان والنقابيين بمختلف قطاعاتهم، كانت أبرزها "محاولات المتطرفين مهاجمة الجامعات والكليات بالأسلحة البيضاء لقتل رموز اليسار النقابي في سنة 1989".
وأوضح أن قيادات إخوانية مثل عبدالكريم الهاروني رئيس شورى النهضة، وعلى العريض وحمادي الجبالي، شاركوا في عمليات عدائية في ثمانينيات القرن الماضي ضد النقابيين ومنظمة العمال تحت عنوان محاربة "الكفار والمرتدين".
ويعتبر مراقبون أن هذا المسعى الإخواني لكسر البيت النقابي لم يتوقف إلى اليوم، حتى إن العلاقة بين الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل والغنوشي توصف بالعلاقة "الباردة".
والعام الماضي أدت تصريحات الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، في ذكرى العمال الماضية، والتي قال فيها إن "تونس أكبر من أردوغان ومن الإخوان"، إلى توسيع الهوة بين المنظمة العمالية وحركة النهضة.